سمعت القاضي أبا علي الحسن بن محمد بن اسماعيل القيلوي يقول: سمعت أهل بغداد يقولون: ان أبا المعالي الحظيري تزهد ولبس الصوف وعبد الله تعالى في الشمس عشر سنين، وخرج من بغداد، وقدم العواصم وساح في بلادها، ثم رجع الى بغداد في الأيام المقتفوية، وصنف بها كتبا كثيرة منها: لمح الملح (٢٦٦ - و) وحاطب ليل، وزينة الدهر، ولما حج مجاهد الدين قايماز من الموصل، اجتمع به وأودع عنده ذهبا ليشتري له به كتبا.
قال لي أبو علي القيلوي: حكى لي الحاجب ابن الكرخي حاجب الخليفة قال:
لما أودع مجاهد الدين ثمن الكتب عند أبي المعالي الكتبي، سرق الذهب ابن امرأته فجاء أبو المعالي يطلبه فلم يجد شيئا فجلس مفكرا متحيرا في الدكان، فسألته عن ذلك فقال لي: ما بي شيء فقلت: بلى فقال: كان عندنا ذهب وضاع، فسألته عن مقداره فلم يذكر فقلت لغلامه: ايش مقدار الذهب؟ فقال: مائة وعشرين دينارا لمجاهد الدين، وقد أخذه ابن امرأته، فقلنا له: الذهب أخذه ابن امرأتك فقال: أنا أغرمه ولا تتهمون أحدا فقلت: ما التفت الى كلامه، ومضيت الى حاجب الباب، فأحضر ابن امرأته وهدده بالعصر فاعترف بالذهب وأحضره وقد نقص خمسة عشر دينارا فردها عليه.
قال لي القيلوي: وحكى لي العفيف ابن أخي الدوري الواعظ قال: لما قدم مجاهد الدين الى الحج، ركب وأتى دكان أبي المعالي الحظيري، فوقف بين يدي