للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنَّهَا بَيْعٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ، وَقَالَ زُفَرُ هِيَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ ذَكَرَ قَوْلَهُ فِي الْبَدَائِعِ، وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَأَمَّا مَنْ يَمْلِكُهَا، وَمَنْ لَا يَمْلِكُهَا فَقَالُوا مَنْ مَلَكَ الْبَيْعَ مَلَكَ إقَالَتَهُ فَصَحَّتْ إقَالَةُ الْمُوَكِّلِ مَا بَاعَهُ وَكِيلُهُ، وَإِقَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَيَضْمَنُ، وَكَتَبْنَا فِي الْفَوَائِدِ الْفِقْهِيَّةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ الْأُولَى الْوَصِيُّ لَوْ اشْتَرَى مِنْ مَدْيُونِ الْيَتِيمِ دَارًا بِعِشْرِينَ، وَقِيمَتُهَا خَمْسُونَ فَلَمَّا اسْتَوْفَى الدَّيْنَ أَقَالَهُ لَمْ تَصِحَّ إقَالَتُهُ الثَّانِيَةُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ اشْتَرَى غُلَامًا بِأَلْفٍ، وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ لَا تَصِحُّ إقَالَتُهُ، وَلَا يَمْلِكَانِ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ كَذَا فِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ الثَّالِثَةُ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لَا تَصِحُّ إقَالَتُهُ، وَكَذَا إذَا أَجَّرَ ثُمَّ أَقَالَ وَلَا صَلَاحَ فِيهَا لِلْوَقْفِ لَمْ يَجُزْ كَمَا فِيهَا أَيْضًا، وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْهَا إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَتْ، وَإِلَّا لَا الرَّابِعَةُ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا تَصِحُّ إقَالَتُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ تَصِحُّ، وَيَضْمَنُ الْخَامِسَةُ الْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا أَقَالَ إذَا كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيَمْلِكُهَا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِيهَا، وَالْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ إذَا نَاقَضَ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَقَبْلَ قَبْضِ الْأَجْرِ صَحَّ سَوَاءٌ كَانَ الْأَجْرُ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا. اهـ.

وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا بَاعَ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْوَصِيُّ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا تَجُوزُ إقَالَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ. اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ بَاعَتْ ضَيْعَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ ابْنِهَا الْبَالِغِ، وَأَجَازَ الِابْنُ الْبَيْعَ ثُمَّ أَقَالَتْ، وَأَجَازَ الِابْنُ الْإِقَالَةَ ثُمَّ بَاعَتْهَا ثَانِيًا بِغَيْرِ إجَازَتِهِ يَجُوزُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ لِأَنَّ بِالْإِقَالَةِ يَعُودُ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِ الْعَاقِدِ لَا إلَى مِلْكِ الْمُوَكِّلِ، وَالْمُجِيزِ، وَدَلِيلُهَا السُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَسَبَبُهَا الْحَاجَةُ إلَيْهَا، وَمَحَاسِنُهَا إزَالَةُ الْغَمِّ عَنْ النَّادِمِ، وَتَفْرِيجُ الْكَرْبِ عَنْ الْمَكْرُوبِ.

(فَائِدَةٌ) تَصِحُّ إقَالَة الْإِقَالَةِ فَلَوْ تَقَايَلَا الْبَيْعَ ثُمَّ تَقَايَلَا الْإِقَالَةَ ارْتَفَعَتْ الْإِقَالَةُ، وَعَادَ الْبَيْعُ، وَكَتَبْنَا فِي الْفَوَائِدِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ، وَهِيَ إقَالَةُ السَّلَمِ فَإِنَّهَا لَا تَقْبَلُ الْإِقَالَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الدَّعْوَى مِنْ بَابِ التَّحَالُفِ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ لَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ. اهـ.

(قَوْلُهُ هِيَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَيْعٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ) ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ جَعْلُهَا فَسْخًا بِأَنْ وَلَدَتْ الْمَبِيعَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ

ــ

[منحة الخالق]

الْقَبْضِ عِنْدَهُ. اهـ.

فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْجَوْهَرَةِ إنْ كَانَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهِيَ فَسْخٌ إجْمَاعًا مَحْمُولٌ عَلَى الْمَنْقُولِ، وَقَوْلُهَا، وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ إلَخْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهِيَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ لِتَعَذُّرِ جَعْلِهَا بَيْعًا فَتَأَمَّلْهُ، وَبِمَا نَقَلْنَاهُ يَظْهَرُ لَكَ مَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ حِكَايَةِ الْأَقْوَالِ إذْ لَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ فَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلِ زُفَرَ فَالصَّوَابُ أَنْ يُحْذَفَ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْكُلِّ لِأَنَّ جَعْلَهَا بَيْعًا فِي حَقِّ الثَّالِثِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الثَّلَاثَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّهْرِ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ.

[مَنْ يَمْلِكُ الْإِقَالَة وَمَنْ لَا يَمْلِكُهَا]

(قَوْلُهُ الْخَامِسَةُ الْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ، وَعَلَيْكَ أَنْ تَتَأَمَّلَ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَيَتَّضِحُ إذَا كَانَ مَعْنَاهُ فَيَمْلِكُهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا عَلَيْهِ بَلْ تَصِحُّ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَضْمَنُ تَأَمَّلْ. اهـ.

وَقَالَ الْحَمَوِيُّ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْوَكِيلُ لَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ إجْمَاعًا فَتَأَمَّلْ مَا بَيْنَ كَلَامِ الظَّهِيرِيَّةِ، وَكَلَامِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَتَخْصِيصُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي كَلَامِ الظَّهِيرِيَّةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ مِنْ عَيْبٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى فَتَأَمَّلْ اهـ.

قُلْتُ: كَلَامُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِيمَا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلَا يُنَافِي مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَمْ أَرَهُ فِي إقَالَتِهَا بَلْ رَأَيْتُ فِي الْعَاشِرِ فِي الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ مِنْهَا مَا نَصُّهُ إقَالَةُ الْوَكِيلِ بِالسَّلَمِ، وَإِقَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ جَائِزَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا إجْمَاعًا. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ ثُمَّ قَالَ وَأَرَادَ بِإِقَالَةِ الْوَكِيلِ بِالسَّلَمِ الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ السَّلَمِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ الْعَيْنِ (عَنْ) إقَالَةِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَأَنْكَرَهُ مح، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ بِإِقَالَةِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ يَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُمَا، وَيَلْزَمُ الْمَبِيعُ الْوَكِيلَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي أَصْلًا قَالَ فِي الْعِصَامِيِّ، وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ ثُمَّ أَقَالَ قَبْلَ قَبْضٍ أَوْ بَعْدَ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِ عَيْبٍ لَزِمَهُ دُونَ الْأَمْرِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إقَالَةُ الْمُوَكِّلِ بِالشِّرَاءِ مَعَ الْبَائِعِ لَمَّا صَحَّتْ فَكَذَلِكَ إقَالَةُ الْمُوَكِّلِ بِالْبَيْعِ مَعَ الْمُشْتَرِي اهـ. كَلَامُ الْقُنْيَةِ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إلَخْ) عِبَارَةُ الظَّهِيرِيَّةِ عَلَى مَا رَأَيْتُ فِيهَا نَصَّهَا، وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ لِأَنَّ بِإِقَالَتِهِ يَعُودُ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِ الْعَاقِدِ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الْعَاقِدَيْنِ فَصَارَتْ الْبَائِعَةُ وَكِيلَةً بِالْبَيْعِ بِالْإِجَازَةِ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ ثُمَّ لَمَّا أَقَالَتْ الْبَيْعَ صَارَتْ مُشْتَرِيَةً لِنَفْسِهَا، وَالشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ مَتَى وَجَدَ نَفَاذًا

<<  <  ج: ص:  >  >>