للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و بالنظر في استنباطات الشيخ محمد رشيد رضا العقدية نجد أنها شملت كل أبواب العقيدة، سواء كان تقريرا لها على منهج أهل السنة والجماعة أو بيانا لأهميتها، أو ردا على مخالفيها، وقد شكلت ثلث استنباطاته، وهذا يدل على شدة عنايته بالعقيدة الصحيحة وتجليتها، ويتضح ذلك من خلال الأوجه التالية:

[الاهتمام بجوانب التوحيد وأقسامه]

• توحيد الربوبية:

ــ مسألة إثبات الوحدانية لله تعالى: عند قوله تعالى {مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [سورة آل عمران: ٣ - ٤]، قال: "وفي هذا وما قبله شيء آخر، وهو الإشعار بأن ما أنزله الله تعالى من الكتب والفرقان يدل على إثبات الوحدانية لله تعالى وتنزيهه عن الولد والحلول أو الاتحاد بأحد أو بشيء من الحوادث" (١).

ـ مسألة دلالة الفطرة: عند قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} [سورة آل عمران: ١٤] قال: "وغفل الجميع عن كون الكلام في طبيعة البشر وبيان حقيقة الأمر في نفسه لا في جزئياته وأفراد وقائعه، فالمراد أن الله - تعالى - أنشأ الناس على هذا وفطرهم عليه" (٢).

ـ مسألة الخلق والفعل: عند قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [سورة آل عمران: ٤٧]، قال: "وعبر هنا بالخلق وفي بشارة زكريا بيحيى بالفعل، وكل منهما خلق وفعل" (٣).

ـ مسألة الإرادة والتكوين: عند قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [سورة آل عمران: ٥٩]، قال: "وخطر لي الآن أنه يجوز أن تكون كلمة التكوين مجموع كن فيكون، والمعنى: ثم قال له كلمة التكوين التي هي عبارة عن توجه الإرادة إلى الشيء ووجوده بها حالا" (٤).

ـ مسألة سنن الله الكونية ودلالتها على الوحدانية: عند قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} [سورة النساء: ٥١]، قال: "وتدل بطريق اللزوم على أن الأمم المغلوبة تكون أقرب إلى الجبت والطاغوت من الأمم الغالبة المنصورة، فليحاسب المسلمون أنفسهم بها وبما في معناها من الآيات" (٥).


(١) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٣/ ١٣٤).
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٣/ ١٩٦).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٣/ ٢٥٣).
(٤) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٣/ ٢٦٣).
(٥) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٥/ ١٢٩).

<<  <   >  >>