للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ كَفَلَ بِمَالِهِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الطَّالِبُ جُعَلًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي الْكَفَالَةِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِيهَا فَالْكَفَالَةُ بَاطِلَةٌ. اهـ.

وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ إذَا كَانَتْ فِي صُلْبِهَا. اهـ.

وَهَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَنَقَلَ فِي الْبِنَايَةِ مَا فِي الْعِنَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِ التَّعْلِيقِ بِمَعْنَى التَّأْجِيلِ بَلْ الْمُرَادُ إنَّمَا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ مَعَ هَذَا التَّأْجِيلِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَمَّا صَحَّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ الْمُلَائِمُ لَمْ تَبْطُلْ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَالتَّأْجِيلُ بِغَيْرِ الْمُتَعَارَفِ شَرْطٌ فَاسِدٌ فَلَمْ تَبْطُلْ بِهِ وَلَا يُخَالِفُهُ فَرْعُ الْخُلَاصَةِ؛ لِأَنَّهُ الْأَجَلُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَلَيْسَ فِي صُلْبِهَا وَفِي الْخَانِيَّةِ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَكْفُلَانِ عَنْهُ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ هَذَا الْمَالِ فَأَبَى الْآخَرَانِ أَنْ يَكْفُلَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ الْكَفَالَةُ الْأُولَى لَازِمَةٌ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي تَرْكِ الْكَفَالَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَفَلَ بِمَالِهِ عَلَيْهِ فَبَرْهَنَ عَلَى أَلْفٍ لَزِمَهُ) ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ عِيَانًا وَلَا يَكُونُ قَوْلُ الطَّالِبِ حُجَّةً عَلَيْهِ كَمَا لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ.

قَوْلُهُ (وَإِلَّا صُدِّقَ الْكَفِيلُ فِيمَا أَقَرَّ بِحَلِفِهِ وَلَا يَنْفُذُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ عَلَى الْكَفِيلِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُبَرْهِنْ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ فِيمَا يُقِرُّ بِهِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتَاتِ كَمَا فِي الْإِيضَاحِ وَلَا يَكُونُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ حُجَّةً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَا يَنْفُذُ قَالَ الْعَيْنِيُّ بِالتَّشْدِيدِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى نَفْسِهِ، قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَلَ بِمَا ذَابَ لَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ بِمَا ثَبَتَ فَأَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِمَالٍ لَزِمَ الْكَفِيلَ لِأَنَّ الثُّبُوتَ حَصَلَ بِقَوْلِهِ وَذَابَ بِمَعْنَى حَصَلَ وَقَدْ حَصَلَ بِإِقْرَارِهِ بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ بِمَا لَك عَلَيْهِ فَإِنَّهَا بِالدَّيْنِ الْقَائِمِ فِي الْحَالِّ وَمَا ذَابَ وَنَحْوُهُ الْكَفَالَةُ بِمَا سَيَجِبُ وَالْوُجُوبُ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ وَخَرَجَ أَيْضًا مَا إذَا كَفَلَ بِمَا قُضِيَ لَك عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَمِثْلُ مَا لَك عَلَيْهِ مَا أَقَرَّ لَك بِهِ أَمْسِ فَلَوْ قَالَ الْمَطْلُوبُ أَقْرَرْت لَهُ بِأَلْفٍ أَمْسِ لَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلَ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَ مَالًا وَاجِبًا عَلَيْهِ لَا مَالًا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ مَا أَقَرَّ بِهِ فَأَقَرَّ بِهِ لِلْحَالِ لَزِمَهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ قَبْلَ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مَا كَانَ أَقَرَّ لَك وَلَوْ أَبَى الْمَطْلُوبُ الْيَمِينَ فَالْزَمْهُ الْقَاضِي الْيَمِينَ فَنَكَلَ لَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلَ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بَلْ بَذْلٌ. وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ قَالَ مَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ فَعَلَيَّ فَمَاتَ الْكَفِيلُ ثُمَّ أَقَرَّ فُلَانٌ لَزِمَ فِي تَرِكَةِ الضَّامِنِ وَكَذَا ضَمَانُ الدَّرَكِ، وَإِذَا كَفَلَ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ الْكَفِيلُ فَأَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِأَلْفٍ لَزِمَ الْمَرِيضَ جَمِيعُ مَا أَقَرَّ بِهِ فِي جَمِيعِ مَالِهِ.

كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ بَايِعْ فُلَانًا فَمَا بَايَعْته مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ عَلَيَّ صَحَّ فَإِنْ قَالَ الطَّالِبُ بِعْته مَتَاعًا بِأَلْفٍ وَقَبَضَهُ مِنِّي وَأَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ وَجَحَدَ الْكَفِيلُ يُؤْخَذُ بِهِ الْكَفِيلُ اسْتِحْسَانًا بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَوْ جَحَدَ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ الْبَيْعَ وَأَقَامَ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ لَزِمَهُمَا وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ

ــ

[منحة الخالق]

التَّأْوِيلِ عُدُولٌ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْعِبَارَاتِ لَا يَحْتَمِلُهُ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْخُلَاصَةِ كَفَلَ بِمَالِهِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الطَّالِبُ جُعَلًا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ جُعَلًا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ مَشْرُوطًا فِي الْكَفَالَةِ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي الْكَفَالَةِ فَالْجُعْلُ بَاطِلٌ وَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ أَمَّا الْجَعْلُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْكَفِيلَ مُقْرِضٌ فِي حَقِّ الْمَطْلُوبِ، وَإِذَا شَرَطَ لَهُ الْجُعْلَ مَعَ ضَمَانِ الْمِثْلِ فَقَدْ شَرَطَ لَهُ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا أَقْرَضَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ رِبًا وَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّهَا مُطْلَقَةٌ غَيْرُ مُعَلَّقَةٍ بِالْجُعْلِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْجُعْلُ مَشْرُوطًا فِي الْكَفَالَةِ ذَكَرَ أَنَّ الْجُعْلَ بَاطِلٌ وَالْكَفَالَةَ بَاطِلَةٌ أَمَّا الْجُعْلُ بَاطِلٌ لِمَا بَيَّنَّا وَكَانَ يَجِبُ أَنْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ مِمَّا لَا يُبْطِلُهَا الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَفَلَ إلَى أَنْ تَهُبَّ الرِّيحُ أَوْ تُمْطِرَ الْمَسَاءُ كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا وَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةً فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ وَالْجَوَابُ هَاهُنَا كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْكَفَالَةَ مَتَى بَطَلَتْ إنَّمَا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِيهَا شَرْطًا فَاسِدًا فَإِنْ لَمْ تَصِحَّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَلَّقَهَا بِشَرْطٍ لِلْكَفِيلِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ مِمَّنْ يَنْتَفِعُ بِالْجُعْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ الشَّرْطِ لِتَثْبُتَ الْكَفَالَةُ وَالشَّرْطُ لَمْ يَثْبُتْ لِمَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجُعْلَ فَلَا تَثْبُتُ الْكَفَالَةُ وَكَانَ بُطْلَانُ الْكَفَالَةِ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَرْطٌ بِخِلَافِ شَرْطِ هُبُوبِ الرِّيحِ وَمَطَرِ السَّمَاءِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْكَفِيلُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْكَفِيلِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَمْ تَجِبْ مُرَاعَاةُ هَذَا الشَّرْطِ كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ شَرْطًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدُهُمَا، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ مُرْسَلَةً. اهـ. مِنْ كَفَالَةِ خُوَاهَرْ زَادَهْ.

[كَفَلَ بِمَالِهِ عَلَيْهِ فَبَرْهَنَ عَلَى أَلْفٍ]

(قَوْلُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا أَقَرَّ بِحَلِفِهِ) أَيْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتَاتِ وَأَقُولُ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَا يَكْفُلُ بِهِ عَادَةً لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ دِرْهَمًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ كَذَا فِي النَّهْرِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْعَيْنِيُّ بِالتَّشْدِيدِ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>