وَقَدْ يُقَالُ الطُّسُوتُ ذَكَرَهُ فِي الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقُمْقُمَةُ بِالضَّمِّ مَعْرُوفَةٌ، وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ هُوَ رُومِيٌّ وَالْجَمْعُ قَمَاقِمُ كَذَا فِي الصِّحَاحِ. اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ) هَكَذَا فِي نُسْخَةِ الزَّيْلَعِيِّ وَفِي نُسْخَةِ الْعَيْنِيِّ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ وَعَبَّرَ عَنْهَا فِي الْهِدَايَةِ بِمَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي تَشِذُّ عَنْ الْأَبْوَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَمْ تُذْكَرْ فِيهَا إذَا اُسْتُدْرِكَتْ سُمِّيَتْ بِهَا أَيْ مُتَفَرِّقَةً مِنْ أَبْوَابٍ أَوْ مَنْثُورَةً عَنْ أَبْوَابِهَا قَوْلُهُ (صَحَّ بَيْعُ الْكَلْبِ وَالْفَهْدِ وَالسِّبَاعِ وَالطُّيُورِ) لِمَا رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ فِي ثَمَنِ كَلْبِ الصَّيْدِ» وَلِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ آلَةُ الِاصْطِيَادِ فَصَحَّ بَيْعُهُ كَالْبَازِي بِدَلِيلِ أَنَّ الشَّارِعَ أَبَاحَ الِانْتِفَاعَ بِهِ حِرَاسَةً وَاصْطِيَادًا فَكَذَا بَيْعًا وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ طَهَارَةِ عَيْنِهِ بِخِلَافِ الْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ كَالْخِنْزِيرِ فَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ سُلِّمَ نَجَاسَةُ عَيْنِهِ فَهِيَ تُوجِبُ حُرْمَةَ أَكْلِهِ لَا مُنِعَ بَيْعِهِ بَلْ مُنِعَ الْبَيْعُ بِمَنْعِ الِانْتِفَاعِ شَرْعًا وَلِهَذَا أَجَزْنَا بَيْعَ السِّرْقِينَ وَالْبَعْرِ مَعَ نَجَاسَةِ عَيْنِهِمَا لِإِطْلَاقِ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا عِنْدَنَا بِخِلَافِ الْعَذِرَةِ لَمْ يُطْلَقْ الِانْتِفَاعُ بِهَا فَمُنِعَ بَيْعُهَا فَإِنْ ثَبَتَ شَرْعًا إطْلَاقُ الِانْتِفَاعِ بِهَا مَخْلُوطَةً بِالتُّرَابِ، وَلَوْ بِالِاسْتِهْلَاكِ كَالِاسْتِصْبَاحِ بِالزَّيْتِ النَّجِسِ كَمَا قِيلَ جَازَ بَيْعُ ذَلِكَ التُّرَابِ الَّتِي هِيَ فِي ضِمْنِهِ وَبِهِ قَالَ مَشَايِخُنَا وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُ الْخَمْرِ لِنَصٍّ خَاصٍّ فِي مَنْعِ بَيْعِهَا وَهُوَ الْحَدِيثُ أَنَّ «الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا» . اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ اشْتَرَى ثَوْرًا أَوْ فَرَسًا مِنْ خَزَفٍ لِاسْتِئْنَاسِ الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ وَلَا يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ (طب) صَحَّ وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهُ يَجُوزُ بَيْعُ خُرْءِ الْحَمَامِ إنْ كَانَ كَثِيرًا وَهِبَتُهُ أَدْنَى الْقِيمَةِ الَّتِي تُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْبَيْعِ فَلَسًا، وَلَوْ كَانَتْ كِسْرَةَ خُبْزٍ لَا يَجُوزُ. اهـ.
أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْمُعَلَّمَ وَغَيْرَهُ الْعَقُورَ وَغَيْرَهُ هَكَذَا أُطْلِقَ فِي الْأَصْلِ فَمَشَى الْقُدُورِيُّ عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ وَنَصَّ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْعَقُورِ وَتَضْمِينِ مَنْ قَتَلَهُ قِيمَتَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مَنَعَ بَيْعَ الْعَقُورِ وَذَلِكَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ، وَقَالَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الْأَسَدِ إذَا كَانَ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَيُصْطَادُ بِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَالِاصْطِيَادَ بِهِ لَا يَجُوزُ قَالَ وَالْفَهْدُ وَالْبَازِي يَقْبَلَانِ التَّعْلِيمَ فَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ. اهـ.
فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّمِرِ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ لِشَرَاسَتِهِ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ، وَفِي بَيْعِ الْقِرْدِ رِوَايَتَانِ وَجْهُ رِوَايَةٍ الْجَوَازُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ وَهَذَا هُوَ وَجْهُ إطْلَاقِ رِوَايَةِ بَيْعِ الْكَلْبِ وَالسِّبَاعِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ أَوْ عَظْمِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَصَحَّحَ فِي الْبَدَائِعِ عَدَمَ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَى لِلِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهِ عَادَةً بَلْ لِلتَّلَهِي بِهِ وَهُوَ حَرَامٌ. اهـ.
وَيَجُوزُ بَيْعُ الْهِرَّةِ لِأَنَّهَا تَصْطَادُ الْفَأْرَةَ وَالْهَوَامَّ الْمُؤْذِيَةَ فَهِيَ مُنْتَفَعٌ بِهَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ هَوَامِّ الْأَرْضِ كَالْخَنَافِسِ وَالْعَقَارِبِ وَالْفَأْرَةِ وَالنَّمْلِ وَالْوَزَغِ وَالْقَنَافِذِ وَالضَّبِّ وَلَا هَوَامِّ الْبَحْرِ كَالضُّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ فِي الْبَحْرِ إلَّا السَّمَكَ وَمَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ أَوْ عَظْمِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْقُنْيَةِ وَبَيْعُ غَيْرِ السَّمَكِ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ كَالسَّقَنْقُورِ وَجُلُودِ الْخَزِّ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا، وَجَمَلُ الْمَاءِ قِيلَ يَجُوزُ حَيًّا لَا مَيِّتًا وَالْحَسَنُ أَطْلَقَ الْجَوَازَ وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَّاتِ إذَا كَانَ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي الْأَدْوِيَةِ فَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهَا لَا يَجُوزُ وَرَدَّهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ شَرْعًا لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلتَّدَاوِي كَالْخَمْرِ فَلَا تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى شَرْعِ الْبَيْعِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الدُّهْنِ النَّجِسِ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ لِلِاسْتِصْبَاحِ فَهُوَ كَالسِّرْقِينِ، أَمَّا الْعَذِرَةُ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا إلَّا مَخْلُوطَةً
ــ
[منحة الخالق]
ابْنُ كَمَالِ بَاشَا فِي رِسَالَةِ الْمُغْرِبِ وَوَهِمَ فِيهِ الْإِمَامُ الْمُطَرِّزِيُّ حَيْثُ قَالَ الطَّسْتُ مُؤَنَّثَةٌ وَهِيَ أَعْجَمِيَّةٌ وَالطَّسُّ تَعْرِيبُهَا لِأَنَّ الطَّسَّ مُرَخَّمٌ مِنْ الطَّسْتِ كَمَا أَنَّ الطَّشَّ مُرَخَّمٌ مِنْ الطَّشْتِ وَكَذَا الْجَوْهَرِيُّ أَخْطَأَ فِي قَوْلِهِ أَنَّ الطَّسْتَ عَرَبِيٌّ أَصْلُهُ الطَّسُّ بِلُغَةِ طَيِّئٍ أَبْدَلَ مِنْ إحْدَى السِّينَيْنِ تَاءً لِلِاسْتِثْقَالِ، فَإِذَا جَمَعْت أَوْ صَغَّرْت رَدَدْت السِّينَ لِأَنَّك فَصَلْت بَيْنَهُمَا بِأَلِفٍ أَوْ يَاءٍ فَقُلْتُ: طِسَاسٌ وَطَسِيسٌ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ حَيْثُ قَالَ الطَّسْتُ الطَّسُّ أُبْدِلَ مِنْ إحْدَى السِّينَيْنِ تَاءً وَصَاحِبُ الْمُجْمَلِ أَيْضًا غَافِلٌ عَنْ تَعْرِيبِهَا حَيْثُ قَالَ وَالطَّسُّ لُغَةً فِي طَسْتٍ اهـ.
[بَابُ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْبَيْع]
(بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute