للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخالف في هذا المرجئة (١)، حيث قالوا: إن الإيمان قول وتصديق فقط، بل يجعلون الأعمال إما من مقتضى التصديق أو من واجباته ومن لوازمه (٢).

وعليه فإن أهل النجاة والفوز، هم أهل الإيمان والعمل الصالح الموافق للشريعة (٣).

قال ابن عثيمين: "قوله تعالى: {وعملوا الصالحات} أي عملوا الأعمال الصالحات؛ والعمل يصدق على القول، والفعل؛ وليس العمل مقابل القول؛ بل الذي يقابل القول: الفعل؛ وإلا فالقول والفعل كلاهما عمل؛ لأن القول عمل اللسان، والفعل عمل الجوارح"، ثم قال: "ومن فوائد الآية: أن الإيمان وحده لا يكفي لدخول الجنة؛ بل لا بد من عمل صالح، وأن العمل وحده لا يكفي حتى يكون صادراً عن إيمان؛ لقوله تعالى: {آمنوا وعملوا الصالحات} ولذلك لم ينفع المنافقين عملهم؛ لفقد الإيمان في قلوبهم" (٤).

[[التوحيد يتحقق بإفراد الله بالعبادة والنهي عن الشرك]]

قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (٨٣)} [سورة البقرة: ٨٣].

١٠. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: "وهذا النهي عن عبادة غير الله مستلزم للأمر بعبادته - تعالى - ولم يصرح به؛ ولأنهم كانوا يعبدون الله، وإنما يخشى عليهم الشرك به كما وقع منهم في بعض الأجيال ومن غيرهم من الشعوب، فالأصل الأول لدين الله على ألسنة جميع رسله هو أن يعبد الله وحده، ولا يشرك به عبادة أحد سواه من ملك ولا بشر ولا ما دونهما بدعاء ولا بغيره من أنواع العبادة، كما قال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [سورة النساء: ٣٦]، فالتوحيد لا يحصل إلا بالجمع بين الأمرين" (٥).


(١) المرجئة ثلاثة أصناف: القسم الأول: الذين يقولون الإيمان مجرد ما في القلب ثم من هؤلاء من يدخل فيه أعمال القلوب وهم أكثر فرق المرجئة، ومنهم من لا يدخلها في الإيمان كجهم ومن اتبعه، والقسم الثاني: من يقولون هو مجرد قول اللسان وهذا لا يعرف لأحد قبل الكرامية، والقسم الثالث: من يقولون هو تصديق القلب وقول اللسان، وهذا هو المشهور عن أهل الفقه والعبادة منهم، كتاب الإيمان الكبير (١/ ١٠٢)، الفرق بين الفرق (ص ١٩).
(٢) شرح العقيدة الواسطية، الغنيمان (٢٧/ ٤)
(٣) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (١/ ٥٧)، تفسير القرآن العظيم (١/ ٣١٥).
(٤) تفسير القرآن ابن عثيمين (٣/ ١٩٢) (٣/ ١٩٤).
(٥) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١/ ٣٠٣)

<<  <   >  >>