للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَمَلَ مَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لِلْآخَرِ التَّصَرُّفُ وَحْدَهُ لِعَدَمِ رِضَاهُ بِرَأْيِهِ وَحْدَهُ وَلَوْ كَانَا وَصِيَّيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَتَصَرَّفُ الْحَيُّ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي كَمَا فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلَيْنِ وَكَّلْتُ أَحَدَكُمَا بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ لِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا ثُمَّ اشْتَرَى الْآخَرُ فَإِنَّ الْآخَرَ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَلَوْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَارِيَةً وَوَقَعَ اشْتِرَاؤُهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَتْ الْجَارِيَتَانِ لِلْمُوَكِّلِ كَذَا ذَكَرَهُ فِي النَّوَازِلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ ثُمَّ فَارَقَهُ ثُمَّ وَكَّلَ آخَرَ بِقَبْضِ كُلِّ دَيْنٍ لَهُ فَقَبَضَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ السَّاعَةَ عَيْنٌ وَلَيْسَ بِدَيْنٍ وَلَوْ وَكَّلَ الْأَوَّلَ بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ ثُمَّ وَكَّلَ الثَّانِيَ بِقَبْضِ كُلِّ شَيْءٍ لَهُ وَقَبَضَ الْأَوَّلُ شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ فَلِلثَّانِي أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دَارِهِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا الَّتِي فِي يَدِ فُلَانٍ فَمَضَى الْوَكِيلُ ثُمَّ وَكَّلَ آخَرَ بَعْدَهُ بِمِثْلِ مَا وَكَّلَ بِهِ الْأَوَّلَ فِي قَبْضِ هَذِهِ بِعَيْنِهَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ قَبَضَ الدَّارَ قَبْلَ تَوْكِيلِ الثَّانِي فَلِلثَّانِي أَنْ يَقْبِضَهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ مَقْبُوضَةً لِصَاحِبِهَا اهـ.

وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَتَصَرَّفُ عَدَمُ نَفَاذِ تَصَرُّفِهِ وَحْدَهُ لَا عَدَمُ صِحَّتِهِ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ فَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ فَإِنْ أَجَازَ صَاحِبُهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَأَجَازَهُ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا فِي الشَّرْحِ قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ هَذَا خِلَافُ مَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: جَازَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْخِزَانَةِ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ لِمَا فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ لِصَاحِبِهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَيَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا فِي خُصُومَةٍ) فَإِنَّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُخَاصِمَ وَحْدَهُ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ إلَّا أَنْ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْخُصُومَةِ وَالتَّكَلُّمِ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّهُ يَلْتَبِسُ عَلَى الْقَاضِي وَيَصِيرُ شَغَبًا فَأَمَّا اجْتِمَاعُهُمَا عَلَى الْبَيْعِ فَغَيْرُ مُتَعَذِّرٍ وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا خَاصَمَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُشْتَرَطْ حَضْرَةُ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ بِسَمَاعِهَا وَهُوَ سَاكِتٌ كَذَا فِي الشَّرْحِ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْحَضْرَةِ ضَعِيفٌ وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ إلَّا مَعَ صَاحِبِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَفِي نَوَادِر ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِخُصُومَةِ رَجُلٍ فِي دَارٍ ادَّعَاهَا وَقَبَضَهَا مِنْهُ فَخَاصَمَاهُ فِيهَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ قَالَ: أَقْبَلُ مِنْ الْحَيِّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّارِ وَأَقْضِي بِهَا لِلْمُوَكِّلِ وَلَا أَقْضِي بِدَفْعِ الدَّارِ إلَيْهِ وَلَكِنْ أَجْعَلُ لِلْوَكِيلِ الْمَيِّتِ وَكِيلًا مَعَ هَذَا الْحَيِّ وَدَفَعْتُ الدَّارَ إلَيْهِمَا وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ وَاحِدًا فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّارِ وَقَضَيْتُ بِهَا لِلْمُوَكِّلِ فَمَاتَ هَذَا الْوَكِيلُ قَبْلَ أَنْ أَدْفَعَهَا إلَيْهِ فَإِنِّي أَجْعَلُ لَهُ وَكِيلًا وَآمُرُ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِدَفْعِ الدَّارِ إلَيْهِ وَلَا أَتْرُكُهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ الَّذِي قَضَيْتُ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَطَلَاقٌ وَعَتَاقٌ بِلَا بَدَلٍ) لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ وَتَعْبِيرُ الْمُثَنَّى فِيهِ كَالْوَاحِدِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَسَائِلُ الْأُولَى لَوْ وَكَّلَهُمَا بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا أَوْ عِتْقِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لِأَنَّهُ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ قَالَ لِرَجُلٍ: طَلِّقْ امْرَأَتِي فَقَالَ الْوَكِيلُ: طَلَّقْتُ امْرَأَتَكَ كَانَ الْخِيَارُ إلَى الزَّوْجِ وَإِنْ طَلَّقَ الْوَكِيلُ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا فَقَالَ الْمُوَكِّلُ: لَا أَعْنِي هَذِهِ لَا يُصَدَّقُ اهـ.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولَ لَهُمَا: طَلِّقَاهَا إنْ شِئْتُمَا الثَّالِثَةَ جَعَلَ أَمْرَهَا بِأَيْدِيهِمَا فَفِيهِمَا يَكُونُ تَفْوِيضًا فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا أَوْ يَكُونُ تَعْلِيقًا فَيُشْتَرَطُ فِعْلُهُمَا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِشَيْئَيْنِ لَا يَنْزِلُ عِنْدَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا الرَّابِعَةُ لَوْ قَالَ: طَلِّقَاهَا جَمِيعًا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُطَلِّقَهَا وَحْدَهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُ أَحَدِهِمَا وَلَوْ قَالَ: طَلِّقَاهَا جَمِيعًا ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا أَحَدُهُمَا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَالْآخَرُ طَلْقَتَيْنِ لَا يَقَعُ وَهَذِهِ الثَّلَاثُ

ــ

[منحة الخالق]

[تَصَرُّفُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَحْدَهُ]

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ قَبَضَ الدَّارَ قَبْلَ تَوْكِيلِ الثَّانِي فَلِلثَّانِي أَنْ يَقْبِضَهَا إلَخْ) هَكَذَا فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ عِدَّةِ نُسَخٍ وَاَلَّذِي رَأَيْتُهُ فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ قَبَضَ الدَّارَ قَبْلَ تَوْكِيلِ الثَّانِي فَلِلثَّانِي أَنْ يَقْبِضَهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَإِنْ وَكَّلَ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْأَوَّلُ الدَّارَ فَلَيْسَ لِلثَّانِي أَنْ يَقْبِضَهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ مَقْبُوضَةً لِصَاحِبِهَا اهـ. بِحُرُوفِهِ.

وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الرَّابِعَ عَشَرَ لَكِنْ ذَكَرَ بَدَلَ التَّعْلِيلِ قَوْلَهُ وَالشَّيْءُ بِعَيْنِهِ لَا يُشْبِهُ مَا لَيْسَ بِعَيْنِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ عَبْدٍ لَهُ بِعَيْنِهِ فِي يَدِ رَجُلٍ ثُمَّ قَبَضَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ أَوْدَعَهُ إنْسَانًا آخَرَ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَهُ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ وَيَصِيرُ شَغْبًا) قَالَ الرَّمْلِيُّ: الشَّغْبُ بِسُكُونِ الْغَيْنِ تَهْيِيجُ الشَّرِّ وَبِالْفَتْحِ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ كَمَا فِي الصِّحَاحِ.

(قَوْلُهُ الْأَوْلَى لَوْ وَكَّلَهُمَا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: إنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ بِالْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفَانِ إلَى الْمُعَيَّنِ لَا إلَى الْمُبْهَمِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ إلَخْ) لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَفِيهِمَا يَكُونُ تَفْوِيضًا إلَخْ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ ثُمَّ حَيْثُ كَانَا تَمْلِيكًا أَوْ تَعْلِيقًا لَمْ يَكُونَا دَاخِلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْوَكِيلَيْنِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَاسْتِثْنَاءُ الزَّيْلَعِيِّ لَهُمَا مُنْقَطِعٌ بِمَعْنَى لَكِنْ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ الرَّابِعَةُ لَوْ قَالَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: إنَّمَا لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُصَنِّفُ الرَّابِعَةَ لِعَدَمِ دُخُولِهَا لِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةً وَهِيَ شَرْطُ اجْتِمَاعِهِمَا صَرِيحًا فَتَأَمَّلْ وَكَذَلِكَ لَمْ يَسْتَثْنِ الْخَامِسَ لِعَارِضِ النَّهْيِ عَنْ الِانْفِرَادِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>