وَلَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ فَعَنْ بِشْرٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَقِيلَ فَسَدَتْ وَيَقْضِي أَرْبَعًا لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِالِاقْتِدَاءِ ثَلَاثًا فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعٌ كَمَا لَوْ نَذَرَ ثَلَاثًا وَإِذَا أَتَمَّهَا أَرْبَعًا يُصَلِّي رَكْعَةً وَيَقْعُدُ لِأَنَّ الْأُولَى مِنْ الصَّلَاةِ ثَانِيَةُ صَلَاتِهِ وَلَوْ تَرَكَهَا جَازَتْ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا الْقِيَاسِ وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ أَرْبَعًا سَاهِيًا بَعْدَمَا قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الثَّلَاثِ وَقَدْ اقْتَدَى بِهِ الرَّجُلُ مُتَطَوِّعًا قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي لِأَنَّ الرَّابِعَةَ وَجَبَتْ عَلَى الْمُقْتَدِي بِالشُّرُوعِ وَعَلَى الْإِمَامِ بِالْقِيَامِ إلَيْهَا فَصَارَ كَرَجُلٍ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِالنَّذْرِ فَاقْتَدَى فِيهِنَّ بِغَيْرِهِ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي كَذَا هَذَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ الْمُخْتَارُ فَسَادُ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى رَأْسِ الثَّالِثَةِ أَوْ لَمْ يَقْعُدْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ خُرُوجُهُ مِنْ مَسْجِدٍ أُذِّنَ فِيهِ حَتَّى يُصَلِّيَ وَإِنْ صَلَّى لَا إلَّا فِي الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ إنْ شُرِعَ فِي الْإِقَامَةِ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ «مَنْ أَدْرَكَ الْأَذَانَ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ خَرَجَ لَمْ يَخْرُجْ لِحَاجَةٍ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرُّجُوعَ فَهُوَ مُنَافِقٌ» وَأَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ «كُنَّا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ رَجُلٌ حِينَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِلْعَصْرِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» وَالْمَوْقُوفُ فِي مِثْلِهِ كَالْمَرْفُوعِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ وَهِيَ الْمَحْمَلُ عِنْدَ إطْلَاقِهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَاسْتَثْنَى الْمَشَايِخُ مِنْهَا مَا إذَا كَانَ يَنْتَظِمُ بِهِ أَمْرُ جَمَاعَةٍ أُخْرَى بِأَنْ كَانَ مُؤَذِّنًا أَوْ إمَامًا فِي مَسْجِدٍ تَتَفَرَّقُ الْجَمَاعَةُ بِغَيْبَتِهِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ بَعْدَ النِّدَاءِ لِأَنَّهُ تَرَكَ صُورَةَ تَكْمِيلٍ مَعْنًى وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعْنَى زَادَ فِي النِّهَايَةِ أَوْ يَكُونُ خَرَجَ لِيُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ اهـ.
وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ خُرُوجُهُ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا وَالصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ مَنْدُوبَةٌ فَلَا يَرْتَكِبُ الْمَكْرُوهَ لِأَجْلِ الْمَنْدُوبِ وَلَا دَلِيلَ يَدُلُّ عَلَى تَقْيِيدِهَا بِمَا ذَكَرَهُ وَأَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ فَشَمَلَ مَا أَذَّنَ فِيهِ وَهُوَ دَاخِلُهُ أَوْ دَخَلَ بَعْدَ الْأَذَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ مِنْ الْأَذَانِ فِيهِ هُوَ دُخُولُ الْوَقْتِ وَهُوَ دَاخِلُهُ سَوَاءٌ أَذَّنَ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ عَدَمُ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ سَوَاءٌ خَرَجَ أَوْ كَانَ مَاكِثًا فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ كَمَا نُشَاهِدُهُ فِي زَمَانِنَا مِنْ بَعْضِ الْفَسَقَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ يُؤَخِّرُونَ لِدُخُولِ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ كَالصُّبْحِ مَثَلًا فَخَرَجَ إنْسَانٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ ثُمَّ رَجَعَ وَصَلَّى مَعَ الْجَمَاعَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مَكْرُوهًا وَلَمْ أَرَهُ كُلَّهُ مَنْقُولًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ صَلَّى لَا أَيْ وَإِنْ صَلَّى الْفَرْضَ وَحْدَهُ لَا يُكْرَهُ خُرُوجُهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ قَدْ أَجَابَ دَاعِيَ اللَّهِ مَرَّةً فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ثَانِيًا
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ عَدَمُ كَرَاهَةِ الْخُرُوجِ لَا عَدَمُهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَقَدْ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَهُوَ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهَا عَلَى الصَّحِيحِ إمَّا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ أَوْ وَاجِبَةٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَاسْتَثْنَى الْمُصَنِّفُ الظُّهْرَ وَالْعِشَاءَ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ فَإِنَّهُ يَكْرَهُ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ أَنْ يَخْرُجَ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِمُخَالَفَةِ الْجَمَاعَةِ عِيَانًا وَالنَّفَلُ بَعْدَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَأَمَّا فِي الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الْخُرُوجُ لِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهُمَا وَأَمَّا فِي الْمَغْرِبِ فَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَفُّلِ بِالثَّلَاثِ أَوْ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ إنْ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَكْرُوهٌ كَمَا سَبَقَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ بِلَا صَلَاةٍ أَمَّا فِي مَوْضِعٍ لَا يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ فَالْكَرَاهَةُ ظَاهِرَةٌ وَأَمَّا فِي مَوْضِعٍ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ فَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ يَخْرُجُ لِكَرَاهَةِ التَّطَوُّعِ بَعْدَهَا فَإِنْ مَكَثَ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ يُكْرَهُ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْجَمَاعَةِ وِزْرٌ عَظِيمٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ خَافَ فَوْتَ الْفَجْرِ إنْ أَدَّى سُنَّتَهُ أَيُتِمُّ وَتَرَكَهَا وَإِلَّا لَا)
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَإِذَا أَتَمَّهَا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي إذَا أَرَادَ أَنْ يُتِمَّهَا هَذَا الْمُقْتَدِي أَرْبَعًا يُصَلِّي رَكْعَةً وَيَقْعُدُ لِأَنَّ الْأُولَى مِنْ صَلَاتِهِ الَّتِي أَتَى بِهَا بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ هِيَ ثَانِيَةُ صَلَاتِهِ فَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الصَّلَاةِ بَدَلٌ مِنْ الْإِضَافَةِ تَأَمَّلْ.
[الْخُرُوج مِنْ الْمَسْجِد بَعْد الْأَذَان]
(قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْخُرُوجِ إلَخْ) حَمَلَ فِي النَّهْرِ الْخُرُوجَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَجَعَلَ الْمُكْثَ مَفْهُومًا بِالدَّلَالَةِ فَقَالَ وَإِذَا كَانَ الْخُرُوجُ إعْرَاضًا كَانَ عَدَمُ الصَّلَاةِ مَعَ الْمُكْثِ حِينَ الْإِقَامَةِ بِالْإِعْرَاضِ أَوْلَى ثُمَّ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِمَّا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَأَنَّ هَذَا الْمَجَازَ لَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَقَدْ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ) أَيْ وَمَنْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا تَحْرِيمًا تَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ أَوْ مَكْرُوهًا تَنْزِيهًا تُسْتَحَبُّ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي وَالرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ وُجُوبُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ تَجِبُ إعَادَةُ مَنْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا بِالْجَمَاعَةِ أَوْ تُسَنُّ لِيُوَافِقَ الْقَاعِدَةَ الْمَذْكُورَةَ لَكِنْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ وَلَوْ صَلَّى ثَلَاثًا يُتِمُّ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا يُنَافِي ذَلِكَ فَالْأَوْلَى تَأْوِيلُ الْقَاعِدَةِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْوَاجِبِ وَالسُّنَّةِ الَّذِي تُعَادُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ مَا كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ وَمَاهِيَّتِهَا وَالْجَمَاعَةُ وَصْفٌ لَهَا خَارِجٌ عَنْهَا فَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ لِتَرْكِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَمَّا فِي مَوْضِعٍ لَا يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ) الْمُرَادُ بِالْمَوْضِعِ الْوَقْتُ لَا الْمَكَانُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْجَمَاعَةِ وِزْرٌ عَظِيمٌ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ التَّنَفُّلِ وَعَلَى هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute