وقد اتَّفَقَ الفُقَهاءُ على: أنَّ مَنِ ارتَدَّ من المسلمين أُهدِرَ دَمُه، جاء في المغني:"وأجمع أهل العلم على وُجوبِ قَتْلِ المُرْتَدِّ، ورُوِيَ ذلك عن أبي بكر وعُمَرَ، وَعُثْمانَ وعلي، ومعاذٍ وأبي موسى، وابن عباس وخالد، وغيرهم، ولم يُنْكَر ذلك؛ فكان إجماعًا".
فالمرتد لا يقرُّ بعهد أو جِزْيَةٍ، وإنما يجبُ قَتْلُهُ؛ لأنَّه عَرَفَ فأَنْكَرَ، وأُبْصِرَ فعَمِيَ، وسواءٌ دخل الإسلامَ بالِغًا مُدْرِكًا، أم نَشَأَ فيه صغيرًا.
وإقامة الحَد على المُرتَد ليس لإكراهه على الدُّخول في الدِّين، وإنَّما عقوبة له على كفره برَبِّ العالمين، بعد أن اتَّضَحَت له سبيلُ الهُدى، واستَظلّ بظلِّ الإسلام، وأيقن سَماحَتِه وشموله وصلاحِيَتِه لكلِّ النَّاس، وعَلم أنَّه الدِّينُ الحقُّ المُنَزَّلُ من عند الله، والمنزه عن التحريف والتبديل.
والمرتد معلِنٌ حربًا على الله والإسلام، ورافَعٌ راية الضَّلال، ويدعو إليها المُنفَلتين من الشرائع؛ وهو بهذا مُحارِبٌ للمسلمينَ، يُؤْخَذُ بما يؤخذ به المُحارِبونَ لدِينِ الله
[[الحسد والكراهية سبب لعدم الإيمان والكيد للمؤمنين]]
٧. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: "وعندي أن في الكلام لفا ونشرا مرتبا وهو أن كراهتهم أن يؤتى أحد مثل ما أوتوا هو سبب كيدهم للمؤمنين ليرجعوا وكراهتهم أن يحاجهم بعض المؤمنين عند ربهم هو سبب كتمانهم ذلك عمن لم يتبع دينهم أو عدم الإيمان لهم إذا هم ادعوه، ويشهد لهذا الأخير قوله -تعالى -حكاية عنهم:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ}[سورة البقرة: ٧٦] هذا ما فتح الله علي به وله الحمد"(١).