عَلَى الْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ بَاطِلٌ إذَا كَانَ فِي عَهْدِ الْإِسْلَامِ وَمَا كَانَ مِنْهَا فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ فِي عَهْدِ عَقْدِ الذِّمَّةِ لَا يُتَعَرَّضُ اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ عَدَمُ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ فَلَوْ وَقَفَ مَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ صَحَّ وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ فَإِذَا انْقَضَتْ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا صُرِفَتْ إلَى جِهَاتِ الْوَقْفِ وَأَمَّا وَقْفُ الْمَرْهُونِ فَإِنْ افْتَكَّهُ أَوْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ عَادَ إلَى الْجِهَةِ وَإِنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَفَاءٍ بِيعَ وَبَطَلَ الْوَقْفُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِهِ حَالَ الْحَيَاةِ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَفِي الْإِسْعَافِ لَوْ وَقَفَ الْمَرْهُونَ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ صَحَّ وَأَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى دَفْعِ مَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَبْطَلَ الْوَقْفَ وَبَاعَهُ فِيمَا عَلَيْهِ. اهـ.
وَهَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَأَمَّا شَرْطُهُ الْخَاصُّ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمِلْكِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَالْإِضَافَةُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَوْ يَلْحَقُهُ حُكِمَ بِهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُشْتَرَطُ سِوَى كَوْنِ الْمَحَلِّ قَابِلًا لَهُ مِنْ كَوْنِهِ عَقَارًا أَوْ دَارًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ مُؤَبَّدًا مَقْسُومًا غَيْرَ مُشَاحٍّ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَمُسْلَمًا إلَى مُتَوَلٍّ وَسَيَأْتِي أَنَّ أَكْثَرَهُمْ أَفْتَى بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَإِنَّ بَعْضَهُمْ أَفْتَى بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمَا أَفْتَى أَحَدٌ بِقَوْلِ الْإِمَامِ.
وَأَمَّا رُكْنُهُ فَالْأَلْفَاظُ الْخَاصَّةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ وَهِيَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ لَفْظًا الْأَوَّلُ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ مُؤَبَّدَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ الثَّانِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فَهِلَالٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَغَيْرُهُمَا عَلَى صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ صَدَقَةً عُرِفَ مَصْرِفُهُ وَانْتَفَى بِقَوْلِهِ مَوْقُوفَةٌ احْتِمَالُ كَوْنِهِ نَذْرًا الثَّالِثُ حَبْسُ صَدَقَةٍ الرَّابِعُ صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَهُمَا كَالثَّانِي الْخَامِسُ مَوْقُوفَةٌ فَقَطْ لَا يَصِحُّ إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا بِمُجَرَّدِ هَذَا اللَّفْظِ مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَإِذَا كَانَ مُفِيدًا لِخُصُوصِ الْمَصْرِفِ أَعْنِي الْفُقَرَاءَ لَزِمَ كَوْنُهُ مُؤَبَّدًا لِأَنَّ جِهَةَ الْفُقَرَاءِ لَا تَنْقَطِعُ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَمَشَايِخُ بَلْخٍ يُفْتُونَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَنَحْنُ نُفْتِي بِقَوْلِهِ أَيْضًا لِمَكَانِ الْعُرْفِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ رَدُّ هِلَالٍ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ بِأَنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَيَبْطُلُ لِأَنَّ الْعُرْفَ إذَا كَانَ يَصْرِفُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَانَ كَالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِمْ.
السَّادِسُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ صَحَّ عِنْدَ هِلَالٍ أَيْضًا لِزَوَالِ الِاحْتِمَالِ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى الْفُقَرَاءِ السَّابِعُ مَحْبُوسَةٌ الثَّامِنُ حَبْسٌ وَهُمَا بَاطِلَانِ وَلَوْ كَانَ فِي حَبْسِ مِثْلِ هَذَا الْعُرْفُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِهِ مَوْقُوفَةٌ التَّاسِعُ لَوْ قَالَ هِيَ لِلسَّبِيلِ إنْ تَعَارَفُوهُ وَقْفًا مُؤَبَّدًا لِلْفُقَرَاءِ كَانَ كَذَلِكَ وَإِلَّا سُئِلَ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ الْوَقْفَ صَارَ وَقْفًا لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لَفْظَهُ أَوْ قَالَ أَرَدْت مَعْنَى صَدَقَةٍ فَهُوَ نَذْرٌ فَيَتَصَدَّقُ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَانَتْ مِيرَاثًا ذَكَرَهُ فِي النَّوَازِلِ الْعَاشِرُ جَعَلْتهَا لِلْفُقَرَاءِ إنْ تَعَارَفُوهُ وَقْفًا عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا سُئِلَ فَإِنْ أَرَادَ الْوَقْفَ فَهِيَ وَقْفٌ أَوْ الصَّدَقَةَ فَهِيَ نَذْرٌ وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ أَدْنَى فَإِثْبَاتُهُ بِهِ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ أَوْلَى وَاعْتَرَضَهُ فِي فَتَاوَى الْخَاصِّيِّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَذَكَرَ فِي إحْدَاهُمَا إذَا لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ يَكُونُ مِيرَاثًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَهُ مِيرَاثًا لَا يُنَافِي كَوْنَهُ نَذْرًا لِأَنَّ الْمَنْذُورَ بِهِ إذَا مَاتَ النَّاذِرُ وَلَمْ يُوفِ بِنَذْرِهِ يَكُونُ مِيرَاثًا إلَّا أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى تَمَامِ التَّفْصِيلِ فِي إحْدَاهُمَا وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَكُونُ نَذْرًا فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ وَلَا يُقِيمُهُ يَكُونُ مِيرَاثًا الْحَادِيَ عَشَرَ مُحَرَّمَةٌ الثَّانِيَ عَشَرَ وَقْفٌ وَهُوَ صَحِيحٌ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ الثَّالِثَ عَشَرَ حَبْسٌ مَوْقُوفَةٌ وَهُوَ كَالِاقْتِصَارِ عَلَى " مَوْقُوفَةٌ " الرَّابِعَ عَشَرَ جَعَلْتُ نُزُلَ كَرْمِي وَقْفًا صَارَ وَقْفًا فِيهِ ثَمَرَةٌ أَوْ لَا الْخَامِسَ عَشَرَ جَعَلْتُ غَلَّتَهُ وَقْفًا كَذَلِكَ الْخَامِسَ عَشَرَ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ بِمَنْزِلَةِ صَدَقَةٍ مَوْقُوفَةٍ الْكُلُّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ بِقَوْلِهِ وَقْفٌ أَوْ مَوْقُوفَةٌ السَّادِسَ عَشَرَ صَدَقَةٌ فَقَطْ كَانَتْ صَدَقَةً فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ حَتَّى مَاتَ كَانَتْ مِيرَاثًا كَذَا فِي الْخَصَّافِ.
السَّابِعَ عَشَرَ هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَجْهِ الْخَيْرِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ تَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ الثَّامِنَ عَشَرَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فِي الْحَجِّ عَنِّي وَالْعُمْرَةُ عَنِّي يَصِحُّ الْوَقْفُ
ــ
[منحة الخالق]
[رُكْنُ الْوَقْف]
(قَوْلُهُ الْخَامِسُ مَوْقُوفَةٌ فَقَطْ) أَيْ بِدُونِ ذِكْرِ صَدَقَةٍ وَكَذَا بِدُونِ تَعْيِينِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِأَنَّ تَعْيِينَهُ يَمْنَعُ إرَادَةَ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ مُؤَبَّدًا مَعْنًى وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ عَنْ الْإِسْعَافِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ) أَيْ كَوْنُ جَعَلْتُهَا لِلْفُقَرَاءِ إنْ تَعَارَفُوهُ وَقْفًا يُعْمَلُ بِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ لِأَنَّ الْوَقْفَ أَدْنَى مِنْ النَّذْرِ لِأَنَّ النَّذْرَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ التَّاسِعَةِ وَالْعَاشِرَةِ حَيْثُ كَانَتْ التَّاسِعَةُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ مِيرَاثًا بِخِلَافِ هَذِهِ (قَوْلُهُ الْخَامِسَ عَشَرَ) لَعَلَّهُ سَهْوٌ وَأَنْ يَعْطِفَ قَوْلَهُ جَعَلْتُ بِالْوَاوِ عَلَى قَوْلِهِ جَعَلْتُ نُزُلَ كَرْمِي إلَخْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute