للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: الاستنباط بدلالة الاقتران]

المقصود بها: الاستدلال بالجمع بين شيئين أو أكثر في سياق واحد على اتحاد في حكمهما (١).

واختلف العلماء في حجية (٢) هذه الدلالة من حيث القوة والضعف، ولذا لم نجد الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- يكثر منها ومن ذلك:

ـ ما قاله -رحمه الله-: عند قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [سورة البقرة: ١٤٣]، "أي وما كان من شأن الله في حكمته ورحمته أن يضيع إيمانكم الباعث لكم على اتباع الرسول في الصلاة والقبلة، فلو كان نسخ القبلة مما يضيع الإيمان بنقضه أو نقصه أو فوت ثواب ما كان قبله لما نسخها"، ثم قال: "فأراد الله أن يبين لهم أنه يتقبل من الصلاة ما كان أثر الإيمان الخالص؛ أي: متى كنتم تصلون إيمانا واحتسابا لا رياء ولا سمعة، فصلاتكم مقبولة؛ لأنها أثر الإيمان الراسخ في القلب المصلح للنفس، فتسمية الصلاة على هذا إيمانا ليس لأنها أعظم أركان الدين، بل للإشارة إلى أن مزيتها في منشئها الباعث عليها من الإيمان والإخلاص، ولذلك يقرن الإيمان دائما بذكر الصلاة والزكاة، فالصلاة آية الإيمان القلبية الخفية؛ لأنها لا تكون آية إلا بإخلاص القلب، والزكاة هي الدليل الحسي الظاهر عليه " (٣).


(١) انظر: منهج الاستنباط، فهد الوهبي ٣٢٧
(٢) انظر: الأشباه والنظائر للسبكي (٢/ ١٩٣)، البحر المحيط في أصول الفقه (٨/ ١٠٩)، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (٢/ ١٩٧)، معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة (ص: ٣٨١).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٢/ ٩).

<<  <   >  >>