للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْفِعْلُ اهـ.

فَعَلَى هَذَا حَقِيقَةُ الْإِيمَاءِ إنَّمَا هِيَ طَأْطَأَةُ الرَّأْسِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لَا الْقِيَامُ أَوْمَأَ قَاعِدًا) لِأَنَّ رُكْنِيَّةَ الْقِيَامِ لِلتَّوَصُّلِ بِهِ إلَى السَّجْدَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ نِهَايَةِ التَّعْظِيمِ وَإِذَا كَانَ لَا يَتَعَقَّبُهُ السُّجُودُ لَا يَكُونُ رُكْنًا فَيَتَخَيَّرُ وَالْأَفْضَلُ هُوَ الْإِيمَاءُ قَاعِدًا لِأَنَّهُ أَشْبَهَ بِالسُّجُودِ وَلَا تُرَدُّ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ حَيْثُ لَمْ يَلْزَمْهُ ثَمَّةَ سُقُوطُ الْقِيَامِ بِسَبَبِ سُقُوطِ السُّجُودِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ حَقِيقَةً بَلْ هِيَ دُعَاءٌ وَفِي الْمُجْتَبَى وَإِنْ أَوْمَأَ بِالسُّجُودِ قَائِمًا لَمْ يُجْزِهِ وَهَذَا أَحْسَنُ وَأَقْيَسُ كَمَا لَوْ أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ جَالِسًا لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ الْإِيمَاءِ بِهِمَا قَائِمًا وَقَاعِدًا كَمَا لَا يَخْفَى وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ إنْ صَلَّى بِالْإِيمَاءِ قَائِمًا لَا يَسِيلُ جُرْحُهُ وَإِنْ رَكَعَ وَسَجَدَ يَسِيلُ جُرْحُهُ يُصَلِّي قَائِمًا وَيُومِئُ لِلرُّكُوعِ ثُمَّ يَجْلِسُ وَيُومِئُ لِلسُّجُودِ لِيَكُونَ أَدَاءُ الصَّلَاةِ مَعَ الطَّهَارَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَلِكَ وَصَلَّى قَائِمًا هَكَذَا وَيُومِئُ إيمَاءً لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ لِلسُّجُودِ جَالِسًا أَقْرَبُ إلَى حَقِيقَةِ السُّجُودِ اهـ. وَأَوْمَأَ بِالْهَمْزِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ مَرِضَ فِي صَلَاتِهِ يُتِمُّ بِمَا قَدَرَ) يَعْنِي قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ أَوْ مُومِئًا إنْ تَعَذَّرَ أَوْ مُسْتَلْقِيًا إنْ لَمْ يَقْدِرْ لِأَنَّهُ بِنَاءُ الْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى فَصَارَ كَالِاقْتِدَاءِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا صَارَ إلَى حَالَةِ الْإِيمَاءِ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ لِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ انْعَقَدَتْ مُوجِبَةً لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَا تَجُوزُ بِدُونِهِمَا وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ إذَا بَنَى كَانَ بَعْضُ الصَّلَاةِ كَامِلًا وَبَعْضُهَا نَاقِصًا وَإِذَا اسْتَقْبَلَ كَانَتْ كُلُّهَا نَاقِصَةً فَلَأَنْ يُؤَدِّيَ بَعْضَهَا كَامِلًا أَوْلَى وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فَصَحَّ بَنَى وَلَوْ كَانَ مُومِيًا لَا) أَيْ لَوْ كَانَ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ فَصَحَّ لَا يَبْنِي لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الرَّاكِعِ بِالْمُومِئِ فَكَذَا الْبِنَاءُ وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ الَّذِي يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَمَا سَبَقَ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ صَلَّى بِالْإِيمَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ افْتَتَحَهَا بِالْإِيمَاءِ ثُمَّ قَدَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ بِالْإِيمَاءِ جَازَ لَهُ أَنْ يُتِمَّهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ رُكْنًا بِالْإِيمَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ تَحْرِيمَةٍ فَلَا يَكُونُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُومِئُ مُضْطَجِعًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ حَالَةَ الْقُعُودِ أَقْوَى فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّعِيفِ.

(قَوْلُهُ وَلِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَى شَيْءٍ إنْ أَعْيَا) أَيْ تَعِبَ لِأَنَّهُ عُذْرٌ أُطْلِقَ فِي الشَّيْءِ فَشَمِلَ الْعَصَا وَالْحَائِطَ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْعُدَ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْقُعُودُ إلَّا إذَا عَجَزَ لِمَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ إنْ أَعْيَا لِأَنَّ الِاتِّكَاءَ مَكْرُوهٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ لِأَنَّهُ إسَاءَةٌ فِي الْأَدَبِ وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالصَّحِيحُ كَرَاهَتُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَعَدَمُ كَرَاهَةِ الْقُعُودِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ عِنْدَهُ.

[صَلَّى فِي فُلْكٍ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ]

(قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى فِي فُلْكٍ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ صَحَّ) يَعْنِي صَلَّى فَرْضًا قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ صَحَّتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ أَسَاءَ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَقَالَا لَا يُجْزِئُهُ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ فَلَا يُتْرَكُ وَلَهُ أَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا دَوَرَانُ الرَّأْسِ وَهُوَ كَالْمُحَقَّقِ الْآنَ أَنَّ الْقِيَامَ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ وَالْخُرُوجُ أَفْضَلُ إنْ أَمْكَنَهُ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِقَلْبِهِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْمَرْبُوطَةِ وَالْمَرْبُوطَةُ كَالشَّطِّ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْمَرْبُوطَةِ بِالشَّطِّ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَرْبُوطَةً فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ فَالْأَصَحُّ إنْ كَانَ الرِّيحُ يُحَرِّكُهَا شَدِيدًا فَهِيَ كَالسَّائِرَةِ وَإِلَّا فَكَالْوَاقِفَةِ ثُمَّ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَالِاخْتِيَارِ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي الْمَرْبُوطَةِ فِي الشَّطِّ مُطْلَقًا وَفِي الْإِيضَاحِ فَإِنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً فِي الشَّطِّ وَهِيَ عَلَى قَرَارِ الْأَرْضِ فَصَلَّى قَائِمًا جَازَ لِأَنَّهَا إذَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا إلَخْ) أَقُولُ: هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ طَأْطَأَةِ الرَّأْسِ لَا تَكُونُ رُكُوعًا وَإِلَّا لَسَمَّوْهُ رُكُوعًا وَاقْتَصَرُوا عَلَى ذِكْرِ الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ فَلَا بُدَّ فِي الرُّكُوعِ مِنْ انْحِنَاءٍ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَهُوَ إيمَاءٌ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفُ أَوْمَأَ قَاعِدًا) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ صَلَّى قَاعِدًا إذْ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ لِلْقِرَاءَةِ فَإِذَا جَاءَ أَوَانُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْمَأَ قَاعِدًا. اهـ.

قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ افْتِرَاضُ التَّحْرِيمَةِ قَائِمًا أَيْضًا وَلَمْ أَرَ مَا ذَكَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ الَّتِي عِنْدِي مِنْ فَتَاوَى وَشُرُوحٍ وَغَيْرِهَا بَلْ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى سُقُوطِ رُكْنِيَّةِ الْقِيَامِ وَإِنْ شَرْعِيَّتُهُ لِلتَّوَصُّلِ إلَى السُّجُودِ عَلَى أَنَّ الْقُعُودَ قِيَامٌ مِنْ وَجْهٍ وَلِذَا جَوَّزُوا اقْتِدَاءَ الرَّاكِعِ السَّاجِدِ بِالْقَاعِدِ وَمِمَّنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ صَلَّى قَاعِدًا يُومِئُ إيمَاءً الْقُدُورِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ فِي كِتَابِهِ الْهِدَايَةِ وَكِتَابِهِ مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ وَهِيَ عِبَارَةُ الْكَرْخِيِّ أَيْضًا كَمَا فِي السِّرَاجِ بَلْ يَلْزَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنْ لَا يَسْقُطَ الرُّكُوعُ عَنْهُ إذَا عَجَزَ عَنْ السُّجُودِ فَقَطْ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَدَاؤُهُ قَائِمًا كَالْقِرَاءَةِ مَعَ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ وَبَعْدَ هَذَا فَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ مَنْقُولًا فَهُوَ مَقْبُولٌ وَإِنْ كَانَ قَالَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ وَتَلْزَمُهُ الْقِرَاءَةُ فِيهِ فَالْفَرْقُ جَلِيٌّ لَا يَخْفَى فَلْيُرَاجِعْ.

(قَوْلُهُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِي هَذِهِ الْإِشَارَةِ نَظَرٌ قُلْت

<<  <  ج: ص:  >  >>