للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يقول: "وغرضنا من هذا كله أن أكثر ما رُوي في التفسير حجاب (١) على القرآن وشاغل لنا فيه عن مقاصده العالية المزكية للأنفس المنورة للعقول، الفضول للتفسير المأثور لهم شاغل عن مقاصد القرآن بكثرة الروايات التي لا قيمة لها إسنادا ولا موضوعا، كما أن المفضلين لسائر التفاسير لهم صوارف أخرى كما تقدم، فكانت الحاجة شديدة إلى تفسير تتوجه العناية الأولى فيه إلى هداية القرآن على الوجه الذي يتفق مع الآيات الكريمة المنزلة في وصفه، وما أنزل لا جله من الإنذار والتبشير والهداية والإصلاح، ثم العناية إلى مقتضى حال هذا العصر في سهولة التعبير، ومراعاة إقبال صنوف القارئين، وكشف شبهات المشتغلين بالفلسفة والعلوم الطبيعية وغيرها إلى غير ذلك مما تراه قريبا هو ما يسره الله بفضله لهذا العاجز، والناظر في تفسير الشيخ رشيد رضا يجد فيه روح الشيخ الإمام محمد عبده وكلامه وآراءه ووقفاته الكريمة لفهم كتاب الله الحكيم" (٢).

"لا نستطيع أن نقرر بشكل قاطع، أنَّ للشيخ رشيد رضا منهجاً، وأسلوباً موحّداً، اتبعه في كامل تفسيره، لأنه فسّر ما فسّر في مدة تزيد على الثلاثين عاماً (ما بين ١٣١٧ ـ-١٣٥٤ هـ)، وهذه مدة طويلة تمنع على الأرجح أي مفسِّر من اتّباع خطة تفصيلية موحّدة يلتزم بها في كل ما يفسِّره (٣)، ولكننا مع ذلك نستطيع أن نستخرج الملامح الرئيسة لمنهجه وأسلوبه في التفسير، والتي إنْ زاد عليها في بعض الأحيان، ولكنه لم يخالفها على الإجمال في كامل تفسيره" (٤).

ولكن قبل ذكر هذه الملامح العامة، أجد من الضروري، من الناحية المنهجية، ذكر نقطتين مهمتين (٥):


(١) عبارات الشيخ محمد رشيد فيها مبالغة، وفيها تجني على ما قام به المفسرون الأوئل، بل إن ما قاموا به له كان أثر في التفسير في كل المجالات، وكل هذه العلوم مجتمعة تعين على فهم القرآن الكريم.
(٢) مناهج المفسرين، منيع بن عبد الحليم محمود ص ٣١٧ - ٣١٩.
(٣) لقد تركت هذه المدة الطويلة التي دُوِّن فيها تفسير "المنار"، وما حدث فيها من تقلبات سياسية، بعض الآثار السلبية عليه، مثل التطويل، والإسهاب، والتكرار، وظهور شيء من النزعة الخطابية في بعض المواضع، انظر: أحمد الشرباصي، رشيد رضا الصحفي، المفسِّر، القاهرة، (مجمع البحوث الإسلامية، ط ١، ١٩٧٧ م) ١٥٢ ـ ١٥٧.
(٤) مقال قراءة في منهج رشيد رضا، حازم محي الدين، http:// vb.tafsir.net/ tafsir ١٧٨٥٧/ #.VyUjtDArLIU
(٥) المرجع السابق

<<  <   >  >>