للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما تفرد به: عند قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} [سورة التوبة: ٦٨]، قال: "والظاهر من العطف أنه نوع من العذاب نفسي معنوي غير عذاب جهنم الحسي الخاص بها بنوعيه الظاهر والباطن" (١).

ـ مسألة أثر العطف بالواو على المعنى: عند قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [سورة هود: ٩٤]، قال: "ومن دقيق نكت البلاغة في الآيات قوله تعالى في إهلاك مدين هنا: - (ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا - إلخ)، فعطف "لما" على ما قبلها بالواو، ومثله في قوم هود، ولكنه عطفها بالفاء في قصة ثمود (٦٦)، وقصة قوم لوط، ووجه هذا الأخير أن الآيتين جاءتا عقب الإنذار بالعذاب واستحقاقه وحلول موعده فعطفتا بالفاء الدالة على التعقيب، أما الثاني ففيه وعيد مسوف فيه مقرون بالارتقاب لا الاقتراب، فلا يناسب العطف عليه الفاء التي تفيد التعقيب بدون انفصال، فهل تصادف مثل هذه الدقائق اللغوية اللغوية في غير القرآن؟ " (٢).

ـ مسألة العطف على محذوف: عند قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة يونس: ١٠٣]، قال: "هذا التعبير من أعجب إيجاز القرآن المعجز الذي انفرد به في العطف على محذوف، وهو ذكر شيء يدل دلالة واضحة على أمر عام كسنة اجتماعية تستنبط من قصة أو قصص واقعة، ثم يأتي بجملة معطوفة لا يصح عطفها على ما قبلها من الجمل، فيتبادر إلى الذهن وجوب عطفها على ذلك الأمر العام، بحرف العطف المناسب للمقام، بحيث يستغنى به عن ذكره" (٣).

• ومما استنبطه الشيخ أثر الجملة الفعلية على المعنى، وذكر فيها عدة مسائل منها:

ـ مسألة دلالة الأفعال وأثرها على المعنى: عند قوله تعالى: {كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} [سورة المائدة: ٧٠]، قال: "والتعبير عن القتل بالمضارع مع كونه كالتكذيب وقع في الماضي نكتته تصوير جرم القتل الشنيع واستحضار هيئته المنكرة كأنه واقع في الحال للمبالغة في النعي عليهم والتوبيخ لهم. فقد أفادت الآية أنهم بلغوا من الفساد واتباع أهوائهم أخشن مركب وأشده تقحما بهم في الضلال حتى لم يعد يؤثر في قلوبهم وعظ الرسل وهديهم، بل صار يغريهم بزيادة الكفر والتكذيب وقتل أولئك الهداة الأخيار (٤).


(١) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١٠/ ٤٦٢).
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١٢/ ١٢٤).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١١/ ٣٩٧).
(٤) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٦/ ٣٩٨).

<<  <   >  >>