للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التمهيد

بيان مفهوم الاستنباط، والفرق بينه وبين التفسير

أولاً: الاستنباط في اللغة:

تدورُ مادَّةُ (نَبَطَ) (النون والباء والطاء) على أصلٍ واحدٍ، وهو استخراجُ شيءٍ (١)، والألف والسين والتاء في استنبط تدلُّ على تطلُّبِ الشيءِ لأجلِ حصولِه، وكأنَّ فيها معنى التَّكلُّفِ في إعمالِ العقلِ الذي يحتاجُه المستنبطُ حال الاستنباط (٢)، وهو استفعالٌ من أَنْبَطْتُ كذا (٣)، ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ} [سورة النساء: ٨٣] أي: "لعلم ذلك الأمر الذين يستخرجونه ويُظهرون مخبّأه منهم" (٤).

ويقال: استنبطت الركية: إذا استخرجت ماءها، ونبطتها أنبطها، والنبط الماء المستنبط من الأرض، ومنه قول الشاعر (٥):

قريب ثراه ما ينال عدوه … له نبطا آبي الهوان قطوب

يعني بالنبط: الماء المستنبط.

وأصله من النَّبْط: وهو الماء الذي يخرج من البئر، وهو الماء أول ما تحفر.

ويطلق كذلك على ما يُتَحَلَّب من الجبل، كأنه عَرَقٌ يخرج من أعراض الصخور (٦).

ومنه سُمي النَّبَط - قوم بسواد العراق- من ولد نُبيط بن هاشم بن أميم بن لاوذ بن سام بن نوح؛ سمي بذلك لأنه فيما يقال: أول من استنبط المياه (٧).


(١) مقاييس اللغة، (٥: ٣٨١)، والعباب الزاخر واللباب الفاخر، (حرف الطاء: ٢٠٨).
(٢) مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر، ١٥٩.
(٣) المفردات في غريب القرآن ٧٨٨.
(٤) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٥/ ٢٤٣).
(٥) شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، (١٠/ ٦٤٥٧).
(٦) تهذيب اللغة، (١٣/ ٢٤٩)، المحيط في اللغة: (٢/ ٣٢٦)، كتاب العين (٧/ ٤٣٩).
(٧) كتاب العين: (٧/ ٤٣٩)، معجم مقاييس اللغة لابن فارس: (٥/ ٣٨١).

<<  <   >  >>