للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْوَقْتِ وَالظَّاهِرُ قَضَاؤُهَا وَأَنَّهَا سُنَّةٌ لِاخْتِلَافِ الشَّيْخَيْنِ فِي قَضَاءِ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ بَعْدَهُمَا كَمَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ وَقَضَى الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ فِي وَقْتِهِ قَبْلَ شَفْعِهِ) بَيَانٌ لِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا الْقَضَاءُ وَالثَّانِي مَحَلُّهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تُقْضَى كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِهِ مُسْتَدِلًّا بِمَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ إذَا فَاتَتْهُ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ قَضَاهُنَّ بَعْدَهُ» وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا سُنَّةٌ لَا نَفْلٌ مُطْلَقٌ وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ إذَا قَضَاهَا فَهِيَ لَا تَكُونُ سُنَّةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا سُنَّةٌ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الْمُصَنَّفِينَ فَإِنَّ الْمَذْكُورَ مِنْ وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ الِاتِّفَاقُ عَلَى قَضَاءِ الْأَرْبَعِ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي تَقْدِيمِهَا أَوْ تَأْخِيرِهَا وَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهَا تُقْضَى اتِّفَاقٌ عَلَى وُقُوعِهَا سُنَّةً إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ وَأَمَّا الثَّانِي فَاخْتُلِفَ فِيهِ النَّقْلُ عَنْ الشَّيْخَيْنِ فَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْحُسَامِيِّ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يُقَدِّمُ الرَّكْعَتَيْنِ وَمُحَمَّدٌ يُؤَخِّرُهُمَا وَفِي الْمَنْظُومَةِ وَشُرُوحِهَا عَلَى الْعَكْسِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْإِمَامَيْنِ رِوَايَتَانِ وَرَجَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ تَقْدِيمَ الرَّكْعَتَيْنِ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ فَاتَتْ عَنْ الْمَوْضِعِ الْمَسْنُونِ فَلَا يَفُوتُ الرَّكْعَتَيْنِ عَنْ مَوْضِعِهِمَا قَصْدًا بِلَا ضَرُورَةٍ اهـ.

وَحُكْمُ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ كَالْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ كَمَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ جَمَاعَةً بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ) لِمَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إذَا قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ صَلَّى الظُّهْرَ بِجَمَاعَةٍ فَسَبَقَ بِبَعْضِهَا لَمْ يَحْنَثْ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا سَبَقَ بِرَكْعَةٍ أَوْ بِأَكْثَرَ وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الظَّاهِرَ الْجَوَابُ أَنَّهُ إذَا فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ وَصَلَّى الثَّلَاثَ مَعَهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْكُلَّ مَعَ الْإِمَامِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِإِدْرَاكِ بَعْضِهَا لَكَانَ أَوْلَى لَكِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ وَلَا يَحْنَثُ إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ اتِّفَاقًا كَمَا لَا يَخْفَى أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ السَّرَخْسِيِّ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَكْثَرَ حَتَّى يُقَامَ مَقَامَ الْكُلِّ وَمِمَّا يُضْعِفُ قَوْلَ السَّرَخْسِيِّ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ كُلِّهِ فَإِنَّ الْأَكْثَرَ لَا يُقَامُ مَقَامَ الْكُلِّ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ لَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ سُورَةً فَقَرَأَهَا إلَّا حَرْفًا حَنِثَ وَلَوْ قَرَأَهَا إلَّا آيَةً طَوِيلَةً لَا يَحْنَثُ.

(قَوْلُهُ بَلْ أَدْرَكَ فَضْلَهَا) أَيْ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ آخِرَ الشَّيْءِ فَقَدْ أَدْرَكَهُ وَلِحَدِيثِ الصَّحِيحِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا خَصَّ مُحَمَّدٌ ابِالذِّكْرِ فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ وَرَدَتْ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ مُدْرِكَ الْإِمَامِ فِي التَّشَهُّدِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ فَكَانَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ أَنْ لَا يُدْرِكَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ مُدْرِكٌ لِلْأَقَلِّ فَأَزَالَ الْوَهْمَ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ وَذَكَرَ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ أَدْرَكَ الظُّهْرَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ لِأَنَّ إدْرَاكَ الشَّيْءِ بِإِدْرَاكِ آخِرِهِ يُقَالُ أَدْرَكْت أَيَّامَهُ أَيْ آخِرَهَا وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ لَوْ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ أَدْرَكَ الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَأَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ وَدَخَلَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ اهـ.

فَعَلِمَ أَنَّ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ

ــ

[منحة الخالق]

الْآتِي فَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّهْوَ ظَاهِرٌ فِي كَلَامِ النَّهْرِ لَا الْبَحْرِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ نَعَمْ فِي قَوْلِ الْبَحْرِ تَبَعًا فِي الْوَقْتِ الظَّاهِرِ أَنَّ لَفْظَ تَبَعًا سَهْوٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِأَنَّ الْفَرْضَ يَكُونُ أَدَاءً وَالْمُتَابَعَةُ تَكُونُ فِي الْقَضَاءِ فَلْيُتَدَبَّرْ اهـ.

[قَضَاء السَّنَة الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ فِي وَقْتِهِ]

(قَوْلُهُ وَحُكْمُ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ إلَخْ) أَقُولُ: قَالَ شَيْخُنَا الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ السِّرَاجِيُّ الْحَانُوتِيُّ وَأَمَّا كَوْنُهَا هَلْ تُقْضَى أَوْ لَا فَعَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْمُتُونِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ سُنَّةَ الظُّهْرِ تُقْضَى يَقْتَضِي أَنْ تُقْضَى سُنَّةُ الْجُمُعَةِ إذْ لَا فَرْقَ لَكِنْ فِي رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ فِي بَابِ فَضْلِ مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ وَإِذَا جَاءَ الرَّجُلُ إلَى الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِ الْإِمَامَةِ هَلْ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ الَّتِي يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا قَالَ لَا يُصَلِّي بَلْ يَسْكُتُ ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاتِهِ وَسَقَطَتْ عَنْهُ هَذِهِ الْأَرْبَعُ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» اهـ.

ذَكَرَهُ فِي فَتَاوَاهُ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ خَيْرُ الدَّيْنِ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُصَلَّى بَعْدَ خُرُوجِهِ لَا عَلَى أَنَّهَا تَسْقُطُ بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى أَنَّهَا لَا تُقْضَى بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا تُقْضَى سُنَّةُ الظُّهْرِ أَيْضًا إذَا جَاءَ وَوُجِدَ الْإِمَامُ شَارِعًا فِي الظُّهْرِ مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْإِقَامَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» نَعَمْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَضَائِهَا إذَا فَاتَتْ عَنْ مَحَلِّهَا وَأَمَّا سُنَّةُ الظُّهْرِ فَإِنَّمَا قَالُوا بِقَضَائِهَا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا فَاتَتْهُ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ قَضَاهُنَّ بَعْدَهُ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ فَتَكُونُ سُنَّةُ الظُّهْرِ خَارِجَةً عَنْ الْقِيَاسِ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُقَاسُ عَلَيْهَا سُنَّةُ الْجُمُعَةِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ أَفَنْدِي الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَرْفِ وَالْآيَةِ لَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي الْأَفْهَامِ فَالِاسْتِدْرَاكُ الَّذِي ذَكَرَهُ هَذَا الْفَاضِلُ لَا يَخْلُو عَنْ الْكَلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>