للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى سَيِّدِهِ وَالْمَرْهُونِ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ فَكَفَنُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ تَكْفِينُهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا سَأَلُوا النَّاسَ لِيُكَفِّنُوهُ بِخِلَافِ الْحَيِّ إذَا لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا يُصَلِّي فِيهِ لَيْسَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَسْأَلُوا لَهُ ثَوْبًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَيَّ يَقْدِرُ عَلَى السُّؤَالِ بِنَفْسِهِ وَالْمَيِّتُ عَاجِزٌ، فَإِنْ سَأَلُوا لَهُ وَفَضَلَ مِنْ الْكَفَنِ شَيْءٌ يُرَدُّ إلَى الْمُتَصَدِّقِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ اعْتِبَارًا بِكِسْوَتِهِ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى وَفِي التَّجْنِيسِ وَالْوَاقِعَاتِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُتَصَدِّقُ يُكَفَّنُ بِهِ مِثْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَفِيهِمَا لَوْ كَفَّنَ مَيِّتًا مِنْ مَالِهِ ثُمَّ وَجَدَ الْكَفَنَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَمْلِكْهُ وَفِيهِمَا حَيٌّ عُرْيَانُ وَمَيِّتٌ وَمَعَهُمَا ثَوْبٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ كَانَ لِلْحَيِّ فَلَهُ لُبْسُهُ، وَلَا يُكَفَّنُ بِهِ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِلْكَ الْمَيِّتِ وَالْحَيُّ وَارِثُهُ يُكَفَّنُ بِهِ الْمَيِّتُ وَلَا يَلْبَسُهُ؛ لِأَنَّ الْكَفَنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ وَإِذَا تَعَدَّدَ مَنْ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ عَلَى مَا يُعْرَفُ فِي النَّفَقَاتِ فَالْكَفَنُ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ كَمَا كَانَتْ النَّفَقَةُ وَاجِبَةً عَلَيْهِمْ، وَلَوْ مَاتَ مُعْتَقُ شَخْصٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا، وَلَهُ خَالَةٌ مُوسِرَةٌ يُؤْمَرُ مُعْتِقُهُ بِتَكْفِينِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى خَالَتِهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ مَنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى النَّفَقَةِ فِي حَيَاتِهِ كَأَوْلَادِ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْكَفَنِ زَادَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ وَارِثًا

وَفِي الْبَدَائِعِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ كَفَنُ زَوْجِهَا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا كِسْوَتُهُ فِي الْحَيَاةِ، وَفِي الْقُنْيَةِ، وَلَوْ مَاتَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَجَبَ كَفَنُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ فَكَفَّنَهُ الْحَاضِرُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْغَائِبِ مِنْهُمْ بِحِصَّتِهِمْ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَالْعَبْدِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ النَّخْلِ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَرْجِعُ إذَا فَعَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي اهـ.

(فَصْلٌ السُّلْطَانُ أَحَقُّ بِصَلَاتِهِ)

يَعْنِي إذَا حَضَرَ؛ لِأَنَّ فِي التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ اسْتِخْفَافًا بِهِ «وَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ قَدَّمَ الْحُسَيْنُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَقَالَ: لَوْلَا السُّنَّةُ مَا قَدَّمْتُك» أَطْلَقَ فِي السُّلْطَانِ وَأَرَادَ بِهِ مَنْ لَهُ سَلْطَنَةٌ أَيْ حُكْمٌ وَوِلَايَةٌ عَلَى الْعَامَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الْخَلِيفَةَ أَوْ غَيْرَهُ فَيُقَدَّمُ الْخَلِيفَةُ إنْ حَضَرَ ثُمَّ نَائِبُ الْمِصْرِ ثُمَّ الْقَاضِي ثُمَّ صَاحِبُ الشُّرَطِ ثُمَّ خَلِيفَتُهُ ثُمَّ خَلِيفَةُ الْقَاضِي، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ إنَّمَا نَقَلَ تَقْدِيمَ السُّلْطَانِ، وَهُوَ الْخَلِيفَةُ فَقَطْ، وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُ فَلَيْسَ لَهُ التَّقَدُّمُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ إلَّا بِرِضَاهُمْ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ إنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ اهـ.

فَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ مِنْ السُّلْطَانِ فِي الْمُخْتَصَرِ هُوَ الْوَالِي الَّذِي لَا وَالِيَ فَوْقَهُ لَكِنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ وَالتَّبْيِينِ وَالْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَصَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ الْمُخْتَارُ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَ أَبُو يُوسُفَ الْوَلِيَّ مُطْلَقًا وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَا فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّ إمَامَ الْحَيِّ أَوْلَى بِهَا فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْضُرْ السُّلْطَانُ، وَلَا مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ تَوْفِيقًا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ قَلَّ مَا يَحْضُرُ الْجَنَائِزَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ وَمَعْنَى الْأَحَقِّيَّةِ وُجُوبُ تَقْدِيمِهِ.

(قَوْلُهُ، وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى افْتِرَاضِهَا وَكَوْنِهَا عَلَى الْكِفَايَةِ، وَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِنْ أَنَّهَا

ــ

[منحة الخالق]

لَمَّا كَانَ الزَّوْجُ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فِي حَيَاتِهَا، وَإِنْ كَانَ هُوَ فَقِيرًا أُجْبِرَ عَلَى كَفَنِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ وَجَبَ كَفَنُهُ إلَخْ) الَّذِي فِي الْقُنْيَةِ وَوَجَبَ بِوَاوَيْنِ أُولَاهُمَا لِلْعَطْفِ.

[فَصْلٌ الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ الْمَيِّت]

(فَصْلٌ السُّلْطَانُ أَحَقُّ بِصَلَاتِهِ)

(قَوْلُهُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَالِيًا عَلَى الْمَدِينَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ مِنْ السُّلْطَانِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُحْتَمَلُ إجْرَاؤُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَرَدَّهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِقَوْلِهِ بَعْدُ ثُمَّ الْقَاضِي، وَعَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ شَرْطُهُ الْوَاوُ. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ عَلَى كَلَامِهِ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْقَاضِيَ بَعْدَهُ، وَلَا عَلَى الْأَوَّلِ لِعَطْفِهِ إيَّاهُ بِثُمَّ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ ثُمَّ قَالَ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إمَامُ الْمِصْرِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ تَقْدِيمُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْأَوْلَى. اهـ.

وَفِي تَخْصِيصِهِ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِالْوَاوِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِحَتَّى نَحْوَ مَاتَ النَّاسُ حَتَّى الْأَنْبِيَاءُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُغْنِي اللَّبِيبِ بَلْ قَدْ جَوَّزَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ بِثُمَّ أَيْضًا وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ ثُمَّ لْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ» ، وَقَدْ وَقَعَ بِأَوْ أَيْضًا كَمَا فِي الْحَدِيثِ «وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا» .

[حُكْم صَلَاة الْجِنَازَة]

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قِيلَ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَحَكَوْا الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ فَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِسُقُوطِهَا بِفِعْلِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْمَقْصِدَ الْفِعْلُ، وَقَدْ وُجِدَ لَا يَدْفَعُ الْوَارِدَ مِنْ لَفْظِ الْوُجُوبِ فَإِنَّهُ لَا وُجُوبَ عَلَى الصَّبِيِّ، وَلَا يَحْضُرُنِي هَذَا مَنْقُولًا فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا ظَاهِرُ أُصُولِهِ عَدَمُ السُّقُوطِ كَمَا هُوَ غَيْرُ خَافٍ. اهـ.

كَذَا فِي التَّحْرِيرِ وَشَرْحِهِ لِابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ أَقُولُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>