للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن أشار إلى هذا المعنى ابن جرير -رحمه الله- في تفسيره حيث بين أن النهي من الله للمؤمنين عن قول كلمة "راعنا" أنها كلمة كره الله أن تقال لنبيه -صلى الله عليه وسلم- فأمرهم بقول كلمة فيها توقير وتعظيم (١).

وقيل: كان هذا النهي نهي عن كل ما يكون فيه استواء مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فنهوا عن مخاطبته بما يوهم شيئاً من الغض مما يستحقه من التعظيم والتلطف في القول وأدبه، وابتعادا عن سوء الظن، كما قال ابن كثير، وأبو حيان، والقرطبي، والشوكاني، وابن عثيمين (٢).

وقال ابن مفلح (٣): "قال ابن حزم قبل السبق والرمي في الإجماع: اتفقوا على إيجاب توقير أهل القرآن والإسلام والنبي -صلى الله عليه وسلم- وكذلك الخليفة والفاضل والعالم" (٤).

[[خطر فتنة الشبهات على عقيدة المسلم]]

قال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩)} [سورة البقرة: ١٠٩]

١٢. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: "هذه الآية وما بعدها إشارة إلى أن لذلك بعض الأثر في نفوس بعض المسلمين، وفائدة هذا التنبيه أو التنبيهات أن يعلم المسلمون أن ما يبدو من أهل الكتاب أحيانا من إلقاء الشبه على الإسلام وتشكيك المسلمين فيه، إنما هو مكر السوء، يبعث عليه الحسد لا النصح الذي يبعث عليه الاعتقاد" (٥).


(١) جامع البيان (٢/ ٤٦٣ - ٤٦٤).
(٢) تفسير القرآن العظيم (١/ ٣٧٣ - ٣٧٤)، البحر المحيط (١/ ٢٩١)، الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٦٠)، فتح القدير (١/ ١٥٧)، تفسير القرآن للعثيمين (٣/ ٢٥٢).
(٣) محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج القاقوني الفقيه الحنبلي، كان بارعا فاضلا متقنا في علوم كثيرة، له كتاب الفروع، والمبدع على المقنع، وعلق على المنتقى، توفي سنة ٧٦٣، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (٦/ ١٤)، الأعلام للزركلي (٧/ ١٠٧).
(٤) الآداب الشرعية (٢/ ٤٧).
(٥) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١/ ٣٤٦).

<<  <   >  >>