تُبَاعُ بِهِ فَأَمْكَنَ مَعْرِفَةُ قَدْرِهَا وَالْخَرَزُ بِالتَّحْرِيكِ الَّذِي يُنْظَمُ الْوَاحِدَةُ خَرَزَةٌ وَخَرَزَاتُ الْمَلِكِ جَوَاهِرُ تَاجِهِ وَيُقَالُ كَانَ الْمَلِكُ إذَا مَلَكَ عَامًا زِيدَتْ فِي تَاجِهِ خَرَزَةٌ لِيُعْلَمَ عَدَدُ سِنِينَ مُلْكِهِ، كَذَا فِي الصِّحَاحِ.
[السَّلَمُ فِي الشَّيْءِ الْمُنْقَطِعِ]
قَوْلُهُ (وَالْمُنْقَطِعِ) أَيْ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الشَّيْءِ الْمُنْقَطِعِ لِفَوْتِ شَرْطِهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْمَحِلِّ بِكَسْرِ الْحَاءِ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مِنْ الْحُلُولِ حَتَّى لَوْ كَانَ مُنْقَطِعًا عِنْدَ الْعَقْدِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَحِلِّ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ مُنْقَطِعًا فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ لِتَوَهُّمِ مَوْتِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَيَحِلُّ الْأَجَلُ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ فَيَتَضَرَّرُ رَبُّ السَّلَمِ وَحَدُّ الِانْقِطَاعِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي الْأَسْوَاقِ الَّتِي تُبَاعُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ فِي الْبُيُوتِ، وَلَوْ انْقَطَعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ بَعْدَ الْمَحِلِّ قَبْلَ أَنْ يُوفِيَ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَرَبُّ السَّلَمِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ وَأَخَذَ رَأْسَ مَالِهِ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ وُجُودَهُ وَفِي الْبِنَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى مَبْسُوطِ أَبِي الْيُسْرِ، وَلَوْ انْقَطَعَ فِي إقْلِيمٍ دُونَ إقْلِيمٍ لَا يَصِحُّ فِي الْإِقْلِيمِ الَّذِي لَا يُوجَدُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إحْضَارُهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ فَيَعْجِزُ عَنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ فِي الرُّطَبِ بِبُخَارَى لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ بِسِجِسْتَانَ اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي أَوَانِهِ يَتَخَيَّرُ رَبُّ السَّلَمِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ. اهـ.
وَفِيهَا اسْتَقْرَضَ فَاكِهَةً كَيْلًا أَوْ وَزْنًا انْقَطَعَ يَصْبِرُ إلَى أَنْ تَدْخُلَ الْجَدِيدَةُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى قِيمَتِهِ كَمَنْ اسْتَقْرَضَ طَعَامًا فِي بَلَدٍ فِيهِ الطَّعَامُ رَخِيصٌ، ثُمَّ الْتَقَيَا فِي بَلَدٍ فِيهِ الطَّعَامُ غَالٍ لَيْسَ لَهُ الطَّلَبُ بَلْ يُوَثِّقُ الْمَطْلُوبَ لِيُعْطِيَهُ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ اهـ.
قَوْلُهُ (وَلَا فِي السَّمَكِ الطَّرِيِّ) أَيْ لَا يَجُوزُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ فِي الشِّتَاءِ لِانْجِمَادِ الْمِيَاهِ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَا يَنْقَطِعُ فِيهِ جَازَ وَزْنًا لَا عَدَدًا.
وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ طَرِيًّا أَوْ مَالِحًا وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُسْلَمَ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا فَإِنْ أَسْلَمَ فِيهِ عَدَدًا لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا لِلتَّفَاوُتِ وَإِنْ أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا فَإِنْ كَانَ مَمْلُوحًا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ طَرِيًّا فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فِي حِينِهِ وَالْحُلُولُ فِي حِينِهِ وَلَا يَنْقَطِعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا.
[السَّلَمُ فِي السَّمَكِ]
قَوْلُهُ (وَصَحَّ وَزْنًا لَوْ مَالِحًا) أَيْ صَحَّ السَّلَمُ فِي السَّمَكِ بِالْوَزْنِ لَوْ كَانَ مِلْحًا لَا عَدَدًا؛ لِأَنَّ الْمِلْحَ مِنْهُ وَهُوَ الْقَدِيدُ لَا يَنْقَطِعُ وَهُوَ مَعْلُومٌ يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِبَيَانِ قَدْرِهِ بِالْوَزْنِ وَبَيَانِ نَوْعِهِ بِأَنْ يَقُولَ بُورِيٌّ أَوْ راي وَفِي أَسْمَاك الْإِسْكَنْدَرِيَّة الشفش والدونيس وَغَيْرُهَا وَفِي الْإِيضَاحِ الصَّحِيحُ أَنَّ فِي الصِّغَارِ مِنْهُ يَجُوزُ وَزْنًا وَكَيْلًا وَفِي الْكِبَارِ رِوَايَتَانِ وَفِي الْمُغْرِبِ سَمَكٌ مَلِيحٌ وَمَمْلُوحٌ وَهُوَ الْقَدِيدُ الَّذِي فِيهِ الْمِلْحُ وَلَا يُقَالُ مَالِحٌ إلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ وَالْمَالِحُ هُوَ الَّذِي شُقَّ بَطْنُهُ وَجُعِلَ فِيهِ الْمِلْحُ.
[السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ]
قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَجُوزُ إذَا بَيَّنَ جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ وَسِنَّهُ وَمَوْضِعَهُ وَصِفَتَهُ وَقَدْرَهُ كَشَاةِ خَصِيٍّ ثَنِيٍّ سَمِينٍ مِنْ الْجَنْبِ أَوْ الْفَخْذِ مِائَةُ رِطْلٍ؛ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ مَضْبُوطُ الْوَصْفِ فَصَارَ كَالْأَلْيَةِ وَالشَّحْمِ، بِخِلَافِ لَحْمِ الطُّيُورِ فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَصْفِ مَوْضِعٍ مِنْهُ وَلَهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ كِبَرِ الْعَظْمِ وَصِغَرِهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَفِي مَنْزُوعِ الْعَظْمِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ وَلِذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكِتَابِ وَفِي الْحَقَائِقِ وَالْعُيُونِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَهَذَا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ ثُبُوتِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ، وَقَدْ قِيلَ لَا خِلَافَ فَمَنْعُ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا إذَا أَطْلَقَا السَّلَمَ فِي اللَّحْمِ وَقَوْلُهُمَا فِيمَا إذَا بَيَّنَّا، وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِجَوَازِهِ صَحَّ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاللَّحْمُ قِيَمِيٌّ فَيُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إذَا غُصِبَ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ مِنْ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَعَزَاهُ فِي الصُّغْرَى إلَى وَسَطِ الْمُنْتَقَى وَفِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ يُضْمَنُ مِنْ اللَّحْمِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ بِالْقِيمَةِ وَالْخُبْزُ يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ، وَلَوْ اشْتَرَى بِاللَّحْمِ يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَالْخُبْزُ كَذَلِكَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّحْمَ مَعَ الْخُبْزِ يَسْتَوِيَانِ فِي ثُبُوتِهِمَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَيَفْتَرِقَانِ فِي الضَّمَانِ فَيُضْمَنُ اللَّحْمُ بِالْقِيمَةِ وَالْخُبْزُ بِالْمِثْلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ غِذَاءً لَكِنَّ الْخُبْزَ أَبْيَنُ غِذَاءً وَأَحْسَنُ كَفًّا فَأَظْهَرْنَا حُكْمَ التَّفْرِقَةِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ كِبَرِ الْعَظْمِ وَصِغَرِهِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي مَخْلُوعِ الْعَظْمِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ لِلْإِمَامِ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْفُصُولِ سِمَنًا وَهُزَالًا قَالَ وَحَاصِلُ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ سَلَمٌ فِي الْمُنْقَطِعِ وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ فِي مَخْلُوعِ الْعَظْمِ وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي شُجَاعٍ عَنْهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَى وَسَطِ الْمُنْتَقَى) الَّذِي فِي الْفَتْحِ وَسَطُ غَصْبِ الْمُنْتَقَى