الْعَيْبِ عَنْ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ قَبَضَ الْمَعِيبَ مِنْهُمَا لَزِمَاهُ أَمَّا الْمَعِيبُ فَلِوُجُودِ الرِّضَا بِهِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَلِأَنَّهُ لَا عَيْبَ بِهِ وَلَوْ قَبَضَ السَّلِيمَ مِنْهُمَا فَلَوْ كَانَا مَعِيبَيْنِ فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا لَهُ رَدُّهُمَا جَمِيعًا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إلْزَامُ الْبَيْعِ فِي الْمَقْبُوضِ دُونَ الْآخَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يُمْكِنُ إسْقَاطُ حَقِّهِ فِي غَيْرِ الْمَقْبُوضِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَلَوْ أَعْتَقَ السَّلِيمَ أَوْ بَاعَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ لَزِمَهُ الْآخَرُ كَيْ لَا تَتَفَرَّقَ الصَّفْقَةُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِقَبْضِ الْمَبِيعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا إذَا اشْتَرَى خَاتَمَ فِضَّةٍ فِيهِ فَصٌّ وَقَلَعَ الْفَصَّ لَا يَضُرُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَهُ أَنْ يَقْلَعَ الْفَصَّ وَيَرُدَّ الْمَعِيبَ مِنْهُمَا وَلَوْ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ رَدَّهُمَا وَكَذَا السَّيْفُ الْمُحَلَّى وَالْمِنْطَقَةُ الْمُحَلَّاةُ وَلَوْ اشْتَرَى نَخْلًا فِيهِ تَمْرٌ فَجَزَّ التَّمْرَ ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا لَا يَرُدُّ أَحَدَهُمَا بَلْ يَرُدُّهُمَا لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ شَيْءٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ التَّمْرَ بَعْضُ النَّخْلِ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ بِخِلَافِ الْفَصِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْفِضَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ وَجَدَ بِبَعْضِ الْكَيْلِيِّ أَوْ الْوَزْنِيِّ عَيْبًا رَدَّهُ كُلَّهُ أَوْ أَخَذَهُ) لِكَوْنِهِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَمَا وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنَّمَا هُوَ لِيَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيَمِيَّاتِ وَالْمِثْلِيَّاتِ وَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ أَوْ وِعَاءَيْنِ وَقِيلَ إنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ أَمَّا إذَا كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدَيْنِ حَتَّى يَرُدَّ الْوِعَاءَ الَّذِي وَجَدَ فِيهِ الْعَيْبَ دُونَ الْآخَرِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُتَعَدِّدًا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِأَحَدِهِمَا إلَّا بِالْآخِرِ إذَا وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا قَالُوا إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَيُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا أَوْ رَدَّهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهُمَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ كَزَوْجَيْ خُفٍّ وَمِصْرَاعَيْ بَابٍ وَزَوْجَيْ ثَوْرٍ أَلِفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلَوْ وَجَدَ أَحَدَهُمَا أَضْيَقَ فَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَمَّا عَلَيْهِ خِفَافُ النَّاسِ فِي الْعَادَةِ يَرُدُّ وَإِلَّا لَا وَإِنْ كَانَ لَا يَسَعُ رِجْلَهُ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُمَا لِلُّبْسِ رَدَّ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِأَحَدِهِمَا إلَّا بِالْآخِرِ لَهُ أَحْكَامٌ مِنْهَا حُكْمُ الْعَيْبِ وَمِنْهَا لَوْ قَبَضَ أَحَدَهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ وَهَلَكَ الْآخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِيمَا قَبَضَ بِحِصَّتِهِ وَإِذْنُ الْبَائِعِ فِي قَبْضِ أَحَدِهِمَا إذْنٌ فِي قَبْضِهِمَا وَمِنْهَا لَوْ أَعَارَ أَحَدَهُمَا وَأَمَرَ الْمُسْتَعِيرَ بِقَبْضِهِ لَا يَكُونُ إذْنًا بِقَبْضِ الْآخَرِ وَمِنْهَا لَوْ اسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْآخَرَ إنْ شَاءَ وَمِنْهَا لَوْ عَيَّبَ الْمُشْتَرِي الْمَأْخُوذَ ثُمَّ هَلَكَ الْآخَرُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ إيَّاهُ هَلَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ مَنَعَ الْبَائِعُ هَلَكَ عَلَى الْبَائِعِ وَمِنْهَا لَوْ أَحْدَثَ الْبَائِعُ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي صَارَ قَابِضًا لَهُمَا وَمِنْهَا لَوْ رَأَى الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا فَرَضِيَهُ لَمْ يَكُنْ رِضًا بِالْآخِرِ وَمِنْهَا لَوْ تَعَيَّبَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَرُدَّ الْآخَرَ بِعَيْبٍ وَخِيَارِ رُؤْيَةٍ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَمِنْهَا لَوْ اسْتَهْلَكَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا يَدْفَعُ إلَيْهِ الْآخَرَ وَيُضَمِّنُهُ قِيمَتَهَا إنْ شَاءَ وَالْمَسَائِلُ كُلُّهَا مِنْ الْمُحِيطِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ أَحَدِهِمَا حُكْمُ الْآخَرِ إلَّا فِي مَسَائِلِ الْإِذْنِ بِقَبْضِ أَحَدِهِمَا فِي الْعَارِيَّةُ لَا يَكُونُ إذْنًا بِقَبْضِ الْآخَرِ وَرُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا لَا تَكُونُ رُؤْيَةً لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ لَمْ يُخَيَّرْ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ وَلَوْ ثَوْبًا خُيِّرَ) لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ وَالِاسْتِحْقَاقُ لَا يَمْنَعُ تَمَامَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ تَمَامَهَا بِرِضَا الْعَاقِدِ لَا بِرِضَا الْمَالِكِ أَطْلَقَهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ وَأَرَادَ بِالثَّوْبِ الْقِيَمِيَّ لِأَنَّ التَّشْقِيصَ فِيهِ عَيْبٌ وَقَدْ كَانَ وَقْتَ الْبَيْعِ حَيْثُ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ بِخِلَافِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَشَمَلَ الْعَبْدَ وَالدَّارَ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ كَالدَّارِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ إنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ
ــ
[منحة الخالق]
[اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا]
قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَا مَعِيبَيْنِ) الَّذِي فِي الْمِنَحِ أَوْ كَانَا مَعِيبَيْنِ.
(قَوْلُهُ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْقَبْضِ قَيَّدَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَيْهِ فَيَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ الْمِثْلِيَّاتِ وَالْقِيَمِيَّاتِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَبْلَهُ يَرُدُّ الْكُلَّ أَوْ يَأْخُذُ الْكُلَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا اهـ.
وَالْفَرْقُ فِيهِمَا فِي الْحُكْمِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَفِي الْقِيَمِيِّ يَرُدُّ الْمَعِيبَ وَحَدَّهُ وَفِي الْمِثْلِيِّ يَرُدُّ كُلَّهُ أَوْ يَأْخُذُهُ وَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ طَعَامًا فَأَكَلَ بَعْضَهُ يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَعَلَى هَذَا إنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَتَنَبَّهَ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَجِدَ حُكْمَ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ سَيُبَيِّنُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ أَعْنِي فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ غَيْرُهُمَا أَمَّا الْعَيْبُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فَلِقَوْلِهِ أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ وَتَجِدُ حُكْمَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ كَذَلِكَ إلَّا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْعَبْدَيْنِ وَلِهَذَا لَوْ اسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرَ وَقَالَ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ رَدَّهُ كُلَّهُ أَوْ أَخَذَهُ وَمُرَادُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْبَعْضَ لَا خِيَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute