تواضعت حتى ظن بي كل صاحب … سقوط مقام أو مذلة خاضع
وما ذاك إلا أن نفسي كريمة … ترى الكبر عن كبر يرى في المجامع
وكل على القدر تكبر نفسه عن … الكبر إذ معنى العلى في التواضع
قال: وأنشدني لنفسه، وأجازه لي:
ادأب لنفسك في التعلّم جاهدا … إن التعلّم يرفع الأقواما
كم من وضيع يكرم أصله قد … حلّ بالعلم الذرى وتساما
وترى الذكي الأصل يصغر … أمره بالجهل حتى ما يعار سلاما
والكلب لما إن تعلّم صائدا … أضحى بذاك يسوّغ الإكراما
أخبرنا أبو الحسين يحيى بن علي القرشي بعد ما قرأت عليه الحديث الذي رواه لنا عنه، وقد قدمناه، قال: القاضي أبو القاسم بن عثمان من أعيان أهل هذا الشأن ومن بيت الرفعة والرئاسة، سمع الكثير وحصل الأصول، وانتقل إليه أكثر أجزاء الحافظ السّلفي التي بخطه وخط غيره، ودخل الشام والعراق وحدث بهما، وكانت له عناية بالحديث ومعرفة بالشيوخ، وكان ثبتا متحريا في الرواية، روى لنا عن الشريف أبي محمد العثماني وأبي طاهر السّلفي وأبي عبد الله بن الرحبي وأبي القاسم (٢٩٤ - ظ) ابن جاره الفقيه وسالم بن اسحاق المعري وأبي القاسم المصيني وغيرهم، سألته عن مولده فقال في العاشر من شعبان سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وتوفي رحمه الله فجأة، في سلخ ذي الحجة سنة خمس عشرة وستمائة بالقاهرة.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: حمزة بن علي بن عثمان بن يوسف بن ابراهيم بن أحمد بن يعقوب بن مسلم بن منبه القرشي المخزومي، أبو القاسم الكاتب من ولد عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، ويلقب بالأشرف من أهل مصر كان والده صاحب ديوان مصر في أيام المصريين، ولي هو الديوان في أيام صلاح الدين، وكان كاتبا سديدا، حاذقا بليغا له الإنشاء الحسن والنظم والنثر الجيدان، وكان ينشئ الكتاب من أسفله الى رأسه على أحسن قانون من غير توقف، اشتهر عنه ذلك، وكان قد اشتغل بالحديث فسمع منه الكثير على أبي طاهر السّلفي ومن دونه بالديار المصرية، وحصل الأصول الملاح، وفهم منه طرفا حسنا،