للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[استنباطات سورة يونس]

[[ذكر ما ينفع بيانه وتقريره والإعراض عن سخيف القول منهج قرآني]]

قال تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥)} [سورة يونس: ١٥]

١. قال الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله-: "في الآية التفات عن خطاب هؤلاء الموعوظين إلى الغيبة عنهم، وتوجيه له إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأسلوب الالتفات في القرآن كثير جدا، ويظهر في هذه الآية أن نكتة حكاية هذا الاقتراح السخيف بأسلوب الإخبار عن قوم غائبين إفادة أمرين: (أحدهما) إظهار الإعراض عنهم كأنهم غير حاضرين؛ لأنهم لا يستحقون الخطاب به من الله تعالى، (ثانيهما) تلقينه -صلى الله عليه وسلم- الجواب عنه بما ترى من العبارة البليغة التأثير" (١).

[الدراسة]

استنبط الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- استنباطا عقديا، في باب الدعوة، في مسألة ذكر ما ينفع بيانه وتقريره والإعراض عن سخيف القول منهج قرآني، بدلالة المفهوم.

وجه الاستنباط: في تصوير هذا المشهد والانتقال من أسلوب إلى أسلوب في الخطاب له دلالة، وخاصة على هؤلاء المنكرين لأن فيه توبيخاً وتحقيراً لشأنهم كأنهم غير حاضرين هذه المجادلة، وهذا أسلوب من أقوى أساليب التوبيخ، وفيه انتقال إلى ما ينفع ذكره ويفيد بيانه وتقريره، بدلا من سخيف القول والإسفاف الذي جادلوا به.


(١) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١١/ ٢٦١).

<<  <   >  >>