للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الدراسة]

استنبط الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- استنباطا عقديا، في باب العلم، في مسألة مدح الفقه وإعمال العقل، وذم التقليد وأنه الداء المورث للجهل والفساد، بدلالة تضمن.

وجه الاستنباط: بينت الآية حال من عطل عقله وأعرض عن النظر في الأدلة والبراهين، واتخذ من تقليد الآباء منهجا له، فحكم الله عليه بالسفه، الذي من نتائجه الحتمية التقليد المورث للجهل والفساد، وعدم اتباع الرسل والبعد عن عن الطريق الصحيح، وهذا كان حال أهل الكتاب، أما أهل الإيمان فقد أعملوا العقل، فعزهم الله وهداهم إلى الصراط المستقيم.

وقد أشار جمع من المفسرين إلى قضية التقليد الأعمى وأنه سبب للجهل والفساد، منهم الإمام ابن جرير فقال: "يعني بقوله جل ثناؤه: "سيقول السفهاء"، سيقول الجهال "منَ الناس"، وهم اليهود وأهل النفاق.

وإنما سماهم الله عز وجل"سُفهاء"، لأنهم سَفِهوا الحق، فتجاهلت أحبارُ اليهود، وتعاظمت جهالهم وأهل الغباء منهم، عن اتِّباع محمد -صلى الله عليه وسلم-، إذ كان من العرب ولم يكن من بني إسرائيل، وتحيّر المنافقون فتبلَّدوا" (١).

وقال بعض المفسيرين: إن القادحين في تحويل القبلة هم ممن استمهنوا التقليد الأعمى والإعراض عن التدبر والنظر من أشقياء المعتادين للخوض في فنون الفساد من الطوائف الثلاث (٢).

[[اشتراط الصبر لتحقق معية الله الخاصة]]

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣)} [سورة البقرة: ١٥٣]

٢٠. قال الشيخ -رحمه الله-: " قال: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) ولم يقل معكم، ليفيد أن معونته إنما تمدهم إذا صار الصبر وصفا لازما لهم، وقالوا: إن المعية هنا معية المعونة، فالصابرون موعودون من الله تعالى بالمعونة والظفر، ومن كان الله معينه وناصره فلا يغلبه شيء" (٣).


(١) جامع البيان في تأويل أي القرآن (٣/ ١٢٩).
(٢) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (١/ ١٩٨)، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (١/ ٢١٨)، مفاتيح الغيب (٤/ ٩٦)، أنوار التنزيل وأسرار التأويل (١/ ١١٠)، مدارك التنزيل وحقائق التأويل (١/ ١٣٦)، إرشاد العقل السيلم لمزايا الكتاب العزيز (١/ ٢١٧).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٢/ ٣٠)

<<  <   >  >>