للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَصِيرُونَ مُقِيمِينَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَفِي الْمُجْتَبَى: وَالْمَلَّاحُ مُسَافِرٌ إلَّا عِنْدَ الْحَسَنِ وَسَفِينَتُهُ أَيْضًا لَيْسَتْ بِوَطَنٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اقْتَدَى مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ فِي الْوَقْتِ صَحَّ وَأَتَمَّ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ إلَى الْأَرْبَعِ لِلتَّبَعِيَّةِ كَمَا تَتَغَيَّرُ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ لِاتِّصَالِ الْمُغَيَّرِ بِالسَّبَبِ، وَهُوَ الْوَقْتُ وَفَرْضُ الْمُسَافِرِ قَابِلٌ لِلتَّغَيُّرِ حَالَ قِيَامِ الْوَقْتِ كَنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِيهِ وَإِذَا كَانَ التَّغْيِيرُ لِضَرُورَةِ الِاقْتِدَاءِ فَلَوْ أَفْسَدَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِزَوَالِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِالْمُقِيمِ فِي فَرْضِهِ يَنْوِي النَّفَلَ حَيْثُ يُصَلِّي أَرْبَعًا إذَا أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَدَاءَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَهُنَا لَمْ يَقْصِدْ سِوَى إسْقَاطِ فَرْضِهِ غَيْرَ أَنَّهُ تَغَيَّرَ ضَرُورَةُ مُتَابَعَتِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مَا لَوْ اقْتَدَى الْمُقِيمُ بِالْمُسَافِرِ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فَاسْتَخْلَفَ الْمُقِيمَ فَإِنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ إلَى الْأَرْبَعِ مَعَ أَنَّهُ صَارَ مُقْتَدِيًا بِالْخَلِيفَةِ الْمُقِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُؤْتَمُّ خَلِيفَةً عَنْ الْمُسَافِرِ كَانَ الْمُسَافِرُ كَأَنَّهُ الْإِمَامُ فَيَأْخُذُ الْخَلِيفَةُ صِفَةَ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ ثُمَّ فِي اقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ إذَا لَمْ يَجْلِسْ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا وَتَابَعَهُ الْمُسَافِرُ فَقَدْ قِيلَ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ، وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ صَارَتْ أَرْبَعًا بِالتَّبَعِيَّةِ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَصَحَّحَهُ فِي الْقُنْيَةِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّف إلَى أَنَّ الْإِمَامَ الْمُسَافِرَ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْمُسَافِرَ الْإِتْمَامُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لِلتَّبَعِيَّةِ فَلَوْ أَمَّ الْمُسَافِرُ مُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَتَشَهَّدَ فَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ تَكَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسَافِرِينَ أَوْ قَامَ فَذَهَبَ ثُمَّ نَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ يَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ وَفَرْضُ الْمُسَافِرِينَ الَّذِينَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا إلَى الْأَرْبَعِ وَصَلَاةُ مَنْ تَكَلَّمَ تَامَّةٌ فَلَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَ نِيَّةِ الْإِمَامِ الْإِقَامَةَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَزِمَهُ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ

(قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ لَا) أَيْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ الْوَقْتِ لِانْقِضَاءِ السَّبَبِ كَمَا لَا يَتَغَيَّرُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فَيَكُونُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ التَّحْرِيمَةِ كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَالْمَذْكُورُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ التَّحْرِيمَةَ غَيْرَ الشَّارِحِ وَالْحَدَّادِيِّ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا اقْتَدَى بِالْمُقِيمِ أَوَّلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْقَعْدَةَ تَصِيرُ فَرْضًا فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ وَغَيْرَ فَرْضٍ فِي حَقِّ الْإِمَامِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالنَّفْلِ فِي عِبَارَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَا قَابَلَ الْفَرْضَ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْوَاجِبُ فَإِنَّ الْقَعْدَةَ الْأُولَى وَاجِبَةٌ، وَإِنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَكَانَ الْإِمَامُ قَدْ قَرَأَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ فَالْقِرَاءَةُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي نَافِلَةٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَرْضٌ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ صَلَّى الشَّفْعَ الْأَوَّلَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَاقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي فَفِيهِ رِوَايَتَانِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَمُقْتَضَى الْمُتُونِ عَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ لَا فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ، وَلَا الْقِرَاءَةِ

وَأَمَّا التَّحْرِيمَةُ فَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا، وَلَمْ يَظْهَرْ قَوْلُ الْحَدَّادِيِّ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْإِمَامِ اشْتَمَلَتْ عَلَى الْفَرْضِ لَا غَيْرُ وَأَجَابَ فِي الْمُحِيطِ عَمَّا إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ قَضَاءٌ عَنْ الْأُولَيَيْنِ وَالْقَضَاءُ يَلْتَحِقُ بِمَحَلِّهِ فَلَا يَبْقَى لِلْأَخِرَيْنِ قِرَاءَةٌ اهـ.

يَعْنِي: فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَقُيِّدَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ عَدَمُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بَعْدَ الْوَقْتِ بِقَيْدَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ فَائِتَةً فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ رُبَاعِيَّةً أَمَّا إذَا كَانَتْ ثُنَائِيَّةً أَوْ ثُلَاثِيَّةً أَوْ كَانَتْ فَائِتَةً فِي حَقِّ الْإِمَامِ مُؤَدَّاةً فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ كَمَا إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ يَرَى قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الظُّهْرِ وَالْإِمَامُ يَرَى قَوْلَهُمَا وَقَوْلَ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ دُخُولُهُ مَعَهُ فِي الظُّهْرِ بَعْدَ الْمِثْلِ قَبْلَ الْمِثْلَيْنِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ. اهـ.

وَهُوَ تَقْيِيدٌ حَسَنٌ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ كَوْنُهَا فَائِتَةً

ــ

[منحة الخالق]

[اقْتِدَاء مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ فِي الصَّلَاة]

(قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) دَفَعَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَعْنَى اقْتَدَى نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الصِّحَّةُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْقِرَاءَةِ نَافِلَةً فِي الشَّفْعِ الثَّانِي إذَا قَرَأَ فِي الْأَوَّلِ أَيْضًا لَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ فَرْضًا فِيهِ إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ الْتِحَاقُهَا بِالْأَوَّلِ فَيَكُونُ الثَّانِي خَالِيًا عَنْ الْقِرَاءَةِ أَصْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَسَيَأْتِي عَنْ الْمُحِيطِ وَلَكِنْ قَدَّمَ الْخِلَافَ فِي بَابِ السَّهْوِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ هَلْ هِيَ أَدَاءً أَمْ قَضَاءً، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَظْهَرُ مَا قَالَهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْهَرْ قَوْلُ الْحَدَّادِيِّ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ عَزَاهُ فِي السِّرَاجِ إلَى الْحَوَاشِي وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْإِمَامِ اشْتَمَلَتْ عَلَى الْفَرْضِ لَا غَيْرُ، وَإِنَّمَا زِيدَ لِيَدْخُلَ فِيهِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ اشْتَمَلَتْ عَلَى نَفْلِيَّةِ الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَالْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي السِّرَاجِ وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَبِهِ يَظْهَرُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ وَاقْتَدَى بِهِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ جَوَابَ الْمُحِيطِ الْآتِي، ثُمَّ قَالَ وَأَقُولُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَعْيِينِ الْأُولَيَيْنِ لَهَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَا فِي السِّرَاجِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَجْهَ الْفَسَادِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الْأُولَيَيْنِ لِلْقِرَاءَةِ قَالَ: وَبِهَذَا يَتَرَجَّحُ رِوَايَةُ الْفَسَادِ وَأَمَّا رِوَايَةُ الصِّحَّةِ فَلَا يَخْلُو مِنْ احْتِيَاجِهَا إلَى تَأَمُّلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>