للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَخْفَى وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا سَمِعَ الْأَذَانَ فَقَالَ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ إنْ أَرَادَ جَوَابَهُ تَفْسُدُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ تَفْسُدُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْإِجَابَةَ وَكَذَلِكَ إذَا سَمِعَ اسْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى عَلَيْهِ فَهَذَا إجَابَةٌ فَتَفْسُدُ وَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْمَعْ اسْمَهُ لَا تَفْسُدُ وَلَوْ قَالَ لَبَّيْكَ سَيِّدِي حِينَ قَرَأَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فَفِيهِ قَوْلَانِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الذَّخِيرَةِ مَعْزِيًّا إلَى نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا عَطَسَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ حَمِدَ اللَّهَ فَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ فَإِنْ شَاءَ أَسَرَّ بِهِ وَحَرَّكَ لِسَانَهُ وَإِنْ شَاءَ أَعْلَنَ وَإِنْ كَانَ خَلْفَ إمَامٍ أَسَرَّ بِهِ وَحَرَّكَ لِسَانَهُ ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ لَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ مُطْلَقًا اهـ.

وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي نَفْسِهِ وَالْأَحْسَنُ هُوَ السُّكُوتُ وَفِي الْقُنْيَةِ مَسْجِدٌ كَبِيرٌ يَجْهَرُ الْمُؤَذِّنُ فِيهِ بِالتَّكْبِيرَاتِ فَدَخَلَ فِيهِ رَجُلٌ نَادَى الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَجْهَرَ بِالتَّكْبِيرِ فَرَفَعَ الْإِمَامُ لِلْحَالِ وَجَهَرَ الْمُؤَذِّنُ بِالتَّكْبِيرِ فَإِنْ قَصَدَ جَوَابَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ عِنْدَ خَتْمِ الْإِمَامِ قِرَاءَتَهُ صَدَقَ اللَّهُ وَصَدَقَ الرَّسُولُ وَكَذَا إذَا ذَكَرَ فِي تَشَهُّدِهِ الشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُؤَذِّنِ الشَّهَادَتَيْنِ تَفْسُدُ إنْ قَصَدَ الْإِجَابَةَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَفَتْحُهُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ) أَيْ يُفْسِدُهَا لِأَنَّهُ تَعْلِيمٌ وَتَعَلُّمٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ فَتَحَ عَلَى إمَامِهِ فَلَا فَسَادَ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ إصْلَاحُ صَلَاتِهِ أَمَّا إنْ كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَقْرَأْ الْفَرْضَ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا إنْ كَانَ قَرَأَ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْفَسَادِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْتَحْ رُبَّمَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ مَا يَكُونُ مُفْسِدًا فَكَانَ فِيهِ إصْلَاحُ صَلَاتِهِ لِإِطْلَاقِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا اسْتَطْعَمَكُمْ الْإِمَامُ فَأَطْعِمُوهُ وَاسْتِطْعَامُهُ سُكُوتُهُ وَلِهَذَا لَوْ فَتَحَ عَلَى إمَامِهِ بَعْدَمَا انْتَقَلَ إلَى آيَةٍ أُخْرَى لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لِإِطْلَاقِ الْمُرَخِّصِ وَفِي الْمُحِيطِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَإِنْ فِيهِ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ إذَا فَتَحَ عَلَى إمَامِهِ يَجُوزُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْفَتْحَ وَإِنْ كَانَ تَعْلِيمًا وَلَكِنَّ التَّعْلِيمَ لَيْسَ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ وَأَنَّهُ تِلَاوَةٌ حَقِيقَةً فَلَا يَكُونُ مُفْسِدًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إلَيْهِ وَصَحَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْفَاتِحِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَتَفْسُدُ صَلَاةُ الْإِمَامِ إذَا أَخَذَ مِنْ الْفَاتِحِ بَعْد مَا انْتَقَلَ إلَى آيَةٍ أُخْرَى وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْإِمَامِ أَيْضًا فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْفَتْحَ عَلَى إمَامِهِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ صَلَاةِ أَحَدٍ لَا الْفَاتِحِ وَلَا الْآخِذِ مُطْلَقًا فِي كُلِّ حَالٍ ثُمَّ قِيلَ يَنْوِي الْفَاتِحُ بِالْفَتْحِ عَلَى إمَامِهِ التِّلَاوَةَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْوِي الْفَتْحَ دُونَ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْمُقْتَدِي مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَالْفَتْحُ عَلَى إمَامِهِ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ قَالُوا يُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَفْتَحَ عَلَى إمَامِهِ مِنْ سَاعَتِهِ وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُلْجِئَهُمْ إلَيْهِ بِأَنْ يَقِفَ سَاكِتًا بَعْدَ الْحَصْرِ أَوْ يُكَرِّرَ الْآيَةَ بَلْ يَرْكَعُ إذَا جَاءَ أَوَانُهُ أَوْ يَنْتَقِلُ إلَى آيَةٍ أُخْرَى لَمْ يَلْزَمْ مِنْ وَصْلِهَا مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ أَوْ يَنْتَقِلُ إلَى سُورَةٍ أُخْرَى كَمَا فِي الْمُحِيطِ

وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي وَقْتٍ أَوَانِ الرُّكُوعِ فَفِي بَعْضِهَا اُعْتُبِرَ أَوَانُهُ الْمُسْتَحَبُّ وَفِي بَعْضِهَا اُعْتُبِرَ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ يَعْنِي إذَا قَرَأَ مِقْدَارَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ رَكَعَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَرَادَ مِنْ الْفَتْحِ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ تَلْقِينَهُ عَلَى قَصْدِ التَّعْلِيمِ أَمَّا إنْ قَصَدَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فَلَا تَفْسُدُ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وَأَطْلَقَ فِي الْفَتْحِ الْمَذْكُورِ فَشَمِلَ مَا إذَا تَكَرَّرَ

ــ

[منحة الخالق]

بِأَنَّهُ لَمْ يُجِبْهُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْإِجَابَةَ حَصَلَتْ بِتَأْمِينِ الْعَاطِسِ فَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي تَأْمِينًا لِدُعَائِهِ وَكَلَامُ الذَّخِيرَةِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ لِلْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّ مَا فِي الذَّخِيرَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا دَعَا لَهُ لِيَكُونَ جَوَابًا أَمَّا إذَا دَعَا لِغَيْرِهِ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ جَوَابًا فَلَا تَفْسُدُ اهـ.

وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي النَّهْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّأْمِينَ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَإِنَّمَا يُفْسِدُ إذَا كَانَ جَوَابًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الذَّخِيرَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الدُّعَاءُ لِلْمُصَلِّي بِخِلَافِ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لِأَنَّ الْجَوَابَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْمَدْعُوِّ لَهُ وَهُوَ الْعَاطِسُ فَقَطْ فَتَأْمِينُهُ مُفْسِدٌ بِخِلَافِ تَأْمِينِ الْآخَرِ وَيُوَضِّحُ هَذَا مَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ قَاضِي خَانْ لَوْ عَطَسَ الْمُصَلِّي فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَرْحَمُك اللَّهُ فَقَالَ الْمُصَلِّي آمِينَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ أَجَابَهُ وَلَوْ قَالَ مَنْ بِجَنْبِهِ مَعَهُ أَيْضًا آمِينَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ تَأْمِينَهُ لَيْسَ بِجَوَابٍ اهـ.

وَالْمُرَادُ بِمَنْ بِجَنْبِهِ أَيْ مِنْ الْمُصَلِّينَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لَكِنْ سَيَأْتِي بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَةٍ عَنْ الْمُبْتَغَى لَوْ سَمِعَ الْمُصَلِّي مِنْ مُصَلٍّ آخَرَ {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] فَقَالَ آمِينَ لَا تَفْسُدُ وَقِيلَ تَفْسُدُ وَعَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا سَمِعَ الْآذَانَ إلَخْ) أَدْخَلَ فِي النَّهْرِ هَذِهِ الْفُرُوعَ تَحْتَ قَوْلِهِ وَالْجَوَابُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ وَمَا سَلَكْنَاهُ أَوْلَى

[الْفَتْحُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ فِي الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَعْلِيمٌ وَتَعَلُّمٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) لِأَنَّ الْمُسْتَفْتِحَ كَأَنَّهُ يَقُولُ إذَا انْتَهَيْت إلَى هَذَا فَبَعْدَهُ مَاذَا وَاَلَّذِي فَتَحَ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ إذَا انْتَهَيْتَ إلَى هَذَا فَبَعْدَهُ هَذَا فَيَكُونُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ كَذَا فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ فَفِي بَعْضِهَا اُعْتُبِرَ أَوَانُهُ الْمُسْتَحَبُّ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ أَلَا تَرَى إلَى مَا ذَكَرُوا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأُبَيٍّ هَلَّا فَتَحْتَ عَلَيَّ» مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ سُورَةُ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ فِي الْفَتْحِ الْمَذْكُورَ) أَيْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ الْمُفْسِدِ وَهُوَ مَا يَكُونُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>