للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَيَقْعُدُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَلَوْ شَكَّ فِي الْوِتْرِ وَهُوَ قَائِمٌ أَنَّهَا ثَانِيَتُهُ أَوْ ثَالِثَتُهُ يُتِمُّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَيَقْنُتُ فِيهَا وَيَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَيَقْنُتُ فِيهَا أَيْضًا هُوَ الْمُخْتَارُ إلَى هُنَا عِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سُجُودَ السَّهْوِ فِي مَسَائِلِ الشَّكِّ تَبَعًا لِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي إغْفَالُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ السُّجُودُ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الشَّكِّ سَوَاءٌ عَمِلَ بِالتَّحَرِّي أَوْ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَتَرَكَ الْمُحَقِّقُ قَيْدًا لَا بُدَّ مِنْهُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي إغْفَالُهُ وَهُوَ أَنْ يَشْغَلَهُ الشَّكُّ قَدْرَ أَدَاءِ رُكْنٍ وَلَمْ يَشْتَغِلْ حَالَةَ الشَّكِّ بِقِرَاءَةٍ وَلَا تَسْبِيحٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ لَكِنْ ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّ فِي فَصْلِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَقَلِّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَفِي فَصْلِ الْبِنَاءِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ أَنَّ شَغْلَهُ تَفَكُّرَهُ مِقْدَارَ أَدَاءِ الرُّكْنِ وَجَبَ السَّهْوُ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

وَكَأَنَّهُ فِي فَصْلِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَقَلِّ حَصَلَ النَّقْصُ مُطْلَقًا بِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ جَابِرٍ وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي النُّقْصَانُ بِطُولِ التَّفْكِيرِ لَا بِمُطْلَقِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَوَهَّمَ مُصَلِّي الظُّهْرَ أَنَّهُ أَتَمَّهَا فَسَلَّمَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَتَمَّهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَعَلَ كَذَلِكَ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَلِأَنَّ السَّلَامَ سَاهِيًا لَا يَبْطُلُ لِكَوْنِهِ دُعَاءً مِنْ وَجْهٍ قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَوْ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا الْجُمُعَةُ أَوْ كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ فَظَنَّ أَنَّ فَرْضَ الظُّهْرِ رَكْعَتَانِ أَوْ كَانَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَظَنَّ أَنَّهَا التَّرَاوِيحُ فَسَلَّمَ أَوْ سَلَّمَ ذَاكِرًا أَنَّ عَلَيْهِ رُكْنًا فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ لِأَنَّهُ سَلَّمَ عَامِدًا وَفِي الْمُجْتَبَى وَلَوْ سَلَّمَ الْمُصَلِّي عَمْدًا قَبْلَ التَّمَامِ قِيلَ تَفْسُدُ وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ حَتَّى يَقْصِدَ بِهِ خِطَابَ آدَمِيٍّ اهـ.

فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفْسُدَ فِي هَذَا الْمَسَائِلِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَمُرَادُهُ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ الْعِلْمُ بِعَدَمِ تَمَامِهَا لِيَدْخُلَ فِيهِ مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً أَوْ تِلَاوِيَّةً بَعْدَ السَّلَامِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ وَإِنْ انْصَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ لِأَنَّ سَلَامَهُ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ بَعْدَ هَذَا السَّلَامِ صَارَ دَاخِلًا فَإِنْ سَجَدَ سَجَدَ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ صُلْبِيَّةً وَفَسَدَتْ صَلَاةُ الدَّاخِلِ بِفَسَادِهَا بَعْدَ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَوَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الدَّاخِلِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ فِي فَرْضٍ رُبَاعِيٍّ مَثَلًا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْأَرْبَعِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ مُقِيمًا وَرَكْعَتَيْنِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا وَإِنْ كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ فَانْصَرَفَ إنْ جَاوَزَ الصُّفُوفَ خَلْفَهُ أَوْ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً فَسَدَتْ فِي الصُّلْبِيَّةِ وَتَقَرَّرَ النَّقْصُ وَعَدَمُ الْجَبْرِ فِي التِّلَاوَةِ وَإِنْ مَشَى أَمَامَهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَحُكْمُهُ إنْ كَانَ لَهُ سُتْرَةٌ بَنَى مَا لَمْ يُجَاوِزْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سُتْرَةٌ فَقِيلَ إنْ مَشَى قَدْرَ الصُّفُوفِ خَلْفَهُ عَادَ أَوْ أَكْثَرَ امْتَنَعَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اعْتِبَارًا لِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ بِالْآخَرِ

وَقِيلَ إنْ جَاوَزَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ لَا يَعُودُ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ فِي حُكْمِ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ فَكَانَ مَانِعًا مِنْ الِاقْتِدَاءِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَذَكَرَ فِي التَّجْنِيسِ إذَا سَلَّمَ الرَّجُلُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ فَسَجَدَ ثُمَّ تَكَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً إنْ تَرَكَهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَصَارَتْ قَضَاءً وَانْعَدَمَتْ نِيَّةُ الْقَضَاءِ وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَا تَفْسُدُ إلَّا رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَنَابَتْ سَجْدَتَا السَّهْوِ وَعَنْ الصُّلْبِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا سَلَكَ لِلْفَجْرِ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ فَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَانْصَرَفَ نِيَّتُهُ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَا تَنْصَرِفُ السَّجْدَةُ إلَى غَيْرِ الْقَضَاءِ اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا سَلَّمَ سَاهِيًا وَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ فَإِنْ كَانَتْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ يَأْتِي بِهَا وَفِي ارْتِفَاضِ الْقَعْدَةِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ رِوَايَةُ الِارْتِفَاضِ وَإِنْ كَانَتْ صُلْبِيَّةً يَأْتِي بِهَا وَتُرْفَضُ الْقَعْدَةُ اهـ.

وَفِي التَّجْنِيسِ إذَا صَلَّى رَجُلٌ مِنْ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَزَعَمَ أَنَّهُ أَتَمَّهَا فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ فَكَبَّرَ يَنْوِي الدُّخُولَ فِي سُنَّةِ الْمَغْرِبِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ

ــ

[منحة الخالق]

أَوْ الْخَامِسَةُ أَوْ أَنَّهَا الثَّالِثَةُ أَوْ الْخَامِسَةُ ثُمَّ ذَكَرَ الْحُكْمَ كَمَا هُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى فَقَطْ

[تَوَهَّمَ مُصَلِّي الظُّهْرَ أَنَّهُ أَتَمَّهَا فَسَلَّمَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ]

(قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفْسُدَ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْأَوَّلُ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي كُتُبٍ عَدِيدَةٍ مُعْتَمَدَةٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي التَّجْنِيسِ إذَا سَلَّمَ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أُصُولٍ أَحَدُهَا أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي أَدَاءِ السَّجْدَتَيْنِ لَيْسَ بِشَرْطِ ثَانِيهَا أَنَّ الْمَتْرُوكَةَ إذَا قُضِيَتْ اُلْتُحِقَتْ بِمَحَلِّهَا وَصَارَتْ كَالْمُؤَدَّاةِ فِي مَحَلِّهَا ثَالِثُهَا أَنَّ سَلَامَ السَّاهِي لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ رَابِعُهَا أَنَّ السَّجْدَةَ إذَا فَاتَتْ عَنْ مَحَلِّهَا لَا تَجُوزُ إلَّا بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ وَمَتَى لَمْ تَفُتْ عَنْ مَحَلِّهَا تَجُوزُ بِدُونِ نِيَّةِ الْقَضَاءِ وَإِنَّمَا تَفُوتُ عَنْ مَحَلِّهَا بِتَخَلُّلِ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ وَبِمَا دُونَ الْكَامِلَةِ لَا تَفُوتُ عَنْ مَحَلِّهَا لِأَنَّهُ مَحَلُّ الرَّفْضِ وَتَمَامُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>