للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ـ وقال -رحمه الله-: عند قوله تعالى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [سورة آل عمران: ١٣٨]، "وإيضاح النكتة في جعل البيان للناس كافة، والهدى والموعظة للمتقين خاصة هو بيان أن الإرشاد عام، وأما كونه هدى وموعظة للمتقين خاصة فهو أنهم هم الذين يهتدون بمثل هذه الحقيقة، ويتعظون بما ينطبق عليهم من الوقائع فيستقيمون على الطريقة، هم الذين تكمل لهم الفائدة والموعظة لأنهم يتجنبون ويتقون نتائج الإهمال التي يظهر لهم أن عاقبتها ضارة، فليزن مسلمو هذا الزمان إيمانهم وإسلامهم بهذه الآيات" (١).

ـ وقال -رحمه الله-: عند قوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [سورة الأنعام: ٥]، "وقد دلت الآية على ما جاء مصرحا به في سورة أخرى من استهزاء مشركي مكة والكلام فيهم بوعد الله ووعيده، وكذا بآياته ورسله، ولا حاجة إلى تقدير ذلك في الكلام، فهو وإن لم يقدر من بدائع إيجاز القرآن" (٢).

ـ وكذا قال -رحمه الله- عند قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [سورة الأنعام: ١٢٣]، "وما يمكر أولئك الأكابر المجرمون الذين يعادون الرسل في عصرهم ودعاة الإصلاح من ورثتهم بعدهم إلا بأنفسهم وكذا سائر من يعادون الحق والعدل والصلاح لبقاء ما هم عليه من الفسق والفساد؛ لأن عاقبة هذا المكر السيئ تحيق بهم في الدنيا والآخرة، أما في الآخرة فالأمر ظاهر والنصوص واضحة، وأما في الدنيا فبما ثبت في الآيات من نصر المرسلين، وهلاك الكافرين المعاندين لهم، ومن علو الحق على الباطل ودمغه له، ومن هلاك القرى الظالمة المفسدة، وبما أيد ذلك من الاختبار، حتى صار من قواعد علم الاجتماع أن تنازع البقاء ينتهي ببقاء الأمثل والأصلح" (٣)، وزاد: "وهذا نص فيما انفردنا بفهمه من أن هذه الآيات بيان لسنن الله تعالى في الاجتماع البشري" (٤)

ومن أمثلة استنباطات الشيخ محمد رشيد رضا لمفهوم المخالفة:


(١) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٤/ ١١٨).
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٧/ ٢٥٣).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٨/ ٣٠).
(٤) المرجع السابق (٨/ ٣١).

<<  <   >  >>