للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال البيضاوي: "وصاكم به بحفظه، لعلكم تعقلون ترشدون فإن كمال العقل هو الرشد" (١).

قال أبو حيان: "ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون أشار إلى جميع ما تقدم وفي لفظ وصاكم من اللطف والرأفة وجعلهم أوصياء له تعالى ما لا يخفى من الإحسان، ولما كان العقل مناط التكليف قال تعالى: لعلكم تعقلون أي فوائد هذا التكاليف ومنافعها في الدين والدنيا والوصاة الأمر المؤكد المقرر" (٢).

قال أبو السعود: " {ذلكم} إشارة إلى ما ذكر من التكاليف الخمسة وما في ذلك من معنى البعد للإيذان بعلو طبقاتها من بين التكاليف الشرعية وهو مبتدأ وقوله تعالى {وصاكم به} أي أمركم به ربكم أمرا مؤكدا خبره والجملة استئناف جيء به تجديدا للعهد وتأكيدا لإيجا بالمحافزظة على ما كلفوه ولما كانت الأمور المنهي عنها مما تقضي بديهة العقول بقبيحها فصلت الآية الكريمة بقوله تعالى {لعلكم تعقلون} أي تستعملون عقولكم التي تعقل نفوسكم وتحبسها عن مباشرة القبائح المذكورة" (٣)، ومثله ابن عاشور (٤) وزاد: "وقوله: لعلكم تعقلون رجاء أن يعقلوا، أي يصيروا ذوي عقول لأن ملابسة بعض هذه المحرمات ينبئ عن خساسة عقل، بحيث ينزل ملابسوها منزلة من لا يعقل، فلذلك رجي أن يعقلوا".

قال السعدي: " {ذَلِكُمْ} المذكور {وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} عن الله وصيته، ثم تحفظونها، ثم تراعونها وتقومون بها. ودلت الآية على أنه بحسب عقل العبد يكون قيامه بما أمر الله به" (٥).

وجاء في بحث استنباطات السعدي: "أن الله بعد أن بين هذه المحرمات بين أن العقل يدل على النفور منها وأن في استخدام العقل كفاية في بيان حرمتها وعدم الوقوع فيها لتمييز العقل بين الضار والنافع، فأخذ من عموم المعنى ان المتمثل لأمر الله صاحب عقل وعلى قدر امتثاله يكون عقله" (٦).

[النهي عن قرب مال اليتيم قطعٌ لشبهات المتأولين والطامعين فيه]

قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١٥٢)} [سورة الأنعام: ١٥٢]


(١) أنوار التنزيل وأسرار التأويل (٢/ ١٨٩).
(٢) البحر المحيط في التفسير (٤/ ٦٨٨).
(٣) إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (٣/ ١٩٩).
(٤) التحرير والتنوير (٨ - أ/ ١٦٢).
(٥) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (١/ ٢٧٩).
(٦) انظر: استنباطات السعدي (٥١٨).

<<  <   >  >>