للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الزمخشري: "حث على العفو، وأن لا يجهر أحد لأحد بسوء وإن كان على وجه الانتصار، بعد ما أطلق الجهر به وجعله محبوبا، حثا على الأحب إليه والأفضل عنده والأدخل في الكرم والتخشع والعبودية، وذكر إبداء الخير وإخفاءه تشبيبا - تشبيها- للعفو، ثم عطفه عليهما اعتدادا به وتنبيها على منزلته، وأن له مكانا في باب الخير وسيطا، والدليل على أن العفو هو الغرض المقصود بذكر إبداء الخير وإخفائه قوله فإن الله كان عفوا قديرا أى يعفو عن الجانين مع قدرته على الانتقام، فعليكم أن تقتدوا بسنة الله" (١)، ومثله البيضاوي، والنسفي، وأبو حيان (٢).

قال ابن عطية: "لما ذكر تعالى عذر المظلوم في أن يجهر بالسوء لظالمه، أتبع ذلك عرض إبداء الخير وإخفائه، والعفو عن السوء، ثم وعد عليه بقوله فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً وعدا خفيا تقتضيه البلاغة ورغب في العفو إذ ذكر أنها صفته مع القدرة على الانتقام" (٣) ومثله القرطبي (٤).

وأوضح الرازي الوجوه في قوله (فإن الله كان عفوا قديرا) فقال: (الأول: أنه تعالى يعفو عن الجانبين مع قدرته على الانتقام، فعليكم أن تقتدوا بسنة الله تعالى.

الثاني: إن الله كان عفوا لمن عفا، قديرا على إيصال الثواب إليه.

الثالث: إن الله تعالى أقدر على عفو ذنوبك منك على عفو صاحبك) (٥)، ومثله أبو السعود (٦).

[الكفر ملة واحدة فاستحقوا جزاءً واحدا]

قال تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١)} [سورة النساء: ١٥١]

٢٧. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: "وأعتدنا للكافرين، منهم ومن غيرهم، وهذه هي نكتة وضع المظهر موضع الضمير؛ إذ قال: للكافرين ولم يقل "لهم" عذابا مهينا أي ذا إهانة تشملهم فيه المذلة والضعة" (٧).


(١) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (١/ ٥٨٢).
(٢) أنوار التنزيل وأسرار التأويل (٢/ ١٠٦)، مدارك التنزيل وحقائق التأويل (١/ ٤١٠)، البحر المحيط في التفسير (٤/ ١١٩).
(٣) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٢/ ١٣٠).
(٤) الجامع لأحكام القرآن (٦/ ٤).
(٥) مفاتيح الغيب (١١/ ٢٥٤) بتصرف.
(٦) إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (٢/ ٢٤٨).
(٧) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٦/ ٨).

<<  <   >  >>