الدَّارِ وَأَغَارَ مِنْ أَهْلِ الْحُجْرَةِ عَلَى حُجْرَةٍ أُخْرَى أَوْ نَقَبَ فَدَخَلَ وَأَلْقَى شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ أَخَذَهُ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ فَسَاقَهُ وَأَخْرَجَهُ قُطِعَ) بَيَانٌ لِأَرْبَعِ مَسَائِلَ الْأُولَى لَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِيهَا مَقَاصِيرُ فَأَخْرَجَهَا مِنْ مَقْصُورَةٍ إلَى صَحْنِ الدَّارِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَقْصُورَةٍ بِاعْتِبَارِ سَاكِنِهَا حِرْزٌ عَلَى حِدَةٍ فَالْمُرَادُ بِالدَّارِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي فِيهَا مَنَازِلُ وَفِي كُلِّ مَنْزِلٍ مَكَانٌ يَسْتَغْنِي بِهِ أَهْلُهُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِصَحْنِ الدَّارِ، وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَ السِّكَّةِ وَإِلَّا فَهِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ الَّتِي لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْ الدَّارِ الثَّانِيَةِ لَوْ أَغَارَ إنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ الْمَقَاصِيرِ عَلَى مَقْصُورَةٍ فَسَرَقَ مِنْهَا قُطِعَ لِمَا بَيَّنَّا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ دَخَلَ مَقْصُورَةً عَلَى غِرَّةٍ فَأَخَذَ بِسُرْعَةٍ يُقَالُ أَغَارَ الْفَرَسُ وَالثَّعْلَبُ فِي الْعَدْوِ إذَا أَسْرَعَ الثَّالِثَةُ: اللِّصُّ إذَا نَقَبَ الْبَيْتَ فَدَخَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ ثُمَّ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ خَرَجَ وَأَخَذَهُ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَقَالَ زُفَرُ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقَطْعِ كَمَا لَوْ خَرَجَ وَلَمْ يَأْخُذْ فَكَذَا الْأَخْذُ مِنْ السِّكَّةِ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَنَا أَنَّ الرَّمْيَ حِيلَةٌ يَعْتَادُهَا السُّرَّاقُ لِتَعَذُّرِ الْخُرُوجِ مَعَ الْمَتَاعِ أَوْ لِيَتَفَرَّغَ لِقِتَالِ صَاحِبِ الدَّارِ وَلِلْفِرَارِ وَلَمْ تَعْتَرِضْ عَلَيْهِ يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فَاعْتُبِرَ الْكُلُّ فِعْلًا وَاحِدًا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ فَهُوَ مُضَيِّعٌ لَا سَارِقٌ وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ. الرَّابِعَةُ: لَوْ حَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ وَسَاقَهُ وَأَخْرَجَهُ؛ لِأَنَّ سَيْرَهُ مُضَافٌ إلَيْهِ بِسُوقِهِ قَيَّدَ بِالسُّوقِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسُقْهُ وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ لَمْ يُقْطَعْ، وَالْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ مُتَسَبِّبًا فِي إخْرَاجِهِ فَيَشْمَلُ مَا إذَا عَلَّقَهُ فِي عُنُقِ كَلْبٍ وَزَجَرَهُ وَلَوْ خَرَجَ بِغَيْرِ زَاجِرٍ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّ لِلدَّابَّةِ اخْتِيَارًا فَمَا لَمْ يُفْسِدْ اخْتِيَارَهَا بِالْحَمْلِ، وَالسَّوْقِ لَا يَنْقَطِعُ نِسْبَةُ الْفِعْلِ إلَيْهَا وَكَذَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى طَائِرٍ فَطَارَ بِهِ إلَى مَنْزِلِ السَّارِقِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَيَشْمَلُ مَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي نَهْرٍ فِي الدَّارِ وَكَانَ الْمَاءُ ضَعِيفًا وَأَخْرَجَهُ بِتَحْرِيكِ السَّارِقِ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ مُضَافٌ إلَيْهِ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ الْمَاءُ بِقُوَّةِ جَرْيِهِ لَمْ يُقْطَعْ وَقِيلَ يُقْطَعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِسَبَبِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَاوَلَهُ آخَرَ مِنْ خَارِجٍ أَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي بَيْتٍ فَأَخَذَ أَوْ طَرَّ صُرَّةً خَارِجَةً مِنْ كُمٍّ أَوْ سَرَقَ مِنْ قِطَارٍ بَعِيرًا أَوْ حِمْلًا لَا) أَيْ لَا يُقْطَعُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ أَمَّا الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا نَقَبَ اللِّصُّ الْبَيْتَ فَدَخَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ وَنَاوَلَهُ آخَرَ مِنْ خَارِجِ الدَّارِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْإِخْرَاجُ لِاعْتِرَاضِ يَدٍ مُعْتَبَرَةٍ عَلَى الْمَالِ قَبْلَ خُرُوجِهِ، وَالثَّانِي لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ هَتْكُ الْحِرْزِ فَلَمْ تَتِمَّ السَّرِقَةُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا أَخْرَجَ الدَّاخِلُ يَدَهُ وَنَاوَلَهَا الْخَارِجَ أَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ الْخَارِجُ فَتَنَاوَلَهَا مِنْ يَدِ الدَّاخِلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ مَا إذَا وَضَعَ الدَّاخِلُ الْمَالَ عِنْدَ النَّقْبِ ثُمَّ خَرَجَ وَأَخَذَهُ قِيلَ يُقْطَعُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهِيَ مَا إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي بَيْتٍ وَأَخَذَ فَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ اللِّصَّ إذَا كَانَ ظَرِيفًا لَا يُقْطَعُ قِيلَ وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ أَنْ يَنْقُبَ الْبَيْتَ وَيُدْخِلَ يَدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَهُ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَهْتِكْ الْحِرْزَ قَيَّدَ بِالْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الصُّنْدُوقِ، وَالْجَيْبِ، وَالْكُمِّ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْمُمْكِنَ فِيهَا إدْخَالُ الْيَدِ لَا الدُّخُولُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَقَّ الْجَوْلَقَ فَتَبَدَّدَ مَا فِيهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَأَخَذَهُ لَا يُقْطَعُ لِعَدَمِ الْهَتْكِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ وَهِيَ مَا إذَا طَرَّ صُرَّةً خَارِجَةً مِنْ كُمٍّ فَلِأَنَّ الرِّبَاطَ مِنْ خَارِجٍ فَبِالطَّرِّ لَا تَبْقَى الصُّرَّةُ دَاخِلَ الْكُمِّ فَيَتَحَقَّقُ الْأَخْذُ مِنْ الْخَارِجِ فَلَمْ يُوجَدْ هَتْكُ الْحِرْزِ قَيَّدَ بِكَوْنِهَا خَارِجَةً؛ لِأَنَّهُ إنْ طَرَّ صُرَّةً دَاخِلَةً وَأَخَذَهَا قُطِعَ؛ لِأَنَّ الرِّبَاطَ مِنْ دَاخِلٍ فَبِالطَّرِّ تَبْقَى الصُّرَّةُ دَاخِلَ الْكُمِّ فَتَحَقَّقَ الْأَخْذُ
ــ
[منحة الخالق]
[سَرَقَ ضَيْفٌ مِمَّنْ أَضَافَهُ أَوْ سَرَقَ شَيْئًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الدَّارِ]
قَوْلُهُ: فِيهَا مَقَاصِيرُ) قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ الْمَقْصُورَةُ الْحُجْرَةُ بِلِسَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ إلَخْ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ هَذَا إذَا رَمَى بِهِ فِي الطَّرِيقِ بِحَيْثُ يَرَاهُ وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ خَرَجَ وَأَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلَكًا قَبْلَ خُرُوجِهِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بِاسْتِهْلَاكِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَطْعٌ كَمَا لَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ فِي الْحِرْزِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا رَمَى بِهِ بِحَيْثُ يَرَاهُ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ فِي يَدِهِ، فَإِذَا خَرَجَ وَأَخَذَهُ صَارَ كَأَنَّهُ خَرَجَ وَهُوَ مَعَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُقْطَعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) قَالَ فِي النَّهْرِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ مَسْأَلَةِ الطَّائِرِ وَلِذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ جَزَمَ الْحَدَّادِيُّ بِأَنَّهُ لَا قَطْعَ وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ. اهـ.
وَقَدْ يُدْفَعُ الْإِشْكَالُ بِأَنَّ الطَّائِرَ طَارَ بِاخْتِيَارِهِ فَلَمْ يُضَفْ الْفِعْلُ إلَى السَّارِقِ؛ لِأَنَّهُ عَرَضَ عَلَى فِعْلِهِ فِعْلٌ مُخْتَارٌ؛ لِأَنَّ لِلدَّابَّةِ اخْتِيَارًا كَمَا مَرَّ وَنَظِيرُهُ مَا قَالُوهُ فِي الْغَصْبِ لَوْ حَلَّ قَيْدَ عَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ رِبَاطَ دَابَّتِهِ أَوْ فَتَحَ بَابَ إصْطَبْلِهَا أَوْ قَفَصَ طَائِرِهِ فَذَهَبَتْ لَا يَضْمَنُ.
(قَوْلُهُ: فَتَبَدَّدَ مَا فِيهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَأَخَذَهُ) أَيْ أَخَذَهُ مِنْ الْأَرْضِ مَثَلًا وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ فِيهِ أَمَّا إنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فَأَخَذَ يُقْطَعُ لِوُجُودِ الْهَتْكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ لَوْ شَقَّ الْجَوْلَقَ عَلَى الْجَمَلِ وَهُوَ يَسِيرُ وَأَخَذَ مَا فِيهِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute