عسى معرض وجهه يقبل … فيوهب للآخر الأول
فداك وتفعل ما لا تقول … ممن يقول ولا يفعل
يلومك في الجود لمّا عرفت … من شرف الجود ما يجهل (١٩ - ظ)
سللت على المال سيل العطاء … فلا حيك في الجود مستقتل
ومنها:
أجرني أبت نحوه أن أضيع … وانصر دعائي فلا أخذل
وصن بك وجهي عمن سواك … فما مثل وجهي يستبذل (١)
فلما انتهى الى آخرها استحسنها وأعجب بها، وأشار إليه الى الناحية التي فيها الدنانير والدراهم، فجلس إليها، وفتح كمه الأيسر وجمع إليه بيده اليمنى حتى ملأه، ثم فتح كمه الأيمن وجمع إليه بيده اليسرى الى أن لم يبق على الأرض دينار ولا درهم، ونهض فقبل الأرض وانصرف، وسئل عما حصل له، فذكر أن مبلغه ألفا ومائة ونيفا وعشرين دينارا، وسبعة آلاف وثلاثمائة درهم، وهذا عطاء ما سمع بمثله ممن جاد في وقته لشاعر سواه.
قال وكان قد عبث به بعض شعراء البغداديين عندما جرى له وهو في الوزارة ما أوجب له الخروج من بغداد، فقال فيه:
ويلي وو يحي وويهي على ملوك بويه … يا ضيعة الملك جدا ويا بكائي عليه
يا مغربي رويدا كيف اهتديت اليه … سلبته كل حلي في جيده ويديه
سياسة الملك ليست ما جاء عن سيبويه
ثم لقيته بميافارقين فأراد أن يستدرك ما فاته، ويعتذر عما سبق منه، فقال فيه:
يا معجز الله الذي حل في أعلى محل … لما رأيت الملك في هون ومضيعة وقل
أكبرت نفسك أن تدبر أمر ملك مضمحل
(١) -نشر المرحوم محمد كرد علي رسالة ابن القارح في كتابه «رسائل البلغاء» ط. القاهرة ١٩٤٦: انظر ص ٢٧٢ - ٢٧٦. وانظر أيضا ديوان مهيار-ط. القاهرة ٣/ ١٢٤:١٩٣٠ - ١٣٣ مع فوارق.