للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عطية: "وقوله وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ معناه بكل ما عرفته النفوس مما لا ترده الشريعة، ويروى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لجبريل: ما هذا العرف الذي أمرت به، قال: لا أدري حتى أسأل العالم، فرجع إلى ربه فسأله ثم جاءه فقال له: يا محمد هو أن تعطي من حرمك وتصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك.

قال القاضي أبو محمد: فهذا نصب غايات والمراد فما دون هذا من فعل الخير" (١).

قال البيضاوي: "وأمر بالعرف المعروف المستحسن من الأفعال" (٢)، وكذا قال أبو السعود (٣)، وزاد النسفي: "هو كل خصلة يرتضيها العقل ويقبلها الشرع" (٤).

قال ابن سعدي: " {وأمر بالعرف} أي: بكل قول حسن وفعل جميل، وخلق كامل للقريب والبعيد، فاجعل ما يأتي إلى الناس منك، إما تعليم علم، أو حث على خير، من صلة رحم، أو بر والدين، أو إصلاح بين الناس، أو نصيحة نافعة، أو رأي مصيب، أو معاونة على بر وتقوى، أو زجر عن قبيح، أو إرشاد إلى تحصيل مصلحة دينية أو دنيوية" (٥).

وقال أبو زهرة: " (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ)، هذا النص الكريم يدل قطعا على أن كل ما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- وجاء به القرآن أمر متفق مع ما تأتي به العقول، وما أمر به هو حسن في ذاته، وما نهى عنه قبيح في ذاته، وقال بعض العلماء: إن ما كان حسنا في ذاته فهو من أمر الله، وما كان قبيحا في العقل فقد نهى الله عنه" (٦).

وقال السيوطي: " قال ابن الفرس: المعنى اقض بكل ما عرفته النفوس مما لا يرده الشرع، وهذا أصل للقاعدة الفقهية في اعتبار العرف، وعلق الباحث:

ورد الباحث هذا الاستنباط من وجهين: الأول أن العرف هنا ليس معناه ما تعارف عليه الناس من العادات، والثاني: العرف بمعنى العوائد والتقاليد لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون مصدرا تشريعيا" (٧).

استنباطات سورة الأنفال


(١) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٢/ ٤٩١).
(٢) أنوار التنزيل وأسرار التأويل (٣/ ٤٦).
(٣) إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (٣/ ٣٠٨).
(٤) مدارك التنزيل وحقائق التأويل (١/ ٦٢٦).
(٥) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص: ٣١٣).
(٦) زهرة التفاسير (٦/ ٣٠٤٣).
(٧) الأكليل في استنباط التنزيل (٢/ ٧٧٠).

<<  <   >  >>