للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَظَاهِرُ الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ وَلَا ضَمَانَ مَالٍ قَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ هَذَا مِائَةً ثُمَّ قَالَ غَلِطْت إنَّمَا سَرَقْت مِائَةً مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَيَلْزَمُهُ الْمَالَانِ وَفِي الْخَانِيَّةِ ثَلَاثَةٌ شَهِدُوا فِي حَادِثَةٍ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ قَدْ كَذَبْت فِي شَهَادَتِي فَسَمِعَ الْقَاضِي ذَلِكَ الْقَوْلَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهمْ قَالَ فَسَأَلَهُمْ الْقَاضِي فَقَالُوا كُلُّنَا عَلَى شَهَادَتِنَا قَالُوا لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ وَيُقِيمُهُمْ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى يَنْظُرُوا فِي ذَلِكَ فَإِنْ جَاءَ الْمُدَّعِي بِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الثَّانِي يَشْهَدَانِ بِذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ شَهِدَا أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ جَازَتْ عَلَى دِرْهَمٍ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ دِرْهَمَانِ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ وَأَقَرَّ بِإِحْدَاهُمَا لِرَجُلٍ ثُمَّ جَحَدَ فَشَهِدَا بِذَلِكَ جَازَتْ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْهُمَا اسْتِحْسَانًا سَوَاءٌ أَقَرَّ بِإِحْدَاهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ ثُمَّ نَسِيَاهُ وَكَذَا الْمَكِيلُ كُلُّهُ وَالْمَوْزُونُ كُلُّهُ إذَا كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا يَقْضِي بِالْأَوْكَسِ وَإِذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ أُبْطِلَ الْإِقْرَارُ وَكُلُّ شَيْءٍ يَضْمَنُ فِيهِ الْقِيمَةَ وَقَدْ صَارَتْ دَيْنًا فَعَلَيْهِ أَوْكَسُ الْقِيمَتَيْنِ نَحْوُ أَنْ يَشْهَدَا أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ ثَوْبًا هَرَوِيًّا أَوْ مَرْوِيًّا وَأَحْرَقَهُ قَالَا سُمِّيَ لَنَا هَكَذَا أَوْ سُمِّيَ لَنَا أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ فَنَسِينَاهُ اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ) .

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ خَالَفْتُهُ مُخَالَفَةً وَخِلَافًا وَتَخَالَفَ الْقَوْمُ وَاخْتَلَفُوا إذَا ذَهَبَ كُلُّ وَاحِدٍ إلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْآخَرُ اهـ.

وَاخْتِلَافُ الشَّهَادَةِ شَامِلٌ لِمُخَالَفَتِهَا لِلدَّعْوَى وَلِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ وَلِاخْتِلَافِ الطَّائِفَتَيْنِ (قَوْلُهُ الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قَبِلَتْ وَإِلَّا فَلَا) لِأَنَّ تَقَدُّمَ الدَّعْوَى فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ شَرْطُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ فَقَدْ وُجِدَتْ فِيمَا يُوَافِقُهَا وَانْعَدَمَتْ فِيمَا يُخَالِفُهَا وَالْمُرَادُ بِالْمُوَافَقَةِ الْمُطَابَقَةُ أَوْ كَوْنُ الْمَشْهُودِ بِهِ أَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَطْلَقَ الْمُوَافَقَةَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِاللَّفْظِ وَالْمَعْنَى كَمَا فِي الْمُوَافَقَةِ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ لِيُفِيدَ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ وَأَنَّ الْمُوَافَقَةَ مَعْنًى كَافِيَةٌ فَلَوْ ادَّعَى الْغَصْبَ أَوْ الْقَتْلَ فَشَهِدَا بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ تُقْبَلُ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْغَصْبِ أَوْ الْقَتْلِ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ لَا تُقْبَلُ كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَمِنْ الْمُخَالَفَةِ الْمَانِعَةِ مَا إذَا شَهِدَتْ بِأَكْثَرَ وَمِنْ فُرُوعِهَا دَارٌ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ اقْتَسَمَاهَا وَغَابَ أَحَدُهُمَا فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْحَاضِرِ أَنَّ لَهُ نِصْفَ هَذِهِ الدَّارِ مَشَاعًا فَشَهِدُوا أَنَّ لَهُ النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدِ الْحَاضِرِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ وَلَوْ ادَّعَى دَارًا وَاسْتَثْنَى طَرِيقَ الدُّخُولِ وَحُقُوقَهَا وَمَرَافِقَهَا فَشَهِدُوا أَنَّهَا لَهُ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا شَيْئًا لَا تُقْبَلُ.

وَكَذَا لَوْ اسْتَثْنَى بَيْتًا وَلَمْ يَسْتَثْنُوهُ إلَّا إذَا وَفَّقَ فَقَالَ: كُنْتُ بِعْتُ ذَلِكَ الْبَيْتَ مِنْهَا فَتُقْبَلُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ كَوْنِ الْمَشْهُودِ بِهِ أَقَلَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ ادَّعَى النُّقْرَةَ الْجَيِّدَةَ وَبَيَّنَ الْوَزْنَ فَشَهِدُوا عَلَى النُّقْرَةِ وَالْوَزْنِ وَلَمْ يَذْكُرَا جَيِّدَةً أَوْ رَدِيئَةً أَوْ وَسَطًا تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِالرَّدِيءِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى قَفِيزَ دَقِيقٍ مَعَ النُّخَالَةِ فَشَهِدُوا مِنْ غَيْرِ نُخَالَةٍ أَوْ مَنْخُولًا فَشَهِدُوا عَلَى غَيْرِ الْمَنْخُولِ لَا تُقْبَلُ اهـ.

مَعَ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِأَقَلَّ فِيمَا إذَا شَهِدُوا بِهِ غَيْرَ مَنْخُولٍ وَالدَّعْوَى بِالْمَنْخُولِ بِدَلِيلِ عَكْسِهِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ادَّعَى الْإِتْلَافَ وَشَهِدَا بِقَبْضِهِ تُقْبَلُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ مِنِّي كَذَا دِرْهَمًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَشَهِدَا أَنَّهُ قَبَضَهُ بِجِهَةِ الرِّبَا تُقْبَلُ وَلَوْ ادَّعَى الْغَصْبَ وَشَهِدَا بِقَبْضِهِ بِجِهَةِ الرِّبَا لَا تُقْبَلُ إذْ الْغَصْبُ قَبْضٌ بِلَا إذْنٍ وَالْقَبْضُ بِجِهَةِ الرِّبَا قَبْضٌ بِإِذْنٍ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ وَشَهِدَا أَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَفِي يَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا تُقْبَلُ لَا عَلَى الْمِلْكِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَقُولَا غَصَبَهُ مِنْهُ وَلَا عَلَى الْغَصْبِ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا أَنَّهُ بِيَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعِي بِأَنْ غَصَبَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعِي لَا مِنْهُ اهـ.

ثُمَّ قَالَ: ادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ مَالِي كَذَا قَبْضًا مُوجِبًا لِلرَّدِّ وَشَهِدَا أَنَّهُ قَبَضَهُ وَلَمْ يَشْهَدَا أَنَّهُ قَبَضَ قَبْضًا مُوجِبًا لِلرَّدِّ تُقْبَلُ فِي أَصْلِ الْقَبْضِ فَيَجِبُ رَدُّهُ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ وَلَا ضَمَانَ) كَذَا هُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ السِّرَاجِيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى.

[بَاب الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ) صَدَّرَ الْبَابَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ لِكَوْنِهَا كَالدَّلِيلِ لِوُجُوبِ اتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا لَزِمَ اخْتِلَافُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى بَصِيرَةٍ سَعْدِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَقَدْ وُجِدَتْ فِيمَا يُوَافِقُهَا وَانْعَدَمَتْ فِيمَا يُخَالِفُهَا) قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ أَمَّا وُجُودُهَا عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَدَمُهَا عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ فَكَذَلِكَ لِظُهُورِ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى تَقَدُّمَ أَيَّةِ دَعْوَى كَانَتْ بَلْ تَقَدُّمَ دَعْوَى مَا يَشْهَدُ بِهِ الشُّهُودُ وَتَمَامُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْغَصْبِ أَوْ الْقَتْلِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لط شَهِدَ بِنَحْوِ بَيْعٍ وَآخَرُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ قَوْلٌ فَلَا تُرَدُّ إلَّا إذَا كَانَتْ صِيغَةُ الْإِنْشَاءِ بِخِلَافِ صِيغَةِ الْإِخْبَارِ كَقَذْفٍ شَهِدَ بِهِ وَآخَرُ بِإِقْرَارٍ وَلَوْ شَهِدَ بِنَحْوِ غَصْبٍ وَآخَرُ بِإِقْرَارِهِ تُرَدُّ لِأَنَّهُ فِعْلٌ (قَوْلُهُ وَفِي يَدِهِ) أَيْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعِي) هَذَا يَدْفَعُ تَنْظِيرَ صَاحِبِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلِهِ إنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِأَقَلَّ مِمَّا ادَّعَى إذْ فِي دَعْوَى الْغَصْبِ مِنْهُ دَعْوَى أَنَّهُ بِيَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ مَعَ زِيَادَةِ دَعْوَى الْفِعْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مَعَ أَنَّ عَدَمَ الْقَبُولِ فِي أَمْثَالِهِ يُفْضِي إلَى التَّضْيِيقِ وَتَضْيِيعِ كَثِيرٍ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْحَرَجُ مَدْفُوعٌ شَرْعًا اهـ. فَتَدَبَّرْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>