للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ اسْتِرْدَادُهَا قَبْلَ هَلَاكِ الْغُلَامِ لِمَا عُرِفَ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ فِي الصَّدَاقِ زَادَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ رَدُّ نِصْفِ الصَّدَاقِ إلَّا بِرِضَا الْمَرْأَةِ عِنْدَهُمَا وَقِيلَ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا فَهُمَا فَرَّقَا بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الصَّدَاقِ حَقَّ الْمَرْأَةِ فِي الزِّيَادَةِ وَلَوْ بَطَلَ، فَإِنَّمَا يَبْطُلُ قَصْدًا بِإِيقَاعِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ حَقِّهَا قَصْدًا فَأَمَّا حَقُّ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ فِي الزِّيَادَةِ لَوْ بَطَلَ، فَإِنَّمَا يَبْطُلُ حُكْمًا لَا بِقَصْدِ الْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ حَقِّهِ فِي الزِّيَادَةِ مُضَافٌ إلَى مَوْتِ الْغُلَامِ وَمَوْتُ الْغُلَامِ مَا كَانَ بِصُنْعِ الْمَأْذُونِ وَقَدْ ثَبَتَ حُكْمًا لِلشَّيْءِ وَضَرُورَةِ ثُبُوتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ قَصْدًا.

وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا عَلَى الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ هَذَا أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ لَمْ يَمُتْ لَكِنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ فَرُدَّ الْعَيْبُ كَانَ لِلْمَأْذُونِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْجَارِيَةَ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ حَدَثَتْ قَبْلَ الرَّدِّ فَحَقُّ الرَّدِّ وَحَقُّ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ فِي الزِّيَادَةِ هَذَا لَوْ بَطَلَ إنَّمَا يَبْطُلُ قَصْدًا؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِرَدِّ الْعَبْدِ وَرَدُّ الْعَبْدِ كَانَ بِقَصْدِهِ وَبَيَّنَ أَنَّ الرَّدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ مِنْ حَيْثُ مَنْعِ فَسْخِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ بِهَذَا الرَّدِّ كَمَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بَاعَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الَّذِي اشْتَرَاهُ وَوَلَدَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ قَطَعَ يَدَهَا، فَإِنْ رَدَّ الْعَبْدَ بِخِيَارِهِ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَأَرْشَهَا وَعُقْرَهَا وَوَلَدَهَا؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ فِي الْعَبْدِ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِي الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ إنَّمَا يُشْتَرَطُ لِلْفَسْخِ وَلَا يُمْكِنُهُ فَسْخُ الْعَقْدِ فِي أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَيَكُونُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِي أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ اشْتِرَاطًا لِلْخِيَارِ فِي الْآخَرِ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهَا؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ خِيَارَ شَرْطٍ فِي الْجَارِيَةِ، وَالْمُشْتَرِي مَتَى قَبَضَ الْمُشْتَرَى وَلِلْبَائِعِ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ يَكُونُ الْمُشْتَرَى مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْجَارِيَةَ حَتَّى أَعْتَقَهَا قَبْلَ هَلَاكِ الْعَبْدِ جَازَ عِتْقُهُ، فَإِنْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ هَلَاكِ الْعَبْدِ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّ قَبْلَ هَلَاكِ الْعَبْدِ عَتَقَ مِلْكَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ فِي الْجَارِيَةِ وَبَعْدَ هَلَاكِ الْعَبْدِ فَسَدَ الْبَيْعُ فِي الْجَارِيَةِ، وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ.

وَلَوْ قَبَضَ الْجَارِيَةَ وَوَجَدَ الْمَأْذُونُ بِالْعَبْدِ الْمَبِيعِ عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَرَدَّهُ بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا أَوْ خِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ ثُمَّ أَعْتَقَ الْجَارِيَةَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَكَذَا لَوْ تَقَايَلَا انْفَسَخَ الْعَيْبُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَزَالَتْ الْجَارِيَةُ عَنْ مِلْكِهِ فَصَارَ مُعْتِقًا مَا لَمْ يَمْلِكْ فَإِذًا بِهَلَاكِ الْعَبْدِ لَا يَنْفَسِخُ، وَإِنَّمَا يَفْسُدُ فَمَتَى كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِهِ صَارَ مُعْتِقًا مَا يَمْلِكُهُ فَنَفَذَ وَقِيلَ الْقَبْضُ لَا يَمْلِكُهُ فَلَا يَنْفُذُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[اشْتَرَى الْمَأْذُونُ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا وَوَهَبَ الْبَائِعُ ثَمَنَهَا مِنْ الْعَبْدِ]

قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: وَإِذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا وَوَهَبَ الْبَائِعَ ثَمَنَهَا مِنْ الْعَبْدِ وَقَبِلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ فَهِيَ جَائِزَةٌ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ أَيْ لَمْ يُرِدْ وَكَذَا لَوْ وَهَبَ مِنْ الْمَوْلَى، فَإِنْ بَاعَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَبْدًا بِجَارِيَةٍ وَقَبَضَ بَائِعُ الْجَارِيَةِ ثُمَّ وَهَبَ الْعَبْدَ مِنْ الْمَأْذُونِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَأْذُونُ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا اسْتِحْسَانًا فَلَوْ وَهَبَ الْمَأْذُونُ الْعَبْدَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَأْذُونُ الْجَارِيَةَ وَقَبِلَ الْبَائِعُ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَانَ إقَالَةً لِلْبَيْعِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَكُونُ إقَالَةً، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي الْهِبَةَ فَهِبَةُ الْعَبْدِ بَاطِلَةٌ وَلَوْ كَانَ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ هُوَ الَّذِي وَهَبَ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمَأْذُونِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا وَقَبِلَهَا الْمَأْذُونُ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَكَذَا إذَا وَهَبَ الْجَارِيَةَ مِنْ مَوْلَى الْمَأْذُونِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمَّا إذَا وَهَبَ الْجَارِيَةَ مِنْ مَوْلَى الْمَأْذُونِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَأَمَرَهُ بِالْقَبْضِ فَقَبَضَ هَلْ تَصِحُّ الْهِبَةِ هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَيَكُونُ إقَالَةً لِلْبَيْعِ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ وَلَا يَكُونُ إقَالَةً حَتَّى كَانَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَأْخُذَ الْغُلَامَ مِنْ الْمُشْتَرِي.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيُوَكَّلُ بِهِمَا) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يُوَكَّلَ بِالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَوَابِعِ الْإِجَارَةِ فَلَعَلَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْكُلِّ فَيَحْتَاجُ إلَى الْمُعَيَّنِ وَأُطْلِقَ فِي قَوْلِهِ يُوَكَّلُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا أَوْ لَا وُكِّلَ الْمَوْلَى أَوْ غَرِيمُ الْعَبْدِ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى أَصِيلٌ فِي التَّصَرُّفِ وَلَا يَنْفُذُ تَوْكِيلُ غَرِيمِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ فَيَتَضَرَّرُ الْبَقِيَّةُ فَلَوْ قَالَ وَيُوَكَّلُ غَيْرُ غَرِيمٍ وَمَوْلًى حَيْثُ لَا دَيْنَ لَكَانَ أَوْلَى قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ مَسَائِلُ تَوْكِيلِ الْمَأْذُونِ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا فِي تَوْكِيلِ الْمَأْذُونِ الثَّانِي فِي تَوْكِيلِ غَرِيمِ مَوْلَاهُ بِالْخُصُومَةِ، وَالثَّالِثُ فِي تَوْكِيلِ الْغَرِيمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>