الَّذِي كَانَا يَسْكُنَانِ فِيهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَقَدْ ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ يُسْكِنُهَا فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي كَانَا يَسْكُنَانِ فِيهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ لَكِنَّ الزَّوْجَ يَخْرُجُ أَوْ يَعْتَزِلُ عَنْهَا فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ اهـ.
وَفِيهَا أَيْضًا الْمُعْتَدَّةُ إذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ الْعِدَّةِ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا مَا دَامَتْ عَلَى النُّشُوزِ فَإِنْ عَادَتْ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى، ثُمَّ الْخُرُوجُ عَنْ بَيْتِ الْعِدَّةِ عَلَى سَبِيلِ الدَّوَامِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِسُقُوطِ نَفَقَتِهَا فَإِنَّهَا إذَا خَرَجَتْ زَمَانًا وَسَكَنَتْ زَمَانًا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ إذَا تَزَوَّجَتْ فِي الْعِدَّةِ وَوُجِدَ الدُّخُولُ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ مِنْهُمَا لَا نَفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ الثَّانِي لِفَسَادِ نِكَاحِهِ وَهِيَ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيْتِ الْعِدَّةِ فَإِنْ خَرَجَتْ فَلَا وَلَا تُوصَفُ بِالنُّشُوزِ بِمَنْعِهَا نَفْسَهَا مِنْهُ هُنَا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ وَالْحِلَّ زَائِلٌ اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا، وَإِذَا صَالَحَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عَنْ نَفَقَتِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ لَا يَزِيدُهَا عَلَيْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ يَنْظُرُ إنْ كَانَ عِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ لِلْجَهَالَةِ وَإِنْ كَانَتْ بِالْأَشْهُرِ جَازَ لِعَدَمِهَا، وَإِذَا خَلَعَهَا أَوْ أَبَانَهَا، ثُمَّ صَالَحَهَا عَنْ السُّكْنَى عَلَى دَرَاهِمَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي السُّكْنَى وَفِي الْمُحِيطِ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى فَلَهَا السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ حَقُّهَا فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْهَا دُونَ السُّكْنَى وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ الْمُخْتَلِعَةُ بِنَفَقَةِ عِدَّتِهَا هَلْ تَخْرُجُ فِي حَوَائِجِهَا بِالنَّهَارِ تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي أَبْطَلَتْ حَقَّهَا فِي النَّفَقَةِ فَلَمْ يَصِحَّ الْإِبْطَالُ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقِّ الشَّرْعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ لَا الْمَوْتِ وَالْمَعْصِيَةِ) أَيْ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ لِمُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ وَلَا لِمُعْتَدَّةٍ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا بِمَعْصِيَةٍ مِنْ جِهَتِهَا كَالرِّدَّةِ وَتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ أَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَلِأَنَّ احْتِبَاسَهَا لَيْسَ لِحَقِّ الزَّوْجِ، بَلْ لِحَقِّ الشَّرْعِ فَإِنَّ التَّرَبُّصَ عِبَادَةٌ مِنْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ مَعْنَى التَّعْرِيفِ عَنْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لَيْسَ بِمُرَاعًى فِيهِ حَتَّى لَا يُشْتَرَطَ فِيهِ الْحَيْضُ فَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَلَا مِلْكَ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهَا فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا لَكِنْ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِذَا أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْحَامِلِ لِلْحَمْلِ فَضَمَّنُوهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِمَا أَنْفَقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ عَلِيًّا وَشُرَيْحًا كَانَا يَرَيَانِ ذَلِكَ لِلْحَمْلِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ اهـ.
وَشَمِلَ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ فَلَا سُكْنَى لَهَا أَيْضًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَأَمَّا الْفُرْقَةُ بِمَعْصِيَةٍ مِنْ جِهَتِهَا فَلِأَنَّهَا صَارَتْ حَابِسَةً نَفْسَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَصَارَتْ كَمَا إذَا كَانَتْ نَاشِزَةً بِخِلَافِ الْمَهْرِ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ التَّسْلِيمُ فِي حَقِّ الْمَهْرِ بِالْوَطْءِ قُيِّدَ بِالْمَعْصِيَةِ أَيْ بِمَعْصِيَتِهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِهَا بِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ كَخِيَارِ الْعِتْقِ وَخِيَارِ الْبُلُوغِ وَالتَّفْرِيقِ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ لَا تُسْقِطُ نَفَقَتَهَا؛ لِأَنَّهَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا بِحَقٍّ كَمَا إذَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا لِاسْتِيفَاءِ الْمَهْرِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفُرْقَةَ إمَّا مِنْ قِبَلِهِ أَوْ مِنْ قِبَلِهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ قِبَلِهِ فَلَهَا النَّفَقَةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ طَلَاقًا كَانَتْ أَوْ فَسْخًا كَطَلَاقِهِ وَلِعَانِهِ وَعُنَّتِهِ أَوْ تَقْبِيلِهِ بِنْتَ زَوْجَتِهِ أَوْ إيلَائِهِ مَعَ عَدَمِ فَيْئِهِ حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ إبَائِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ إذَا أَسْلَمَتْ هِيَ أَوْ ارْتَدَّ هُوَ فَعُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَلَمْ يُسْلِمْ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ قِبَلِهَا فَإِنْ كَانَتْ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَأَمَّا السُّكْنَى فَقَالُوا بِوُجُوبِهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَهَا السُّكْنَى فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّ الْقَرَارَ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ حَقٌّ عَلَيْهَا وَلَا تَسْقُطُ بِمَعْصِيَتِهَا، أَمَّا النَّفَقَةُ فَحَقٌّ لَهَا فَتُجَازَى بِسُقُوطِهَا لِمَعْصِيَتِهَا وَبِمَا قَرَرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَوْ قَالَ وَلِمُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ الْفَسْخِ إلَّا إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ فِي مَعْصِيَتِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا السُّكْنَى لَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّ كَلَامَهُ خَالٍ عَنْ مُعْتَدَّةِ الْفَسْخِ، وَالْمَعْصِيَةُ شَامِلَةٌ لِمَعْصِيَتِهَا وَفِي الذَّخِيرَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَبَيْنَ الْمَهْرِ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ إذَا جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ يَسْقُطُ الْمَهْرُ سَوَاءٌ كَانَتْ عَاصِيَةً أَوْ مُحِقَّةً؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ عِوَضٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ لِلْجَهَالَةِ) فِيهِ أَنَّ جَهَالَةَ الْمُصَالَحِ عَنْهُ لَا تَضُرُّ تَأَمَّلْ.
[النَّفَقَةُ لِمُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ]
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْقَاضِي) قَالَ فِي النَّهْرِ أَيِّ قَاضٍ يَرَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَشَمِلَ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَعَلَّهُ وَشَمِلَ الْكِسْوَةَ وَالسُّكْنَى إذْ لَا كِسْوَةَ وَلَا سُكْنَى لَهَا أَوْ لَفْظَةُ وَالنَّفَقَةَ زَائِدَةٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إذَا جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَيَّدَ بِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ لِسَلَامَةِ الْعِوَضِ بِالدُّخُولِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.