للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا وَجَدَتْ نَفَاذًا عَلَى الْمُتَصَدِّقِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَلَمْ يَصِرْ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ فَنَفَذَتْ عَلَيْهِ وَلَوْ تَصَدَّقَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ جَازَ وَيَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ كَالْأَمْرِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا رُجُوعَ لَهُ إلَّا بِالشَّرْطِ، وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ لِيَتَصَدَّقَ بِهَا تَطَوُّعًا فَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا حَتَّى نَوَى الْآمِرُ أَنْ تَكُونَ زَكَاتَهُ ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهَا أَجْزَأَهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي ثُمَّ نَوَى عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ، وَفِي الْفَتَاوَى رَجُلَانِ دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَكَاةَ مَالِهِ إلَى رَجُلٍ لِيُؤَدِّيَ عَنْهُ فَخَلَطَ مَالَهُمَا ثُمَّ تَصَدَّقَ ضَمِنَ الْوَكِيلُ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ أَوْقَافٌ مُخْتَلِفَةٌ فَخَلَطَ إنْزَالَ الْأَوْقَافِ وَكَذَلِكَ الْبَيَّاعُ وَالسِّمْسَارُ وَالطَّحَّانُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ الطَّحَّانُ مَأْذُونًا بِالْخَلْطِ عُرْفًا انْتَهَى وَبِهِ يُعْلَمُ حُكْمُ مَنْ يَجْمَعُ لِلْفُقَرَاءِ، وَمَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يُوَكِّلُوهُ فَإِنْ كَانَ وَكِيلًا مِنْ جَانِبِ الْفُقَرَاءِ أَيْضًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَإِذَا ضَمِنَ فِي صُورَةِ الْخَلْطِ لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عَنْ أَرْبَابِهَا فَإِذَا أَدَّى صَارَ مُؤَدِّيًا مَالَ نَفْسِهِ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَلَوْ لَمْ يَخْلِطْ الْجَابِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ مَنْ أَعْطَى قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ الدَّرَاهِمُ مِائَتَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَعْطَى بَعْدَ مَا بَلَغَتْ نِصَابًا إنْ كَانَ الْفَقِيرُ وَكَّلَ الْجَابِيَ وَعَلِمَ الْمُعْطِي بِبُلُوغِهِ نِصَابًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْجَابِي وَكِيلَ الْفَقِيرِ جَازَ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُعْطِي بِبُلُوغِهِ نِصَابًا جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلِلْوَكِيلِ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى وَلَدِ نَفْسِهِ كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا، وَإِلَى امْرَأَتِهِ إذَا كَانُوا مَحَاوِيجَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمْسِكَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا اهـ.

إلَّا إذَا قَالَ ضَعْهَا حَيْثُ شِئْتَ فَلَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا لِنَفْسِهِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِعَزْلِ مَا وَجَبَ عَنْ الْعُهْدَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْأَدَاءِ إلَى الْفَقِيرِ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ أَفْرَزَ مِنْ النِّصَابِ خَمْسَةً ثُمَّ ضَاعَتْ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ إفْرَازِهَا كَانَتْ الْخَمْسَةُ مِيرَاثًا عَنْهُ اهـ.

بِخِلَافِ مَا إذَا ضَاعَتْ فِي يَدِ السَّاعِي لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي التَّجْنِيسِ لَوْ عَزَلَ الرَّجُلُ زَكَاةَ مَالِهِ وَوَضَعَهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ بَيْتِهِ فَسَرَقَهَا مِنْهُ سَارِقٌ لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ لِلشُّبْهَةِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ يُقْطَعُ السَّارِقُ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا اهـ.

بِلَفْظِهِ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الزَّكَاةَ لَيْسَ لِلْفَقِيرِ أَنْ يُطَالِبَهُ، وَلَا أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، وَإِنْ أَخَذَ كَانَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَيُضَمِّنَهُ إنْ كَانَ هَالِكًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَرَابَةِ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أَوْ فِي قَبِيلَتِهِ أَحْوَجُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ فَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا لَهُ، وَإِنْ أَخَذَ كَانَ ضَامِنًا فِي الْحُكْمِ أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - يُرْجَى أَنْ يَحِلَّ لَهُ الْأَخْذُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لَا تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِفَقْدِ شَرْطِ صِحَّتِهَا، وَهُوَ النِّيَّةُ إلَّا إذَا أَوْصَى بِهَا فَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ كَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا فَالسَّاعِي لَا يَأْخُذُ مِنْهُ كُرْهًا، وَلَوْ أَخَذَ لَا يَقَعُ عَنْ الزَّكَاةِ لِكَوْنِهَا بِلَا اخْتِيَارٍ وَلَكِنْ يُجْبِرُهُ بِالْحَبْسِ لِيُؤَدِّيَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَسْلُبُ الِاخْتِيَارَ بَلْ الطَّوَاعِيَةَ فَيَتَحَقَّقُ الْأَدَاءُ عَنْ اخْتِيَارٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَفِي مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ: وَمَنْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ زَكَاةِ مَالِهِ وَأَخَذَهَا الْإِمَامُ كُرْهًا مِنْهُ فَوَضَعَهَا فِي أَهْلِهَا أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ وِلَايَةَ أَخْذِ الصَّدَقَاتِ فَقَامَ أَخْذُهُ مَقَامَ دَفْعِ الْمَالِكِ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ فِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ فِيهَا شَرْطٌ، وَلَمْ تُوجَدْ مِنْهُ اهـ.

وَفِي الْمَجْمَعِ: وَلَا نَأْخُذُهَا مِنْ سَائِمَةٍ امْتَنَعَ رَبُّهَا مِنْ أَدَائِهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ بَلْ نَأْمُرُهُ لِيُؤَدِّيَهَا اخْتِيَارًا. اهـ.

وَالْمُفْتَى بِهِ التَّفْصِيلُ إنْ كَانَ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْ أَرْبَابِهَا بِأَخْذِ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَخْذِ لَهُ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَضَعْ السُّلْطَانُ مَوْضِعَهَا لَا يَبْطُلُ أَخْذُهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْفَرْضَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ وِلَايَةُ أَخْذِ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ فَلَمْ يَصِحَّ أَخْذُهُ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْوَاقِعَاتِ والولوالجية وَقُيِّدَ بِالتَّصَدُّقِ بِالْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَصَدَّقَ بِبَعْضِ النِّصَابِ بِلَا نِيَّةٍ اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ زَكَاةَ كُلِّهِ وَاخْتَلَفُوا فِي سُقُوطِ زَكَاةِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ بِسُقُوطِهِ وَقَالَ

ــ

[منحة الخالق]

[شُرُوط أَدَاء الزَّكَاة]

(قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي سُقُوطِ زَكَاةِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ إلَخْ) أَخَّرَ فِي الْهِدَايَةِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَدَلِيلَهُ، وَعَادَتُهُ تَأْخِيرُ مَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَهُ؛ وَلِذَا قَالَ فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى: لَا تَسْقُطُ حِصَّتُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>