فَرْعٌ مُهِمٌّ لِلتُّجَّارِ رُبَّمَا يَدْفَعُ لِعَبْدِهِ جَارِيَةً لِيَتَسَرَّى بِهَا وَلَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى أَصْلًا أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لِأَنَّ حِلَّ الْوَطْءِ لَا يَثْبُتُ شَرَعَا إلَّا بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ عَقْدِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ مِلْكُ يَمِينٍ فَانْحَصَرَ حِلُّ وَطْئِهِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ اهـ.
وَشَمِلَ السَّيِّدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُشْتَرَكِ إلَّا بِإِذْنِ الْكُلِّ لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ زَوَّجَ أَحَدُ الْمَوْلَيَيْنِ أَمَتَهُ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَلِلْآخَرِ النَّقْضُ فَإِنْ نَقَضَ فَلَهُ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلِلزَّوْجِ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمِنْ نِصْفِ الْمُسَمَّى اهـ.
وَشَمِلَ وَرَثَةَ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ لِمَا فِي التَّجْنِيسِ إذَا أَذِنَ الْوَرَثَةُ لِلْمُكَاتَبِ بِالنِّكَاحِ جَازَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوا رَقَبَتَهُ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْحُرِّ وَلَكِنَّ الْوَلَاءَ لَهُمْ اهـ.
وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ السَّيِّدَ هُنَا مَنْ لَهُ وِلَايَةُ تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ وَلَوْ غَيْرَ مَالِكٍ لَهُ وَلِهَذَا كَانَ لِلْأَبِ، وَالْجَدِّ، وَالْقَاضِي، وَالْوَصِيِّ تَزْوِيجُ أَمَةِ الْيَتِيمِ وَلَيْسَ لَهُمْ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ الْمَصْلَحَةِ، وَمَلَكَ الْمُكَاتَبُ، وَالْمُفَاوِضُ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ وَلَا يَمْلِكَانِ تَزْوِيجَ الْعَبْدِ لِمَا ذَكَرْنَا فَخَرَجَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ، وَالْمُضَارِبُ وَشَرِيكُ الْعَنَانِ فَإِنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ أَيْضًا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: الْقَاضِي لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَةِ الْغَائِبِ وَقِنِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَيَمْلِكُ أَنْ يُكَاتِبَهُمَا وَأَنْ يَبِيعَهُمَا اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: الْوَصِيُّ لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ الْيَتِيمِ مِنْ عَبْدِهِ لَا يَجُوزُ، وَالْأَبُ إذَا زَوَّجَ جَارِيَةَ ابْنِهِ مِنْ عَبْدِ ابْنِهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِزُفَرَ اهـ.
وَهَذَا يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ تَزْوِيجُ عَبْدِ الِابْنِ بِأَنْ يُقَالَ إلَّا مِنْ جَارِيَةِ الِابْنِ لَكِنْ فِي الْمَبْسُوطِ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ نِكَاحَ الْعَبْدِ حَالَةَ التَّوَقُّفِ سَبَبٌ لِلْحَالِ مُتَأَخِّرٌ حُكْمُهُ إلَى وَقْتِ الْإِجَازَةِ فَبِالْإِجَازَةِ ظَهَرَ الْحِلُّ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ كَالْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ سَبَبٌ لِلْحَالِ فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ مِنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ بِوُجُودِ الْإِجَازَةِ ظَهَرَ أَثَرُهُ مِنْ وَقْتِ وُجُودِهِ، وَقَدْ مَلَكَ الزَّوَائِدَ بِخِلَافِ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ الْمَوْقُوفِ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ إلَّا مِنْ وَقْتِ الْإِجَازَةِ وَلَا يَسْتَنِدُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ فَجَعَلَ الْمَوْجُودَ مِنْ الْفُضُولِيِّ مُتَعَلِّقًا بِالْإِجَازَةِ فَعِنْدَهَا يَثْبُتُ لِلْحَالِ بِخِلَافِ الْأَوَّلَيْنِ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَعْلِيقِهِمَا وَهَذَا هُوَ الضَّابِطُ فِيمَا يَسْتَنِدُ وَمَا يَقْتَصِرُ مِنْ الْمَوْقُوفِ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ نَكَحَ عَبْدٌ بِإِذْنِهِ بِيعَ فِي مَهْرِهَا) أَيْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ وَجَبَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ مِنْ أَهْلِهِ، وَقَدْ ظَهَرَ فِي حَقِّ الْمَوْلَى لِصُدُورِ الْإِذْنِ مِنْ جِهَتِهِ فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ دَفْعًا لِلْمَضَرَّةِ عَنْ أَصْحَابِ الدُّيُونِ كَمَا فِي دَيْنِ التِّجَارَةِ فَيُبَاعُ فِيهِ إلَّا إذَا فَدَاهُ الْمَوْلَى لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ دَفْعُ الْمَضَرَّةِ عَنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِاقْتِصَارِهِ عَلَى الْبَيْعِ الْمُنْصَرِفِ إلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّهُ لَوْ بِيعَ فَلَمْ يَفِ ثَمَنُهُ بِالْمَهْرِ لَا يُبَاعُ ثَانِيًا وَيُطَالَبُ بِالْبَاقِي بَعْدَ الْعِتْقِ وَفِي دَيْنِ النَّفَقَةِ يُبَاعُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لِأَنَّهُ تَجِبُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَفِي الْمَبْسُوطِ فَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَعْجِزُ عَنْ أَدَائِهِ يُبَاعُ فِيهِ ثُمَّ إذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ مَرَّةً أُخْرَى يُبَاعُ فِيهِ أَيْضًا وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ دُيُونِ الْعَبْدِ مَا يُبَاعُ فِيهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَّا النَّفَقَةُ لِأَنَّهُ يَتَجَدَّدُ وُجُوبُهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَذَلِكَ فِي حُكْمِ دَيْنٍ حَادِثٍ اهـ.
وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مَثَلًا مِائَتَانِ فَبِيعَ بِمِائَةٍ لَا يُبَاعُ ثَانِيًا لِلنَّفَقَةِ الْمُتَجَمِّدَةِ
وَإِنَّمَا يُبَاعُ لِمَا سَيَأْتِي وَسَتَزْدَادُ وُضُوحًا فِي النَّفَقَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَّلَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ لِعَدَمِ تَكْرَارِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ السَّيِّدَ هُنَا. . . إلَخْ) هَذَا فِي الْأَمَةِ لَا الْعَبْدِ لِمَا فِي الدُّرَرِ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَ الْعَبْدِ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُ بِخِلَافِ الْأَمَةِ فَالْأَبُ، وَالْجَدُّ، وَالْوَلِيُّ، وَالْقَاضِي، وَالْوَصِيُّ، وَالْمُكَاتَبُ، وَالشَّرِيكُ الْمُفَاوِضُ يَمْلِكُونَ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ. . إلَخْ لَكِنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ قَوْلِهِ " وَالْوَلِيُّ "، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ كَمَا فَعَلَ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ إذْ لَيْسَ لِوَلِيٍّ غَيْرِ الْأَبِ، وَالْجَدِّ، وَالْوَصِيِّ، وَالْقَاضِي وِلَايَةٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ كَذَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة، وَفِي النَّهْرِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ نِكَاحِ رَقِيقِ بَيْتِ الْمَالِ وَالرَّقِيقِ فِي الْغَنِيمَةِ الْمُحْرَزَةِ بِدَارِنَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَالْوَقْفُ إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَالْمُتَوَلِّي وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ فِي الْأَمَةِ دُونَ الْعَبْدِ كَالْوَصِيِّ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ الْعَبْدِ إلَّا مَنْ يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ اهـ.
وَالِاسْتِشْهَادُ بِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِي الدُّرَرِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِ دُونَ الْعَبْدِ نَعَمْ تَخْرِيجُ الْجَوَازِ فِي الْأَمَةِ عَلَى الْوَصِيِّ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ الْيَتِيمِ مِنْ عَبْدِهِ) أَيْ عَبْدِ الْيَتِيمِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ. . . إلَخْ) وَكَذَا يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ مَنْ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَ الْعَبْدِ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ. . إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَقَدْ سَاوَتْ النَّفَقَةُ الْمَهْرَ فِي أَنَّهُ لَا يُبَاعُ مَرَّةً ثَانِيَةً لِتَكْمِيلِ مَا بِيعَ لَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَافْتَرَقَا فِي أَنَّهُ يُبَاعُ لِمَا سَيَأْتِي أَيْ مَا يَحْدُثُ مِنْ النَّفَقَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ مَهْرٌ آخَرُ عِنْدَ السَّيِّدِ الثَّانِي كَمَا إذَا طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِيعَ ثَانِيًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَهْرِ، وَالنَّفَقَةِ إلَّا بِاعْتِبَارِ أَنَّ النَّفَقَةَ تَتَجَدَّدُ عِنْدَ السَّيِّدِ الثَّانِي وَلَا بُدَّ بِخِلَافِ الْمَهْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّفَقَةَ الَّتِي حَدَثَتْ عِنْدَ الثَّانِي سَبَبُهَا مُتَحَقِّقٌ عِنْدَ السَّيِّدِ الْأَوَّلِ فَتَكَرَّرَ بَيْعُهُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ بَيْعِهِ فِي مَهْرٍ ثَانٍ حَدَثَ عِنْدَ الثَّانِي فَإِنَّ هَذَا مُسَبَّبٌ عَنْ عَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ حَتَّى تَوَقَّفَ عَلَى إذْنِهِ