للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْكُلِّ لَكِنْ جَعْلُهُمَا إزَارَيْنِ زِيَادَةٌ فِي سَتْرِ الرَّأْسِ وَالْعُنُقِ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ فِي التَّبْيِينِ، وَمَا دُونَ الثَّلَاثَةِ كَفَنُ الضَّرُورَةِ فِي حَقِّهَا.

(قَوْلُهُ وَتُلْبَسُ الدِّرْعَ أَوَّلًا ثُمَّ يُجْعَلُ شَعْرُهَا ضَفِيرَتَيْنِ عَلَى صَدْرِهَا ثُمَّ الْخِمَارُ فَوْقَهُ تَحْتَ اللِّفَافَةِ ثُمَّ يُعْطَفُ الْإِزَارُ ثُمَّ اللِّفَافَةُ) كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ الْخِرْقَةُ فَوْقَ الْأَكْفَانِ

، وَفِي الْجَوْهَرَةِ تُوضَعُ الْخِرْقَةُ تَحْتَ اللِّفَافَةِ وَفَوْقَ الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ

(قَوْلُهُ وَتُجَمَّرُ الْأَكْفَانُ أَوَّلًا وِتْرًا) ؛ لِأَنَّهُ «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ بِإِجْمَارِ أَكْفَانِ امْرَأَتِهِ» وَالْمُرَادُ بِهِ التَّطَيُّبُ قَبْلَ أَنْ يُدْرَجَ فِيهَا الْمَيِّتُ وَجَمِيعُ مَا يُجَمَّرُ فِيهِ الْمَيِّتُ ثَلَاثُ مَوَاضِعَ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ لِإِزَالَةِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَعِنْدَ غُسْلِهِ وَعِنْدَ تَكْفِينِهِ، وَلَا يُجَمَّرُ خَلْفُهُ، وَلَا فِي الْقَبْرِ، وَفِي الْمُجْتَبَى يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالتَّجْمِيرِ جَمْعَهَا وِتْرًا قَبْلَ الْغُسْلِ يُقَالُ أَجْمَرَ كَذَا إذَا جَمَعَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ التَّطَيُّبَ بِعُودٍ يُحْرَقُ فِي مِجْمَرَةٍ وَصَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ فِي تَجْمِيرِهَا عَلَى خَمْسٍ، وَفِي الْمُجْتَبَى الْمُكَفَّنُونَ اثْنَا عَشَرَ: الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَا، وَالثَّالِثُ الْمُرَاهِقُ الْمُشْتَهَى، وَهُوَ كَالْبَالِغِ وَالرَّابِعُ الْمُرَاهِقَةُ الَّتِي تُشْتَهَى، وَهِيَ كَالْمَرْأَةِ وَالْخَامِسُ الصَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يُرَاهِقْ فَيُكَفَّنُ فِي خِرْقَتَيْنِ إزَارٍ وَرِدَاءٍ، وَإِنْ كُفِّنَ فِي وَاحِدٍ أَجْزَأَ وَالسَّادِسُ الصَّبِيَّةُ الَّتِي لَمْ تُرَاهِقْ فَعَنْ مُحَمَّدٍ كَفَنُهَا ثَلَاثَةٌ وَهَذَا أَكْثَرُ وَالسَّابِعُ السِّقْطُ فَيُلَفُّ، وَلَا يُكَفَّنُ كَالْعُضْوِ مِنْ الْمَيِّتِ وَالثَّامِنُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَيُكَفَّنُ كَتَكْفِينِ الْجَارِيَةِ وَيُنْعَشُ وَيُسَجَّى قَبْرُهُ وَالتَّاسِعُ الشَّهِيدُ وَسَيَأْتِي وَالْعَاشِرُ الْمُحْرِمُ، وَهُوَ كَالْحَلَالِ عِنْدَنَا، وَالْحَادِيَ عَشَرَ الْمَنْبُوشُ الطَّرِيُّ فَيُكَفَّنُ كَاَلَّذِي لَمْ يُدْفَنْ وَالثَّانِي عَشَرَ الْمَنْبُوشُ الْمُتَفَسِّخُ فَيُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَنُ، وَهُوَ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِرْثِ إلَى قَدْرِ السُّنَّةِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِ مَالِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَالرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي فَلَوْ نُبِشَ عَلَيْهِ وَسُرِقَ كَفَنُهُ، وَقَدْ قُسِمَ الْمِيرَاثُ أَجْبَرَ الْقَاضِي الْوَرَثَةَ عَلَى أَنْ يُكَفِّنُوهُ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ الْغُرَمَاءُ بَدَأَ بِالْكَفَنِ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ وَالْكَفَنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانُوا قَبَضُوا لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ عَيْنُ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ حُكْمًا؛ وَلِهَذَا يُرَدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَصَارَ مِلْكُ الْمُوَرِّثِ قَائِمًا بِبَقَاءِ خَلَفِهِ، وَاسْتَثْنَى أَبُو يُوسُفَ الزَّوْجَةَ فَإِنَّ كَفَنَهَا عَلَى زَوْجِهَا لَكِنْ اخْتَلَفَتْ الْعِبَارَاتُ فِي تَحْرِيرِ مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ فَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ الْكَفَنُ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ تَرَكَتْ مَالًا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

وَكَذَا فِي الْمُجْتَبَى وَزَادَ، وَلَا رِوَايَةَ فِيهَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الْمُحِيطِ وَالتَّجْنِيسِ وَالْوَاقِعَاتِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَكَفَنُهَا عَلَى الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ لَوَجَبَ عَلَى الْأَجَانِبِ، وَهُوَ بَيْتُ الْمَالِ وَهُوَ قَدْ كَانَ أَوْلَى بِإِيجَابِ الْكِسْوَةِ عَلَيْهِ حَالَ حَيَاتِهَا فَرَجَحَ عَلَى سَائِرِ الْأَجَانِبِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجِبُ تَجْهِيزُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقَيَّدَ شَارِحُ الْمَجْمَعِ بِيَسَارِ الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ فَكَفَنُهَا فِي مَالِهَا اتِّفَاقًا

وَالظَّاهِرُ تَرْجِيحُ مَا فِي الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ كَكِسْوَتِهَا وَالْكِسْوَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ غَنِيَّةً كَانَتْ أَوْ فَقِيرَةً غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَصَحَّحَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ النَّفَقَاتِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ فَكَفَنُهُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ فِي حَيَاتِهِ وَكَفَنُ الْعَبْدِ

ــ

[منحة الخالق]

فِي إطْلَاقِ كَلَامِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ وَجْهِ أَوْلَوِيَّةِ مَا فِي الْهِدَايَةِ مِمَّا فِي الْخُلَاصَةِ يُرَجِّحُ أَنَّ الْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُجْتَبَى يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَبَعْدَهُ لَا يَخْفَى عَلَى أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ إلَّا فِي حَالِ كَوْنِهِ وِتْرًا فَيُخْرَجُ مِنْهُ كَفَنُ الْكِفَايَةِ لِلرَّجُلِ، وَعَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ (قَوْلُهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ إلَخْ) كَانَ حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ لَهُ مَالٌ لَا يَلْزَمُهُ كَفَنُهَا اتِّفَاقًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِمُصَنِّفِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا مَاتَتْ الزَّوْجَةُ، وَلَا مَالَ لَهَا فَتَجْهِيزُهَا وَتَكْفِينُهَا عَلَى الزَّوْجِ الْمُوسِرِ إلَخْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ كَكِسْوَتِهَا إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ نَاشِزَةً قَبْلَ الْمَوْتِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ كَفَنُهَا؛ لِأَنَّ كِسْوَتَهَا فِي حَيَاتِهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ حَيْثُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُمْ بِهَا مَانِعُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ حَالَةَ الْمَوْتِ مِنْ نُشُوزٍ أَوْ صِغَرٍ مَعَ كِبَرِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ النَّفَقَاتِ) أَقُولُ: الَّذِي رَأَيْته فِي نَفَقَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ هَكَذَا إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ، وَلَا مَالَ لَهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى كَفَنِهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مَنْ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْعَبْدِ مَعَ الْمَوْلَى وَالزَّوْجَةِ مَعَ الزَّوْجِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى كَفَنِهَا وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى إنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى تَكْفِينِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَوْلَى بِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَيَكُونُ أَوْلَى بِإِيجَابِ الْكَفَنِ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النَّاسِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ هُنَا. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>