للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقول أيضاً: " فإذا كان من الحق أن يعترف أهل الفضل بالفضل لذوي الفضل، فأجد نفسي بهذه المناسبة الطيبة مسجلاً هذه الكلمة، ليطلع عليها من بلغته، فإنني بفضل الله عز وجل بما أنا فيه من الاتجاه إلى السلفية أولاً وإلى تمييز الأحاديث الضعيفة والصحيحة ثانياً يعود الفضل الأول في ذلك إلى السيد رضا رحمه الله عن طريق أعداد مجلته المنار التي وقفت عليها في أول اشتغالي بطلب العلم" (١).

وقال الشيخ أحمد محمد شاكر (٢) -رحمه الله-: "ونبغ من تلاميذه -يقصد الشيخ محمد عبده- والمستفيدين منه ابنه وخريجه أستاذنا العلامة الجليل السيد محمد رشيد رضا صاحب (المنار) فلخص للناس دروس الأستاذ الإمام، وزادها وضوحًا وبيانًا، ونشرها في مجلته الزاهرة المنيرة، وجمعها في أجزاء على أجزاء القرآن الكريم، ومضى لطيته بعد انتقال الإمام إلى جوار ربه، فكأنه أُلهم من روحه، لم يكل ولم يضعف، وها هو الآن قد أتم منه أجزاء تسعة، وكثيرًا من العاشر، فكان تفسير أستاذنا الجليل خير تفسير طُبع على الإطلاق، ولا أستثني؛ فإنه هو التفسير الأوحد الذي يبين للناس أوجه الاهتداء بهدي القرآن على النحو الصحيح الواضح -إذ هو كتاب هداية عامة للبشر- لا يترك شيئًا من الدقائق التي تخفى على كثير من العلماء والمفسرين، ثم هو يُظهر الناس على الأحكام التي تؤخذ من الكتاب والسنة، غير مقلد ولا متعصب، بل على سنن العلماء السابقين: كتاب الله وسنة رسوله، ولقد عرض لكثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية التي عرضت في شؤون المسلمين فأفسدت على كثير من شبابهم هداهم ودينهم، فحللها تحليلاً دقيقًا وأظهر الداء ووصف الدواء من القرآن والسنة، وأقام الحجة القاطعة على أن الإسلام دين الفطرة، وأنه دين كل أمة في كل عصر، ونفى عن الإسلام كثيرًا مما ألصقه به الجاهلون أو دسه المنافقون، من خرافات وأكاذيب كانت تصد فئة من أبنائه عن سبيله، وكان أعداؤه يجعلونها مثالب يلعبون بسببها بعقول الناشئة ليضموهم إلى صفوفهم وينزعوهم من أحضان أمتهم، وإنه لكتاب العصر الحاضر، يفيد منه العالم والجاهل، والرجعي والمجدد، بل هو الدفاع الحقيقي عن الدين، وأنا أرى من الواجب على كل مَن عرف حقائق هذا التفسير أن يحض إخوانه من الشبان على مطالعته والاستفادة منه، وبث ما فيه من علم نافع لعل الله أن يجعل منهم نواة صالحة لإعادة مجد الإسلام، وأن ينير به قلوبًا أظلمت من ملئها بالجهالات المتكررة، ولو كانت حكومتنا حكومة إسلامية حقيقة لطلبنا منها أن يُدرس في مدارسها ومعاهدها حق الدرس، ولكنا نعلم أنها لا تلقي للدين بالاً، بل لا تدفع عنه مَن أراد به عدوانًا، والطامة الكبرى أنها تحمي مَن يعتدي عليه بقوانينها الوضيعة، فلم يبق للمسلمين رجاء إلا أن يعملوا أفرادًا وجماعات في سبيل الدفاع عنه، وإظهار محاسنه للناشئة التي تكاد تندُّ عنه، وهم عماد الأمم" (٣).


(١) المرجع السابق ١/ ٤٠٠.
(٢) (١٣٠٩ - ١٣٧٧ هـ) أحمد بن محمد شاكر بن احمد بن عبد القادر، من آل علباء الحسيني (شمس الدين، أبو الاشبال) محدث، مفسر، فقيه، أديب، حقق ونشر عددا من كتب الحديث والفقه والأدب، وتوفي بالقاهرة، من آثاره: نظام الطلاق في الأسلام، الشرع واللغة، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير، معجم المؤلفين (١٣/ ٣٦٨).
(٣) مجلة المنار، مقال تفسير القرآن الحكيم، الكاتب: خادم السنة أحمد شاكر (٣١/ ١٩٣).

<<  <   >  >>