للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الألوسي: "لا تستبعدوا تملكه عليكم لفقره، أما أولا فلأن ملاك الأمر هو اصطفاء اللّه تعالى وقد اصطفاه واختاره وهو سبحانه أعلم بالمصالح لكم، وأما ثانيا فلأن العمدة وفور العلم ليتمكن به من معرفة الأمور السياسية، وجسامة البدن ليكون أعظم خطرا في القلوب وأقوى على كفاح الأعداء ومكابدة الحروب لا ما ذكرتم وقد خصه اللّه تعالى بحظ وافر منهم، وأما ثالثا فلأنه تعالى مالك الملك على الإطلاق وللمالك أن يمكن من شاء من التصرف في ملكه بإذنه، وأما رابعا فلأنه سبحانه واسع الفضل يوسع على الفقير فيغنيه عَلِيمٌ بما يليق بالملك من النسيب وغيره، وفي تقديم البسطة في العلم على البسطة في الجسم إيماء إلى أن الفضائل النفسانية أعلى وأشرف من الفضائل الجسمانية" (١).

قال ابن عاشور: "أعلمهم نبيهم أن الصفات المحتاج إليها في سياسة أمر الأمة ترجع إلى أصالة الرأي، وقوة البدن، وقدم النبي في كلامه العلم على القوة لأن وقعه أعظم، ولم يجيبهم نبيهم عن قوله: {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ} اكتفاء بدلالة اقتصاره على قوله: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ}؛ فإنه يبسطه العلم وبالنصر يتوافر له المال، ولأن الملك ولو كان ذا ثروة، فثروته لا تكفي لإقامة أمور المملكة ولهذا لم يكن من شرط ولاة الأمور من الخليفة فما دونه أن يكون ذا سعة" (٢).

قال ابن عثيمين: "إن الملك تتوطد أركانه إذا كان للإنسان مزية في حسبه، أو نسبه، أو علمه" (٣).

[[أسباب تحصيل السعادة والحياة الطيبة ذاتية داخلية]]

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤)} [سورة البقرة: ٢٥٤]

٥٠. قال الشيخ محمد رشيد -رحمه الله-: "إن السعادة الدنيوية الحقيقية التي يعرفها الشرع ويؤيده الاختبار والعقل، هي في الأنفس لا في الآفاق؛ أعني أنها لا تنال بإسعاد الأخلاء، ولا بشفاعة الشفعاء، إنما العمدة فيها على اعتدال النفس في أخلاقها وأعمالها، وصحة عقائدها ومعارفها، ويتبع هذا في الغالب صحة الجسم، وسهولة طرق الرزق، والسلامة من الخرافات والأوهام التي تفتك بالعقول والأجسام" (٤).


(١) روح المعانى (١/ ٥٥٨).
(٢) التحرير والتنوير (٢/ ٤٦٨).
(٣) تفسير القرآن للعثيمين (٥/ ١٦٨).
(٤) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٣/ ١٦).

<<  <   >  >>