لَا يَرْكَبُ بِرْذَوْنًا فَرَكِبَ فَرَسًا؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ اسْمٌ لِلْعَرَبِيِّ وَالْبِرْذَوْنُ لِلْعَجَمِيِّ وَالْخَيْلُ يَنْتَظِمُ الْكُلَّ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ يَحْنَثُ بِكُلِّ حَالٍ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً فَحُمِلَ عَلَى الدَّابَّةِ مُكْرَهًا لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَرْكَبُ مَرْكَبًا فَرَكِبَ سَفِينَةً أَوْ مَحْمَلًا أَوْ دَابَّةً حَنِثَ، وَلَوْ رَكِبَ آدَمِيًّا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ عَلَى هَذَا السَّرْجِ فَزِيدَ فِيهِ أَوْ نُقِصَ عَنْهُ فَرَكِبَ عَلَيْهِ حَنِثَ. اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ كُلَّمَا رَكِبْتُ دَابَّةً فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَا فَرَكِبَ دَابَّةً يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِهَا فَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَرَكِبَ مَرَّةً أُخْرَى لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِهَا مَرَّةً أُخْرَى ثُمَّ وَثُمَّ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ التَّنْجِيزِ حَيْثُ يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ أَمَّا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا فَلَوْ تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ، وَعَادَتْ إلَيْهِ فَتَزَوَّجَهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا ثُمَّ وَثُمَّ. اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ) الْأَكْلُ إيصَالُ مَا يَحْتَمِلُهُ الْمَضْغُ بِفِيهِ إلَى الْجَوْفِ مُضِغَ أَوْ لَمْ يُمْضَغْ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهَا، وَالشُّرْبُ إيصَالُ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْمَضْغَ مِنْ الْمَائِعَاتِ إلَى الْجَوْفِ مِثْلِ الْمَاءِ وَالنَّبِيذِ وَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ يَحْنَثُ، وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا كَانَ يُسَمَّى ذَلِكَ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَيَحْنَثُ فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ كَذَا أَوْ لَا يَشْرَبُ فَأَدْخَلَهُ فِي فِيهِ، وَمَضَغَهُ ثُمَّ أَلْقَاهُ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يُدْخِلَهُ فِي جَوْفِهِ؛ لِأَنَّهُ بِدُونِ ذَلِكَ لَا يَكُونُ أَكْلًا وَشُرْبًا بَلْ يَكُونُ ذَوْقًا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الْبَيْضَةَ أَوْ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الْجَوْزَةَ فَابْتَلَعَهَا قَالَ قَدْ حَنِثَ لِوُجُودِ حَدِّ الْأَكْلِ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ عِنَبًا أَوْ رُمَّانًا فَجَعَلَ يَمُصُّهُ وَيَرْمِي تُفْلَهُ وَيَبْتَلِعُ مَاءَهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَكْلِ، وَلَا فِي الشُّرْبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِأَكْلٍ، وَلَا شُرْبٍ بَلْ هُوَ مَصٌّ، وَإِنْ عَصَرَ مَاءَ الْعِنَبِ فَلَمْ يَشْرَبْهُ، وَأَكَلَ قِشْرَهُ وَحِصْرِمَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ لَيْسَ إلَّا الْمَاءُ، وَذَهَابُ الْمَاءِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ آكِلًا لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا مَضَغَهُ وَابْتَلَعَ الْمَاءَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ آكِلًا لَهُ بِابْتِلَاعِ الْمَاءِ بَلْ بِابْتِلَاعِ الْحِصْرِمِ فَدَلَّ أَنْ أَكْلَ الْعِنَبِ هُوَ أَكْلُ الْقِشْرِ وَالْحِصْرِمُ مِنْهُ، وَقَدْ وُجِدَ فَيَحْنَثُ.
وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سُكَّرًا فَأَخَذَ سُكَّرَةً فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ فَجَعَلَ يَبْتَلِعُ مَاءَهَا حَتَّى ذَابَتْ قَالَ لَمْ يَأْكُلْ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَوْصَلَهَا إلَى فِيهِ وَصَلَتْ، وَهِيَ لَا تَحْتَمِلُ الْمَضْغَ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُمَّانَةً فَمَصَّ رُمَّانَةً أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا اللَّبَنَ فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْعَسَلِ فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ هَكَذَا يَكُونُ، وَكَذَلِكَ الْخَلُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْإِدَامِ فَيَكُونُ أَكْلُهُ بِالْخُبْزِ كَاللَّبَنِ فَإِنْ أَكَلَ ذَلِكَ بِانْفِرَادِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شُرْبٌ، وَلَيْسَ بِأَكْلٍ فَإِنْ صَبَّ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءَ ثُمَّ شَرِبَهُ لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِهِ لَا آكُلُ لِعَدَمِ الْأَكْلِ وَيَحْنَثُ فِي قَوْلِهِ لَا أَشْرَبُ لِوُجُودِ الشُّرْبِ، وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْخُبْزَ فَجَفَّفَهُ ثُمَّ دَقَّهُ وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَشَرِبَهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ هَذَا شُرْبٌ لَا أَكْلٌ فَإِنْ أَكَلَهُ مَبْلُولًا أَوْ غَيْرَ مَبْلُولٍ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْخُبْزَ هَكَذَا يُؤْكَلُ عَادَةً، وَكَذَلِكَ السَّوِيقُ إذَا شَرِبَهُ بِالْمَاءِ فَهُوَ شَارِبٌ، وَلَيْسَ بِآكِلٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الذَّوْقَ، وَهُوَ مَعْرِفَةُ الشَّيْءِ بِفِيهِ مِنْ غَيْرِ إدْخَالِ عَيْنِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ مُفْطِرٌ لَا الذَّوْقُ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلِذَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ حَلَفَ لَا يَذُوقُ فِي مَنْزِلِ فُلَانٍ طَعَامًا، وَلَا شَرَابًا فَذَاقَ فِيهِ شَيْئًا أَدْخَلَهُ فِي فِيهِ، وَلَمْ يَصِلْ إلَى جَوْفِهِ حَنِثَ وَيَمِينُهُ عَلَى الذَّوْقِ حَقِيقَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَقَدَّمَهُ كَلَامٌ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهُ غَيْرُهُ تَعَالَ تَغَدَّ عِنْدِي الْيَوْمَ فَحَلَفَ لَا يَذُوقُ فِي مَنْزِلِهِ طَعَامًا، وَلَا شَرَابًا فَهَذَا عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَذُوقُ الْمَاءَ فَتَمَضْمَضَ لِلصَّلَاةِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُرَادُ بِذِكْرِ الذَّوْقِ. اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ، وَلَا يَشْرَبُ فَذَاقَ لَا يَحْنَثُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: فَرَكِبَ سَفِينَةً أَوْ مَحْمَلًا أَوْ دَابَّةً حَنِثَ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْوَاقِعَاتِ تَأَمَّلْ، وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَرْكَبُ مَرْكَبًا، وَفِي الْخَانِيَّةِ كَمَا هُنَا.
[بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ]
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَوْصَلَهَا إلَى فِيهِ) صَوَابُهُ إلَى جَوْفِهِ، وَعِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ فَهَذَا لَيْسَ بِأَكْلٍ فَقَدْ وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ مَا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْمَضْغُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute