للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحْمَدْ مُحَمَّدٌ عَلَى مَا قَالَهُ بِسَبَبِ أُسْتَاذِهِ وَقِيلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ انْقَطَعَ خَاطِرُهُ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَفْرِيعِ مَسَائِلِ الْوَقْفِ كَالْخَصَّافِ وَهِلَالٍ وَلَوْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْأَحْيَاءِ حِينَ مَا قَالَ لَزَأَمَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي أَبِي حَنِيفَةَ رَأَيْتُ رَجُلًا لَوْ قَالَ هَذِهِ الْأُسْطُوَانَةُ مِنْ ذَهَبٍ لَدَلَّ عَلَيْهِ وَلَكِنْ كُلُّ مُجَرٍّ بِالْخَلَا يُسَرُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَشَايِخَ رَجَّحُوا قَوْلَهُمَا وَقَالَ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ الْحَقُّ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ مَرَّ بَعْدَهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مُتَوَارَثًا عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ وَقَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُ إلَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْوَقْفُ فِي الصِّحَّةِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ. اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ امْرَأَةٌ وَقَفَتْ مَنْزِلًا فِي مَرَضِهَا عَلَى بَنَاتِهَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِنَّ عَلَى أَوْلَادِهِنَّ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِنَّ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَإِذَا انْقَرَضُوا فَلِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا وَخَلَّفَتْ مِنْ الْوَرَثَةِ بِنْتَيْنِ وَأُخْتًا لِأَبٍ وَالْأُخْتُ لَا تَرْضَى بِمَا صَنَعَتْ وَلَا مَالَ لَهَا سِوَى الْمَنْزِلِ جَازَ الْوَقْفُ فِي الثُّلُثِ وَلَمْ يَجُزْ فِي الثُّلُثَيْنِ فَيُقْسَمُ الثُّلُثَانِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ وَيُوقَفُ الثُّلُثُ فَمَا خَرَجَ مِنْ غَلَّتِهِ قُسِمَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ مَا عَاشَتْ الْبِنْتَانِ فَإِذَا مَاتَتَا صُرِفَتْ الْغَلَّةُ إلَى أَوْلَادِهِمَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا كَمَا شَرَطَتْ الْوَاقِفَةُ لَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ.

رَجُلٌ وَقَفَ دَارًا لَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى ثَلَاثِ بَنَاتٍ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرَهُنَّ.

قَالَ الثُّلُثُ مِنْ الدَّارِ وَقْفٌ وَالثُّلُثَانِ مُطْلَقٌ لَهُ يَصْنَعْنَ بِهِمَا مَا شِئْنَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا إذَا لَمْ يُجِزْنَ أَمَّا إذَا أَجَزْنَ صَارَ الْكُلُّ وَقْفًا عَلَيْهِنَّ. اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا وَقَفَ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ.

فَإِنْ أَجَازَ الْوَارِثُ الْآخَرُ كَانَ الْكُلُّ وَقْفًا وَاتُّبِعَ الشَّرْطُ وَإِلَّا كَانَ الثُّلُثَانِ مِلْكًا بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالثُّلُثُ وَقْفًا مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْبَعْضِ لَا تَنْفُذُ فِي شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ لِغَيْرِهِ فَاعْتُبِرَ الْغَيْرُ بِالنَّظَرِ إلَى الثُّلُثِ وَاعْتُبِرَ الْوَارِثُ بِالنَّظَرِ إلَى غَلَّةِ الثُّلُثِ الَّذِي صَارَ وَقْفًا فَلَا يُتَّبَعُ الشَّرْطُ مَا دَامَ الْوَارِثُ حَيًّا وَإِنَّمَا تُقْسَمُ غَلَّةُ هَذَا الثُّلُثِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا انْقَرَضَ الْوَارِثُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ فِي غَلَّةِ الثُّلُثِ وَإِنْ وُقِفَ عَلَى غَيْرِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يُجِيزُوا كَانَ الثُّلُثُ وَقْفًا وَاعْتُبِرَ شَرْطُهُ فِيهِ وَالثُّلُثَانِ مِلْكٌ فَلَوْ بَاعَ الْوَارِثُ الثُّلُثَيْنِ قَبْلَ ظُهُورِ مَالٍ آخَرَ ثُمَّ ظَهَرَ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعَ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ فَيَشْتَرِي بِذَلِكَ أَرْضًا وَتُجْعَلُ وَقْفًا عَلَى جِهَةِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَفِيهَا قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى ابْنِي فُلَانٍ فَإِنْ مَاتَ فَعَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِي وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَهِيَ إرْثٌ بَيْنَ كُلِّ الْوَرَثَةِ مَا دَامَ الِابْنُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَيًّا فَإِنْ مَاتَ صَارَ كُلُّهَا لِلنَّسْلِ. اهـ.

وَهِيَ عِبَارَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ

ــ

[منحة الخالق]

[وَقَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ]

(قَوْلُهُ قَالَ الثُّلُثُ مِنْ الدَّارِ وَقْفٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْوَقْفَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ فَتَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ إلَّا بِإِجَازَةٍ لَكِنْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ حَيْثُ وُجِدَ الْمُنَازِعُ وَهُوَ الْوَارِثُ الْآخَرُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ وَارِثٌ غَيْرُ الْمُوصَى لَهُ فَتَجُوزُ بِلَا إجَازَةٍ لِعَدَمِ الْمُنَازِعِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ فَلِمَ لَا تَجُوزُ فِي الْكُلِّ بَلْ تَوَقَّفَ جَوَازُهَا فِي الثُّلُثَيْنِ عَلَى الْإِجَازَةِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمُوصِي حَقًّا فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَمْ تَجُزْ فِي الزَّائِدِ وَإِنْ كَانَتْ لِلْوَارِثِ بِلَا مُنَازِعٍ إلَّا إذَا أَجَازَهَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَهِيَ عِبَارَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ) لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَعَلَ الْأَرْضَ إرْثًا لِلْوَرَثَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ مَعَ أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَهُمْ ثُلُثَاهَا فَقَطْ وَأَيْضًا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُمْ كَيْفَ تَصِيرُ بَعْدَ مَوْتِ الِابْنِ لِلنَّسْلِ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ فَهِيَ إرْثٌ أَيْ حُكْمًا يَعْنِي أَنَّ غَلَّتَهَا تُصْرَفُ بَيْنَهُمْ عَلَى حُكْمِ الْإِرْثِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ نَفْسَ الْأَرْضِ تَكُونُ إرْثًا فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مُخَالَفَةٌ ثَانِيهِمَا قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ صَارَتْ كُلُّهَا لِلنَّسْلِ يُخَالِفُهُ فَإِنَّ الثُّلُثَيْنِ مِلْكُ الْوَارِثِ وَالْمَوْقُوفُ هُوَ الثُّلُثُ فَاَلَّذِي تَصِيرُ غَلَّتُهُ لِلنَّسْلِ هُوَ هَذَا الثُّلُثُ لَا الْأَرْضُ كُلُّهَا.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ فَهِيَ إرْثٌ رَاجِعٌ إلَى غَلَّةِ الثُّلُثِ الَّذِي صَارَ وَقْفًا وَقَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ صَارَ كُلُّهَا لِلنَّسْلِ أَيْ كُلُّ غَلَّةِ هَذَا الثُّلُثِ وَأَمَّا الثُّلُثَانِ فَهُمَا مَمْلُوكَانِ رَقَبَةً لِلْوَرَثَةِ وَالْقَرِينَةُ عَلَى هَذِهِ الْإِرَادَةِ أَنَّ الَّذِي يَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ هُوَ تِلْكَ الْغَلَّةُ الَّتِي لِلثُّلُثِ فَتَأَمَّلْ وَأَجَابَ شَيْخُنَا بِمَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَهُوَ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْبَزَّازِيَّةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ كُلُّهَا وَقْفًا وَحَيْثُ لَمْ يُجِيزُوا تُقْسَمُ غَلَّتُهَا كَالْإِرْثِ ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِ الِابْنِ تَصِيرُ كُلُّهَا لِلنَّسْلِ وَيُوَضِّحُهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْمَنْقُولَةُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا.

وَفِي أَوْقَافِ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرِيضًا قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ أَبَدًا عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أُخْرِجَتْ وَكَانَتْ مَوْقُوفَةً تُسْتَغَلُّ ثُمَّ تُقْسَمُ غَلَّتُهَا عَلَى جَمِيعِ وَرَثَتِهِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ وَلَهُ وَلَدُ وَلَدٍ قُسِمَتْ الْغَلَّةُ عَلَى عَدَدِ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ وَعَلَى عَدَدِ وَلَدِ وَلَدِهِ فَمَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ وَلَدَهُ قُسِمَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>