للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَهُ يَا زَانِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ يَا زَانِي يَوْمَ الْخَمِيسِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَقَالَا لَا تُقْبَلُ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِقْرَارِ، وَالْآخَرُ بِالْإِنْشَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ قَذَفَ مُحْصَنًا أَوْ مُحْصَنَةٍ بِزِنًا حُدَّ بِطَلَبِهِ مُفَرَّقًا) أَيْ بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ مُفَرَّقًا عَلَى أَعْضَاءِ الْقَاذِفِ لِمَا تَلَوْنَاهُ مِنْ الْآيَةِ وَبَيَّنَّا مِنْ الْإِجْمَاعِ قَيَّدَ بِالْمُحْصَنِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِقَذْفِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى اشْتِرَاطِ عَجْزِ الْقَاذِفِ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الزِّنَا، فَإِنَّهُ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى صِدْقِ مَقَالَتِهِ لَمْ يَبْقَ الْمَقْذُوفُ مُحْصَنًا فَأَغْنَى ذِكْرُ الْإِحْصَانِ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ وَكَذَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمَقْذُوفُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ قَذَفَ رَجُلًا بِالزِّنَا فَرَفَعَهُ الْمَقْذُوفُ إلَى الْقَاضِي فَقَالَ الْقَاذِفُ: عِنْدِي شُهُودٌ عُدُولٌ عَلَى مَا قُلْت وَأَقَامَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ وَهَلْ يُحَدُّ الْمَقْذُوفُ إنْ شَهِدُوا بِحَدٍّ مُتَقَادِمٍ، فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ كَمَا لَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالزِّنَا قَبْلَ الْقَذْفِ إنْ كَانَ مُتَقَادِمًا لَمْ يُحَدَّ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَقَادِمٍ حُدَّ فَكَذَلِكَ هُنَا اهـ.

وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِزِنًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَذَفَهُ بِغَيْرِهِ لَا يَكُونُ قَذْفًا شَرْعًا لِمَا قَدَّمْنَاهُ فَلَا حَدَّ بِقَوْلِهِ وَطِئَكِ فُلَانٌ وَطْئًا حَرَامًا أَوْ جَامَعَكِ حَرَامًا وَأَطْلَقَ فِي الزِّنَا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِلَفْظٍ لِيَدْخُلَ فِيهِ مَا إذَا قَالَ زَنَيْت أَوْ يَا زَانِي أَوْ أَنْت أَزَنَى النَّاسِ أَوْ أَنْت أَزَنَى مِنْ فُلَانٍ أَوْ أَنْت أَزَنَى مِنِّي كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ: أَنْت أَزَنَى مِنِّي لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا زَانِيَةُ بِالتَّاءِ لَا يُحَدُّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَكُونُ قَاذِفًا وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِي يَجِبُ الْحَدُّ فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ تَرْخِيمٌ وَهُوَ حَذْفُ آخِرِ الْكَلِمَةِ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ زَانٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيكُمْ زَانٍ إلَّا وَاحِدًا أَوْ قَالَ: كُلُّكُمْ زَانٍ إلَّا وَاحِدًا أَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: أَحَدُكُمَا زَانٍ فَقِيلَ هَذَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ فَقَالَ نَعَمْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ.

وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا زَانِي فَقَالَ لَهُ غَيْرُهُ صَدَقْت حُدَّ الْمُبْتَدِئُ دُونَ الْمُصَدِّقِ وَلَوْ قَالَ لَهُ صَدَقْت هُوَ كَمَا قُلْت فَهُوَ قَاذِفٌ أَيْضًا وَلَوْ أَنَّ جَمَاعَةً قَالُوا رَأَيْنَا فُلَانًا يَزْنِي بِفُلَانَةَ ثُمَّ قَالُوا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ مُتَّصِلًا لَا حَدَّ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَلَا عَلَى الْجَمَاعَةِ وَلَوْ قَطَعُوا الْكَلَامَ ثُمَّ قَالُوا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ كَانَ عَلَيْهِمْ حَدُّ الْقَذْفِ وَلَوْ قَالَ مَنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ ابْنُ الزَّانِيَةِ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا قُلْت لَا حَدَّ عَلَى الْمُبْتَدِئِ وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْت تَزْنِي لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ مَا رَأَيْت زَانِيَةً خَيْرًا مِنْك لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ زَنَى بِك زَوْجُك قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَك كَانَ قَذْفًا وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ زَنَى فَخِذُك أَوْ ظَهْرُك أَوْ يَدُك لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ: زَنَى فَرْجُك كَانَ قَاذِفًا وَلَوْ قَذَفَ رَجُلًا بِغَيْرِ لِسَانِ الْعَرَبِيَّةِ كَانَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أُخْبِرْت أَنَّك زَانٍ أَوْ قَالَ أُشْهِدْت عَلَى ذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ زَنَيْت وَفُلَانٌ مَعَك يَكُونُ قَاذِفًا لَهُمَا وَلَوْ قَالَ: عَنَيْت وَفُلَانٌ مَعَك شَاهِدٌ لَا يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّك زَانٍ فَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ وَأَنَا أَشْهَدُ أَيْضًا لَا حَدَّ عَلَى الثَّانِي إلَّا أَنْ يَقُولَ وَأَنَا أَشْهَدُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا شَهِدْت بِهِ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَاذِفًا وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ وَقُلْ لَهُ يَا زَانِي فَلَا حَدَّ عَلَى الْآمِرِ وَهَلْ يُحَدُّ الْمَأْمُورُ إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ قَالَ لَهُ يَا زَانِي يُحَدُّ، وَإِنْ قَالَ لَهُ: إنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَك يَا زَانِي لَمْ يُحَدَّ وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَهَذَا مَعَك قَالَ ذَلِكَ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ فَهَذَا لَيْسَ بِقَذْفٍ لِلثَّانِي وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا زَانِي وَهَذَا مَعَك كَانَ قَاذِفًا لَهُمَا.

وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَهَذَا وَلَمْ يَقُلْ مَعَك فَهُوَ قَاذِفٌ لِلثَّانِي رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ زَنَيْت بِبَعِيرٍ أَوْ بِثَوْرٍ أَوْ بِحِمَارٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى التَّمْكِينِ مِنْ الْبَهَائِمِ وَلَوْ قَالَ زَنَيْت بِنَاقَةٍ أَوْ بِبَقَرَةٍ أَوْ بِثَوْبٍ أَوْ بِدِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ زَنَيْت بِنَاقَةٍ بِذَلِكَ لَك أَوْ بِدِرْهَمٍ بِذَلِكَ لَك فِي الزِّنَا، فَإِنْ قِيلَ بَلْ مَعْنَى كَلَامِهِ زَنَيْت بِدِرْهَمٍ اُسْتُؤْجِرْت عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُحَدَّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهَذَا؛ لِأَنَّ حَرْفَ الْبَاءِ تَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ، وَالْأَبْدَالَ قِيلَ لَهُ هَذَا مُحْتَمَلٌ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مُحْتَمَلٌ فَيَتَقَابَلُ الْمُحْتَمَلَانِ وَيَبْقَى

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِقْرَارِ إلَخْ) قَالَ أَبُو السُّعُودِ يُفِيدُ قَبُولَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَكَلَامُهُ فِي النَّهْرِ يُفِيدُ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ وَنَصُّهُ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِقَذْفِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يُحَدَّ فِي قَوْلِهِمْ.

[قَذَفَ مُحْصَنًا أَوْ مُحْصَنَةٍ بِزِنًا]

(قَوْلُهُ: وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ) كَذَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ إذَا قَالَ: أَنْتَ أَزَنَى النَّاسِ، فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتَ أَقْدَرُ النَّاسِ عَلَى الزِّنَا. اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ عِلَّةَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ هَذِهِ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ أَنْتَ أَزَنَى مِنْ فُلَانٍ الزَّانِي أَوْ مِنْ فُلَانٍ مِثْلَ أَزَنَى النَّاسِ وَأَزْنَى مِنِّي تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْته فِي النَّهْرِ قَالَ وَفِي أَنْتَ أَزَنَى النَّاسِ أَوْ مِنْ فُلَانٍ خِلَافٌ فَفِي الْمَبْسُوطِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إذْ مَعْنَاهُ أَنْتَ أَقْدَرُ النَّاسِ عَلَى الزِّنَا وَجَزَمَ قَاضِي خَانْ بِوُجُوبِهِ بِهِ وَكَذَا فِي أَنْتَ أَزَنَى مِنِّي فَجَزَمَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِوُجُوبِهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ. اهـ.

وَأَوْضَحَ الْمُرَادَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة حَيْثُ قَالَ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَفِي كِتَابِ الِاخْتِلَافِ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْت أَزَنَى النَّاسِ أَنْت أَزَنَى مِنْ الزُّنَاةِ أَنْت أَزَنَى مِنْ فُلَانٍ الزَّانِي أَنْت أَزَنَى فُلَانٍ أَوْ أَنْت أَزَنَى مِنِّي فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ الْحَدُّ وَفِي الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُحَدَّ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>