للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الزمخشري: "واستحال في الحكمة أن يهلك الله القرى ظالما لها وأهلها قوم مصلحون تنزيها لذاته عن الظلم، وإيذانا بأن إهلاك المصلحين من الظلم" (١).

وزاد النسفي: " {وَأَهْلُهَا} قوم {مُصْلِحُونَ} تنزيهًا لذاته عن الظلم وقيل الظلم الشرك أي لا يهلك القرى بسبب شرك أهلها وهم مصلحون في المعاملات فيما بينهم لا يضمون إلى شركهم فساد آخر" (٢)، ومثله البيضاوي (٣).

قال القرطبي: "قوله تعالى: (وما كان ربك ليهلك القرى) أي أهل القرى، (بظلم) أي بشرك وكفر، (وأهلها مصلحون) أي فيما بينهم في تعاطي الحقوق، أي لم يكن ليهلكهم بالكفر وحده حتى ينضاف إليه الفساد، كما أهلك قوم شعيب ببخس المكيال والميزان، وقوم لوط باللواط، ودل هذا على أن المعاصي أقرب إلى عذاب الاستئصال في الدنيا من الشرك، وإن كان عذاب الشرك في الآخرة أصعب" (٤)، ونقل مثل ذلك الشوكاني (٥).

قال ابن سعدي: "وما كان الله ليهلك أهل القرى بظلم منه لهم، والحال أنهم مصلحون، أي: مقيمون على الصلاح، مستمرون عليه، فما كان الله ليهلكهم، إلا إذا ظلموا، وقامت عليهم حجة الله. ويحتمل، أن المعنى: وما كان ربك ليهلك القرى بظلمهم السابق، إذا رجعوا وأصلحوا عملهم، فإن الله يعفو عنهم، ويمحو ما تقدم من ظلمهم" (٦).


(١) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (٢/ ٤٣٨).
(٢) مدارك التنزيل وحقائق التأويل (٢/ ٩٠).
(٣) أنوار التنزيل وأسرار التأويل (٣/ ١٥٢).
(٤) الجامع لأحكام القرآن (٩/ ١١٤).
(٥) فتح القدير (٢/ ٦٠٥).
(٦) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص: ٣٩٢).

<<  <   >  >>