للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن سعدي: " {ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم} أي: كسوتموها أسماء، سميتموها آلهة، وهي لا شيء، ولا فيها من صفات الألوهية شيء، {ما أنزل الله بها من سلطان} بل أنزل الله السلطان بالنهي عن عبادتها وبيان بطلانها، وإذا لم ينزل الله بها سلطانا، لم يكن طريق ولا وسيلة ولا دليل لها، لأن الحكم لله وحده، فهو الذي يأمر وينهى، ويشرع الشرائع، ويسن الأحكام، وهو الذي أمركم {أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم} أي: المستقيم الموصل إلى كل خير، وما سواه من الأديان، فإنها غير مستقيمة، بل معوجة توصل إلى كل شر" (١).

وقال ابن عاشور: "وجملة إن الحكم إلا لله إبطال لجميع التصرفات المزعومة لآلهتهم بأنها لا حكم لها فيما زعموا أنه من حكمها وتصرفها، وجملة أمر ألا تعبدوا إلا إياه انتقال من أدلة إثبات انفراد الله تعالى بالإلهية إلى التعليم بامتثال أمره ونهيه، لأن ذلك نتيجة إثبات الإلهية والوحدانية له، فهي بيان لجملة إن الحكم إلا لله من حيث ما فيها من معنى الحكم، وجملة ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون خلاصة لما تقدم من الاستدلال، أي ذلك الدين لا غيره مما أنتم عليه وغيركم" (٢)، ومثله قال أبو زهرة (٣).

الحمد لله حمدا يليق بجلاله وعظيم سلطانه، على ما منّ به عليّ، من إتمام هذا البحث الذي عشت معه سنوات، تعلمت وأفدت منه الشيء الكثير.

و من أبرز نتائج هذا البحث:

١. التعرف على شخصية علمية فذة، سخرت نفسها لخدمة الإسلام والمسلمين، ألا وهو الشيخ محمد رشيد رضا الحسيني رحمه الله تعالى، الذي حمل على عاتقة لواء الإصلاح في كل مكان، والتعرف على مراحل حياته والمدارس التي أثرت فيه.

٢. من خلال هذا البحث تبين منهج الشيخ محمد رشيد رضا العقدي، وذلك من خلال محاربته للبدع والانحرافات العقدية المنتشرة في وقته.

٣. نبوغ الشيخ محمد رشيد رضا في علوم مختلفة أثرت عليه وعلى مؤلفاته، كعلوم الفقه وأصوله، وعلوم اللغة، وغيرها من العلوم.

٤. اهتمامه بالعلوم الحديثة كعلم الاجتماع وعلم التاريخ وغيرها من العلوم التي استحدثت ولها أهمية كبرى في التقدم والتطور.

٥. من خلال البحث تبين أن تفسير المنار مر بمرحلتين:

ـ مرحلة التلقي؛ من الشيخ محمد عبده ثم التحرير والكتابة من الشيخ محمد رشيد رضا وإضافة بعض التعليقات منه.


(١) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص: ٣٩٨).
(٢) التحرير والتنوير (١٢/ ٢٧٧).
(٣) زهرة التفاسير (٧/ ٣٨٢٥).

<<  <   >  >>