للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ عَتَقَ عَلَى الِابْنِ حِينَ أَدَّى وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ فَلَا يَنْتَقِلُ بَعْدَهُ إلَى أَبِيهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الِابْنُ عَبْدَهُ ثُمَّ جَاءَ مُسْلِمًا وَالْمُكَاتَبَةُ بَدَلُ الْكِتَابَةِ وَقَيَّدَ بِالْكِتَابَةِ لِأَنَّ الِابْنَ إذَا دَبَّرَهُ ثُمَّ جَاءَ الْأَبُ مُسْلِمًا فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ لِلْأَبِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَأَشَارَ بِكَوْنِ الْبَدَلِ وَالْوَلَاءِ فَقَطْ لِلْأَبِ إلَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَسْخُ الْكِتَابَةِ لِصُدُورِهَا عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ يَمْلِكُ إبْطَالَ كِتَابَةِ الْوَارِثِ قَبْلَ أَدَاءِ جَمِيعِ الْبَدَلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَسْخُهَا بِمُجَرَّدِ مَجِيئِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْسَخَهَا أَمَّا إذَا فَسَخَهَا انْفَسَخَتْ إلَّا أَنَّ جَعْلَهُمْ الْوَارِثَ كَالْوَكِيلِ مِنْ جِهَتِهِ يَأْبَاهُ وَقَدَّمْنَا حُكْمَ مَا إذَا كَاتَبَ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ لَحِقَ.

[قَتَلَ مُرْتَدٌّ رَجُلًا خَطَأً وَلَحِقَ أَوْ قُتِلَ]

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَتَلَ مُرْتَدٌّ رَجُلًا خَطَأً وَلَحِقَ أَوْ قُتِلَ فَالدِّيَةُ فِي كَسْبِ الْإِسْلَامِ خَاصَّةً) بَيَانٌ لِحُكْمِ جِنَايَتِهِ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا الدِّيَةُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ لِأَنَّ الْكَسْبَيْنِ مَالُهُ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَالَيْنِ وَلِذَا يَجْرِي الْإِرْثُ فِيهِمَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ مَالُهُ هُوَ الْمُكْتَسَبُ فِي الْإِسْلَامِ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ دُونَ الْمَكْسُوبِ فِي الرِّدَّةِ لِتَوَقُّفِ تَصَرُّفِهِ وَلِذَا كَانَ الْأَوَّلُ مِيرَاثًا عَنْهُ وَالثَّانِي فَيْئًا وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ لِانْعِدَامِ النُّصْرَةِ فَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ قَيَّدَ بِلِحَاقِهِ أَوْ قَتْلِهِ يَعْنِي عَلَى الرِّدَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ تَكُونُ الدِّيَةُ فِي الْكَسْبَيْنِ جَمِيعًا مَاتَ أَوْ لَمْ يَمُتْ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ خَاصَّةً إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبُ إسْلَامٍ وَإِنَّمَا لَهُ كَسْبُ الرِّدَّةِ فَإِنَّ الْجِنَايَةَ هَدَرٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ الدِّيَةَ فِي كَسْبِ الرِّدَّةِ لِأَنَّهَا كَالدَّيْنِ وَقَدَّمْنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الدَّيْنِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ فِي رِوَايَةٍ يَقْضِي دَيْنَ الْإِسْلَامِ مِنْ كَسْبِهِ وَدَيْنَ الرِّدَّةِ مِنْ كَسْبِهَا وَفِي رِوَايَةٍ يَقْضِي مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ إلَّا أَنْ لَا يَفِي فَمِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ وَفِي رِوَايَةٍ عَكْسُهُ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ فَلَمْ يَرِدْ أَنَّ دَيْنَ الرِّدَّةِ هَدَرٌ فَكَيْفَ يُقَالُ فِي جِنَايَتِهِ مَعَ وُجُودِ كَسْبِ الرِّدَّةِ أَنَّهَا هَدَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ وَلِذَا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة والولوالجية فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا كَسْبُ الْإِسْلَامِ أَوْ إلَّا كَسْبُ الرِّدَّةِ تُسْتَوْفَى الدِّيَةُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ الْكَسْبَانِ قَالَا يَسْتَوْفِي مِنْهُمَا وَقَالَ الْإِمَامُ تُسْتَوْفَى مِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ أَوَّلًا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ اسْتَوْفَى الْفَضْلَ مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَلَى هَذَا لَوْ غَصَبَ مَالًا فَأَفْسَدَهُ يَجِبُ ضَمَانُهُ فِي مَالِ الْإِسْلَامِ وَعِنْدَهُمَا فِي الْكُلِّ اهـ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ حُكْمَ مَا اغْتَصَبَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ كَذَلِكَ عِنْدَهُ فِي كَسْبِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ فِي كَسْبِ الرِّدَّةِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة هَذَا إذَا ثَبَتَ الْغَصْبُ وَالْإِتْلَافُ بِالْمُعَايَنَةِ فَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُرْتَدِّ فَعِنْدَهُمَا يَسْتَوْفِي مِنْ الْكَسْبَيْنِ وَعِنْدَهُ مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ خَطَأً كَذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِنْهُمَا فِي إقْرَارِهِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ والولوالجية وَجِنَايَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالْمُكَاتَبِ الْمُرْتَدِّينَ كَجِنَايَتِهِمْ فِي غَيْرِ الرِّدَّةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِمَا قَائِمٌ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَالْمُكَاتَبُ يَمْلِكُ أَكْسَابَهُ فِي الرِّدَّةِ فَيَكُونُ مُوجِبُ جِنَايَتِهِ فِي كَسْبِهِ وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْمَمَالِيكِ الْمُرْتَدِّينَ هَدَرٌ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ بِقَطْعِ يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ لِكَوْنِهِ قَدْ عَلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا لَا يَضْمَنُ قَاتِلُهُ بِالْأَوْلَى وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْجَانِي لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ مَاتَ الْمُرْتَدُّ مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ مَاتَ مُسْلِمًا حَيْثُ كَانَ الْقَطْعُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَطْعُ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَالسِّرَايَةُ إلَى النَّفْسِ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَلَحِقَ بِمَعْنَى ثُمَّ وَقَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ قُتِلَ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَ تَائِبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أَوْ قَذَفَ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ مُوجِبًا لِصَيْرُورَتِهِ فِي حُكْمِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَأَمَّا إذَا فَعَلَ شَيْئًا قَبْلَ اللِّحَاقِ ثُمَّ لَحِقَ فَمَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ كَالْقَتْلِ وَالْغَصْبِ وَالْقَذْفِ يُؤْخَذُ بِهِ وَمَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَبَقِيَّةِ الْحُدُودِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ لِأَنَّ اللِّحَاقَ كَالْمَوْتِ يُورِثُ شُبْهَةً كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْقَطْعِ عَمْدًا أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ وَجَاءَ مُسْلِمًا فَمَاتَ مِنْهُ ضَمِنَ الْقَاطِعُ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ لِوَرَثَتِهِ) بَيَانُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة هَذَا إذَا ثَبَتَ إلَخْ) أَقُولُ: عِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة هَكَذَا وَأَمَّا مَا اغْتَصَبَ الْمُرْتَدُّ مِنْ شَيْءٍ أَوْ أَفْسَدَهُ فَضَمَانُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ قَالَ وَوَجَبَ بَدَلُ الْإِتْلَافِ وَالْغَصْبِ فِي الْكَسْبَيْنِ جَمِيعًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَتِّبَ كَسْبَ الرِّدَّةِ عَلَى كَسْبِ الْإِسْلَامِ هَذَا إذَا ثَبَتَ الْإِتْلَافُ وَالْغَصْبُ بِالْمُعَايَنَةِ إلَخْ وَنَقَلَ مِثْلَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ فَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>