للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الهدف من كتابة هذا التفسير]

كان الشيخ محمد رشيد رضا يسعى لإيجاد تفسير يقوم على أساس التجديد والإصلاح ويفي بحاجات العصر وهذا ما يفهم من كلامه -رحمه الله- في مقدمة تفسيره حيث يقول: "وكان أول اقتراح لي عليه أن يكتب تفسيرا للقرآن ينفخ فيه من روحه التي وجدنا روحها ونورها في مقالات "العروة الوثقى" الاجتماعية العامة، فقال: إن القرآن لا يحتاج إلى تفسير كامل من كل وجه، فله تفاسير كثيرة أتقن بعضها ما لم يتقنها بعض، ولكن الحاجة شديدة إلى تفسير بعض الآيات، ولعل العمر لا يتسع لتفسير كامل.

فاقترحت عليه أن يقرأ درسا في التفسير، ثم اقترحت عليه أن يكتب تفسيراً يقتصر فيه على حاجة العصر، ويترك كل ما هو موجود في كتب التفسير السابقة، ويبين ما أهملوه فيها، غير أنَّ محمد عبده رفض هذا الاقتراح أيضاً محتجاً أنَّ الكتب لا تفيد القلوب العُمي، إذا وصل لأيدي هؤلاء العلماء كتابٌ فيه غير ما يعلمون، لا يعقلون المراد منه، وإذا عقلوا منه شيئاً يردونه، ولا يقبلونه، وإذا قبلوه حرَّفوه إلى ما يوافق علمهم ومشربهم، كما جروا عليه في نصوص الكتاب والسنة التي نريد بيان معناها الصحيح، وما تفيده، -ولم يزل يقنعه بقوله-: إن الزمان لا يخلو ممنْ يقدِّر كلام الإصلاح قدره، وإن كانوا قليلين، وسيزيد عددهم يوماً فيوما، فالكتابة تكون مرشداً لهم في سيرهم، وإنَّ الكلام الحق، وإنْ قلَّ الآخذ به، والعارف بشأنه لا بدَّ أن يُحفظ، وينمو بمصادفة المباءة المناسبة له، حتى أقنعه" (١).

[اسم الكتاب]

(تفسير القرآن الحكيم)، واشتهر (بتفسير المنار) نسبة للمجلة التي كان يُنشر فيها، حيث كان الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- يدوّن ما يسمعه من التفسير ويرتِّبه، ثم ينشره في "مجلة المنار" التي صدر المجلد الأول منه سنة ١٣٤٦ هـ -١٩٢٨ م، في طبعته الأولى، منها خمسة مجلدات أولى هي من تفسير الأستاذ الإمام محمد عبده، وقد بدأ الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- تجريد التفسير من مجلة المنار في حياة الشيخ محمد عبده ولم يطبعه إلا بعد وفاته.

وقد استهدفت عملية التجريد ما احتواه المجلد الثالث من المنار، بداية من سورة الفاتحة واستمر إلى حدود بداية المجلد العاشر عند الآية ١٢٥ من سورة النساء (٢).

ويقع في اثني عشر مجلداً ابتداء بتفسير سورة الفاتحة وانتهاء بالآية الثانية والخمسين من سورة يوسف، والتفسير مطبوع ومتداول (طبعته دار المعرفة في بيروت)، وقد جاء في مقدمات أجزائه: " (تفسير سلفي أثري، مدني عصري، إرشادي اجتماعي، سياسي) وهو التفسير الوحيد الجامع بين صحيح المأثور وصريح المعقول وتحقيق الفروع والأصول، وحل جميع مشكلات الدين ودحض شبهات الماديين والجاحدين، وإقامة حجج الإسلام" (٣).


(١) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١/ ١٢ - ١٣).
(٢) تفكير محمد رشيد رضا من خلال مجلة المنار ٦٨.
(٣) انظر: علوم التفسير، د. عبد الله شحاته، دار الشروق، القاهرة، ط ١، ١٤٢١ هـ، ص ٣٩

<<  <   >  >>