للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَبُوهَا؛ لِأَنَّهُ أَوْفَرُ شَفَقَةً مِنْ الِابْنِ، وَلَهُمَا: أَنَّ الِابْنَ هُوَ الْمُقَدَّمُ فِي الْعُصُوبَةِ، وَهَذِهِ الْوِلَايَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا وَلَا مُعْتَبَرَ بِزِيَادِ الشَّفَقَةِ كَأَبِي الْأُمِّ مَعَ بَعْضِ الْعَصَبَاتِ وَأَخَذَ الطَّحَاوِيُّ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَجْنُونَةِ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَجْنُونِ إذَا كَانَ لَهُ أَبٌ وَابْنٌ كَذَلِكَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَأْمُرَ الِابْنُ الْأَبَ بِالنِّكَاحِ حَتَّى يَجُوزَ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَحُكْمُ ابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ كَالِابْنِ فِي تَقْدِيمِهِ عَلَى الْأَبِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَأَطْلَقَ فِي الْمَجْنُونِ فَشَمِلَ الْأَصْلِيَّ وَالْعَارِضَ خِلَافًا لِزُفَرَ فِي الثَّانِي وَقَيَّدْنَا بِالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ لِلْأَبِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ، وَقَدْ قَدَّمْنَا حُكْمَ الصَّلَاةِ فِي الْجَنَائِزِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا قَرِيبًا أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالْمَجْنُونَةَ الْبَالِغَيْنِ إذَا زَوَّجَهُمَا الِابْنُ ثُمَّ أَفَاقَا فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَا خِيَارَ لَهُمَا فِي تَزْوِيجِهِمَا فَالِابْنُ أَوْلَى.

[فَصْلٌ فِي الْأَكْفَاءِ فِي النِّكَاح]

(فَصْلٌ فِي الْأَكْفَاءِ) .

جَمْعُ كُفْءٍ بِمَعْنَى النَّظِيرِ لُغَةً، وَالْمُرَادُ هُنَا: الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي خُصُوصِ أُمُورٍ أَوْ كَوْنُ الْمَرْأَةِ أَدْنَى وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْمَصَالِحَ إنَّمَا تَنْتَظِمُ بَيْنَ الْمُتَكَافِئِينَ عَادَةً؛ لِأَنَّ الشَّرِيفَةَ تَأْبَى أَنْ تَكُونَ مُسْتَفْرَشَةً لِلْخَسِيسِ بِخِلَافِ جَانِبِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُسْتَفْرِشٌ فَلَا يَغِيظُهُ دَنَاءَةُ الْفِرَاشِ وَمِنْ الْغَرِيبِ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْكَفَاءَةُ فِي النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا اهـ.

وَذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَعَزَاهُ إلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَكِنْ فِي الْخَبَّازِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ مِنْ جَانِبِهَا عِنْدَ الْكُلِّ اهـ.

وَهُوَ حَقُّ الْوَلِيِّ لَا حَقُّهَا فَلِذَا ذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ امْرَأَةٌ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ مَأْذُونٌ فِي النِّكَاحِ فَلَيْسَ لَهَا الْخِيَارُ وَلِلْأَوْلِيَاءِ الْخِيَارُ وَإِنْ زَوَّجَهَا الْأَوْلِيَاءُ بِرِضَاهَا وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ حُرٌّ ثُمَّ عَلِمُوا لَا خِيَارَ لِأَحَدِهِمْ، هَذَا إذَا لَمْ يُخْبِرْ الزَّوْجُ أَنَّهُ حُرٌّ وَقْتَ الْعَقْدِ، أَمَّا إذَا أَخْبَرَ الزَّوْجُ أَنَّهُ حُرٌّ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى حَالِهَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَارُ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ تَشْتَرِطْ الْكَفَاءَةَ وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ كُفْءٌ أَمْ لَا ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ لَا خِيَارَ لَهَا، وَكَذَلِكَ الْأَوْلِيَاءُ لَوْ زَوَّجُوهَا بِرِضَاهَا وَلَمْ يَعْلَمُوا بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ ثُمَّ عَلِمُوا لَا خِيَارَ لَهُمْ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ، أَمَّا إذَا شَرَطُوا فَأَخْبَرَهُمْ بِالْكَفَاءَةِ فَزَوَّجُوهَا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ كَانَ لَهُمْ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْكَفَاءَةَ كَانَ عَدَمُ الرِّضَا بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ مِنْ الْوَلِيِّ وَمِنْهَا ثَابِتًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ حَالَ الزَّوْجِ مُحْتَمَلٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ كُفُؤًا وَبَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ كُفُؤًا وَالنَّصُّ إنَّمَا أَثْبَتَ حَقَّ الْفَسْخِ بِسَبَبِ عَدَمِ الْكَفَاءَةِ حَالَ عَدَمِ الرِّضَا بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يَثْبُتُ حَالَ وُجُودِ الرِّضَا بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ مِنْ وَجْهٍ اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ انْتَسَبَ الزَّوْجُ لَهَا نَسَبًا غَيْرَ نَسَبِهِ فَإِنْ ظَهَرَ دُونَهُ وَهُوَ لَيْسَ بِكُفْءٍ فَحَقُّ الْفَسْخِ ثَابِتٌ لِلْكُلِّ وَإِنْ كَانَ كُفُؤًا فَحَقُّ الْفَسْخِ لَهَا دُونَ الْأَوْلِيَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَا ظَهَرَ فَوْقَ مَا أَخْبَرَ فَلَا فَسْخَ لِأَحَدٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ؛ لِأَنَّهَا عَسَى تَعْجِزُ عَنْ الْمُقَامِ مَعَهُ اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهُ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ فَإِذَا هُوَ أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ فَلَهَا الْخِيَارُ. اهـ.

(قَوْلُهُ مَنْ نَكَحَتْ غَيْرَ كُفْءٍ فَرَّقَ الْوَلِيُّ) لِمَا ذَكَرْنَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي انْعِقَادِهِ صَحِيحًا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الثَّلَاثَةِ فَتَبْقَى أَحْكَامُهُ مِنْ إرْثٍ وَطَلَاقٍ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْفُرْقَةِ قَضَاءُ الْقَاضِي فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِطَلَبِ الْوَلِيِّ لَكَانَ أَظْهَرَ وَقَدَّمْنَا أَنَّهَا لَا تَكُونُ طَلَاقًا وَأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ عَدَمِ الِانْعِقَادِ أَصْلًا إذَا كَانَ لَهَا

ــ

[منحة الخالق]

إذَا غَابَ الْأَقْرَبُ كَمَا مَرَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ فِي الْأَكْفَاءِ)

(قَوْلُهُ: وَذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَعَزَاهُ إلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِي الْبَدَائِعِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اعْتِبَارَهَا فِي جَانِبِ الرِّجَالِ خَاصَّةً وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ إنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ فِي جَانِبِ النِّسَاءِ عِنْدَهُمَا أَيْضًا اسْتِدْلَالًا بِمَسْأَلَةِ الْجَامِعِ وَهِيَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ أَمِيرٌ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ أَمَةً لِغَيْرِهِ جَازَ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا وَلَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى مَا زَعَمُوا؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ عِنْدَهُمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ فِيهَا مُقَيَّدٌ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ أَوْ لِاعْتِقَادِ الْكَفَاءَةِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ خَاصَّةً، وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ فِيهَا فِي وَكَالَةِ الْأَصْلِ فَلَمْ يَكُنْ دَلِيلًا عَلَى مَا ذَكَرَ. اهـ. وَسَيَأْتِي التَّعَرُّضُ لِلْمَسْأَلَةِ آخِرَ الْفَصْلِ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ حَقُّ الْوَلِيِّ لَا حَقُّهَا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْكَفَاءَةُ حَقٌّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الذَّخِيرَةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ فِي إتْمَامِ مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْمَرْأَةِ وَلِلْأَوْلِيَاءِ كَحَقِّ الْكَفَاءَةِ وَعِنْدَهُمَا لِلْمَرْأَةِ لَا غَيْرُ، اهـ.

فَإِنَّ قَوْلَهُ كَحَقِّ الْكَفَاءَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَمْلِ الْمُخْتَلِفِ عَلَى الْمُؤْتَلِفِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، وَكَذَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ قَرِيبًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَعَنْ الذَّخِيرَةِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ فَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ لَهَا الْخِيَارُ وَثَبَتَ لِلْأَوْلِيَاءِ لِرِضَاهَا بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ مِنْ وَجْهٍ حَيْثُ لَمْ تَشْتَرِطْهَا كَمَا أَفَادَهُ آخِرُ كَلَامِ الْوَلْوَالِجيَّةِ.

(قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا) أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَلَهُمَا خِيَارُ الْفَسْخِ بِالْبُلُوغِ وَقَوْلُهُ وَإِنَّ الْمُفْتَى بِهِ إلَخْ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: نَفَذَ نِكَاحُ حُرَّةٍ رَمْلِيٌّ. (قَوْلُهُ إذَا كَانَ لَهَا وَلِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>