لِعَمَلِهِ إلَّا إزَالَةُ الدَّرَنِ بِالْغَسْلِ فَقَطْ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْبَيَاضَ كَانَ مُسْتَتِرًا وَقَدْ ظَهَرَ بِفِعْلِهِ فَكَأَنَّهُ أَحْدَثَهُ فِيهِ كَذَا ذَكَرَ قَاضِي خان فِي شَرْحِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مُسْتَصْفَاهُ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الْمَنْعِ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ وَغَسْلُ الثَّوْبِ نَظِيرَ الْحِمْلِ وَمُرَادُهُ إذَا كَانَ الْأَجْرُ حَالًّا أَمَّا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ عَلَيْهَا لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ لِلْحَالِّ فَلَا يَمْلِكُ الْحَبْسَ كَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ يَحْبِسُهُ إلَى أَنَّهُ عَمِلَهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ دُكَّانِهِ فَأَفَادَ أَنَّهُ إذَا خَاطَهُ أَوْ صَبَغَهُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِأَنَّ الْمَتَاعَ وَقَعَ مُسَلَّمًا إلَى الْمَالِكِ لِكَوْنِ الْمَحَلِّ فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا جَنَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ بِخِلَافِ الْمَلَّاحِ إذَا غَرِقَتْ السَّفِينَةُ بِمَدِّهِ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ فِيهَا حَيْثُ لَا يَضْمَنُ الْمَتَاعَ لِأَنَّهُ فِي يَدِ مَالِكِهِ حَقِيقَةً وَالْمَدُّ تَصَرَّفَ فِي السَّفِينَةِ دُونَ الْمَتَاعِ فَمَتَى كَانَ مَأْذُونًا فِيهِ مِنْ قِبَلِ الْمَالِكِ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فِي السَّبَبِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِالضَّمَانِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ فَإِنْ حُبِسَ فَضَاعَ فَلَا أَجْرَ وَلَا ضَمَانَ) وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي الْحَبْسِ فَبَقِيَ أَمَانَةً كَمَا كَانَ عِنْدَهُ وَلَا أَجْرَ لَهُ لِهَلَاكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَعِنْدَهُمَا الْعَيْنُ كَانَتْ مَضْمُونَةً قَبْلَ الْحَبْسِ فَكَذَا بَعْدَهُ لَكِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ مَعْمُولًا وَلَهُ الْأَجْرُ
(قَوْلُهُ وَمَنْ لَا أَثَرَ لِعَمَلِهِ كَالْجَمَالِ وَالْمَلَّاحِ لَا يُحْبَسُ لِلْأَجْرِ) لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ نَفْسُ الْعَمَلِ وَهُوَ غَيْرُ قَائِمٍ فِي الْعَيْنِ فَلَا يُتَصَوَّرُ حَبْسُهُ فَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْحَبْسِ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ حَبَسَهَا ضَمِنَهَا ضَمَانَ الْغَاصِبِ وَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا مَحْمُولَةً وَلَهُ الْأَجْرُ وَإِنْ شَاءَ غَيْرَ مَحْمُولَةٍ فَلَا أَجْرَ لَهُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ مِنْ الْأَثَرِ فَقِيلَ أَنْ تَكُونَ الْأَثَرَةُ مُتَّصِلَةٌ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ كَالنَّشَّارِ وَالصَّبْغِ وَقِيلَ أَنْ يَرَى وَيُعَايِنَ فِي مَحَلِّ الْعَمَلِ وَثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ فِي كَسْرِ الْحَطَبِ وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَحَلْقِ رَأْسِ الْعَبْدِ فَلَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَهُ الْحَبْسُ عَلَى الثَّانِي وَظَاهِرُ مَا فِي الْقُنْيَةِ تَرْجِيحُ الثَّانِي وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ لِمَا عَلَّلُوا بِهِ فِي حَقِّ الْحَبْسِ مِنْ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَصْفٌ فِي الثَّوْبِ وَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَ الْحَمَّالَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهَا بِالْجِيمِ وَالْأَوْلَى الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ عَلَى الظَّهْرِ وَعَلَى الدَّابَّةِ فَيَكُونُ أَعَمَّ مِنْ لَفْظِ الْجَمَّالِ بِالْجِيمِ وَلَا يُرَدُّ الْآبِقُ حَيْثُ يَكُونُ لِلرَّادِّ حَقُّ حَبْسِهِ لِاسْتِيفَاءِ الْجُعْلِ وَلَا أَثَرَ لِعَمَلِهِ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى شُرَفِ الْهَلَاكِ وَقَدْ أَحْيَاهُ فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ فَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ
(قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَعْمَلُ غَيْرُهُ إنْ شَرَطَ عَمَلَهُ بِنَفْسِهِ) لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي مَحَلٍّ بِعَيْنِهِ كَالْمَنْفَعَةِ فِي مَحَلٍّ بِعَيْنِهِ وَاسْتَثْنَى فِي الْخُلَاصَةِ الظِّئْرَ فَإِنَّ لَهَا أَنْ تَسْتَعْمِلَ غَيْرَهَا وَالْمُرَادُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ أَنْ يَقُولَ لَهُ اعْمَلْ بِنَفْسِك أَوْ بِيَدِك وَلَا تَفْعَلُ بِيَدِ غَيْرِك كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَمَّا إذَا قَالَ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ مَا إذَا أَطْلَقَ كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ رَجُلَيْنِ لِيَحْمِلَا لَهُ خَشَبَةً إلَى مَنْزِلِهِ بِدِرْهَمٍ فَحَمَلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِي الْعَمَلِ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدَهُمَا لِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ وَلَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ يَجِبُ كُلُّ الْأَجْرِ بَيْنَهُمَا وَقَيَّدَ بِاشْتِرَاطِ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَطَا عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا فَلَمْ يَفْعَلْ فَطَالَبَهُ صَاحِبُهُ مَرَّاتٍ فَفَرَّطَ حَتَّى سُرِقَ لَا يَضْمَنُ وَأَجَابَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ بِالضَّمَانِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ غَيْرَهُ) لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَمَلٌ فِي ذِمَّتِهِ وَيُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ وَبِالِاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ إيفَاءِ الدَّيْنِ وَأَشَارَ بِكَوْنِهِ لَهُ الِاسْتِئْجَارُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الدَّفْعُ إلَى غَيْرِهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ دَفَعَ غَزْلًا إلَى رَجُلٍ لِيَنْسِجَهُ كِرْبَاسًا فَدَفَعَ هُوَ إلَى آخَرَ لِيَنْسِجَهُ فَسُرِقَ مِنْ يَدِهِ إنْ كَانَ الثَّانِي أَجِيرًا لِلْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَجْنَبِيًّا ضَمِنَ الْأَوَّلُ دُونَ الْآخَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا فِي الْأَوَّلِ ضَامِنٌ مُطْلَقًا وَفِي الْأَجْنَبِيِّ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْآخَرَ
[اسْتَأْجَرَهُ لِيَجِيءَ بِعِيَالِهِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ فَجَاءَ بِمَا بَقِيَ]
(قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَجِيءَ بِعِيَالِهِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ فَجَاءَ بِمَا بَقِيَ فَلَهُ أَجْرُهُ بِحِسَابِهِ) لِأَنَّهُ أَوْ فِي بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَيَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِقَدْرِهِ وَمُرَادُهُ إذَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الْمَنْعِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَدَّمَ هَذَا الشَّارِحُ فِي الْقَضَاءِ أَنَّ الْحَبْسَ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ فَلَعَلَّهُ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ عَدَمِ الْمَنْعِ أَيْ عَدَمُ الْحَبْسِ لِلْعَيْنِ فَسَقَطَ مِنْ خَطِّ الْكَاتِبِ ذَلِكَ أَوْ مَعْنَاهُ تَرْجِيحُ مَنْعِ الْحَبْسِ لَهَا شَرْعًا وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ بَدَلٌ عَنْ الْإِضَافَةِ تَأَمَّلْ اهـ.
قُلْت لَا يَخْفَى بُعْدُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ هُنَا بَلْ الْمُرَادُ الْمُتَبَادِرُ الْمَنْعُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute