للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظُّهْرَ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَفِي الْمُضْمَرَاتِ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَأَشَارَ أَيْضًا إلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَفِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ لَا يَسْجُدَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لِتَوَهُّمِ الزِّيَادَةِ مِنْ الْجُهَّالِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ إذَا قَامَ هَذَا الْمَسْبُوقُ إلَى قَضَائِهِ كَانَ مُخَيَّرًا فِي الْقِرَاءَةِ إنْ شَاءَ جَهَرَ، وَإِنْ شَاءَ خَافَتَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَيْضًا، وَفِي الْمُجْتَبَى، وَلَوْ زَحَمَهُ النَّاسُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ السُّجُودَ فَوَقَفَ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَهُوَ لَاحِقٌ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ اهـ.

وَقَيَّدْنَا الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ الْعِيدَ اتِّفَاقًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَذَكَرَ فِي السِّرَاجِ أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَمْ يَصِرْ مُدْرِكًا لِلْعِيدِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُنْتَقَى مُسَافِرٌ أَدْرَكَ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي التَّشَهُّدِ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ اهـ.

وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِمَا فِي الْمُتُونِ مُقْتَضٍ لِحَمْلِهَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ وَاجِبَةً عَلَى الْمَسْبُوقِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً فَإِنَّهُ يُتِمُّ ظُهْرًا.

(قَوْلُهُ وَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ فَلَا صَلَاةَ، وَلَا كَلَامَ) لِمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يَكْرَهُونَ الصَّلَاةَ وَالْكَلَامَ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ وَلِأَنَّ الْكَلَامَ يَمْتَدُّ طَبْعًا فَيُخِلُّ بِالِاسْتِمَاعِ وَالصَّلَاةُ قَدْ تَسْتَلْزِمُهُ أَيْضًا وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُهُمَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ إذَا خَرَجَ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ وَإِذَا نَزَلَ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْخُرُوجَ قَاطِعٌ لِلصَّلَاةِ، وَفِي الْعُيُونِ الْمُرَادُ إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ أَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْكَلَامِ فَيُكْرَهُ إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفَسَّرَ الشَّارِحُ الْخُرُوجَ بِالصُّعُودِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَذَكَرَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ يَعْنِي خَرَجَ مِنْ الْمَقْصُورَةِ وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِدِ مَقْصُورَةٌ يَخْرُجُ مِنْهَا لَمْ يَتْرُكُوا الْقِرَاءَةَ وَالذِّكْرَ إلَّا إذَا قَامَ الْإِمَامُ إلَى الْخُطْبَةِ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَبَّارُهُ الْخُرُوجِ وَارِدَةٌ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ مِنْ أَنَّهُمْ يَتَّخِذُونَ لِلْإِمَامِ مَكَانًا خَالِيًا تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ فَيَخْرُجُ مِنْهُ حِينَ أَرَادَ الصُّعُودَ هَكَذَا شَاهَدْنَاهُ فِي دِيَارِهِمْ، وَالْقَاطِعُ فِي دِيَارِنَا يَكُونُ قِيَامُ الْإِمَامِ لِلصُّعُودِ اهـ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ إنْ كَانَ فِي خَلْوَةٍ فَالْقَاطِعُ انْفِصَالُهُ عَنْهَا وَظُهُورُهُ لِلنَّاسِ وَإِلَّا فَقِيَامُهُ لِلصُّعُودِ وَأُطْلِقَ فِي الصَّلَاةِ فَشَمَلَ السُّنَّةَ وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ «إذَا قُلْت لِصَاحِبِك وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْت» فَإِنَّهُ يُفِيدُ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ مَنْعَهُمَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ أَعْلَى مِنْ السُّنَّةِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا قِيلَ تَحْرِيمُ الْكَلَامِ فِيهَا دَفْعًا لِلْمُعَارَضَةِ، وَجَوَابُهُمْ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا أَمْسَكَ عَنْ الْخُطْبَةِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ كَمَا أَجَابُوا بِهِ فِي وَاقِعَةِ سُلَيْكٍ الْغَطَفَانِيِّ فَغَيْرُ مُنَاسِبٍ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ يَمْنَعُ الصَّلَاةَ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ خَرَجَ وَهُوَ فِي السُّنَّةِ يَقْطَعُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ اهـ.

وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَعَزَاهُ قَاضِي خان إلَى النَّوَادِرِ قَالَ فَإِذَا قَطَعَ يَلْزَمُهُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ إذَا شَرَعَ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ افْتَتَحَ الْخُطْبَةَ أَوْ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ ثُمَّ أُقِيمَتْ هَلْ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتِمُّ، وَلَا يَقْطَعُ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَاجِبَةٍ اهـ.

وَكَذَا فِي الْمُبْتَغَى بَالِغِينَ الْمُعْجَمَةِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَضَاءُ فَائِتَةٍ لَمْ يَسْقُطْ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَقْتِيَّةِ فَإِنَّهَا لَا تُكْرَهُ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِيهَا لِمَا قَدَّمَهُ أَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ بِمَعْنَى الشَّرْطِ، وَأَطْلَقَ فِي مَنْعِ الْكَلَامِ فَشَمَلَ الْخَطِيبَ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَيُكْرَهُ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ إلَّا إذَا كَانَ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ فَلَا يُكْرَهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ فَقَالَ لَهُ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ فَقَالَ لَهُ: مَا زِدْت حِينَ سَمِعْت النِّدَاءَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْت فَقَالَ وَالْوُضُوءَ أَيْضًا، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَمَرَ

ــ

[منحة الخالق]

[أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِمَا فِي الْمُتُونِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُخَرَّجٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ جَزَمَ بِهِ لِاخْتِيَارِهِ إيَّاهُ وَالْمُسَافِرُ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي الرَّدِّ عَلَى مُحَمَّدٍ.

[الصَّلَاةَ وَالْكَلَامَ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَة]

(قَوْلُهُ وَهُوَ أَعْلَى مِنْ السُّنَّةِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ) كَانَ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطَ قَوْلِهِ وَهُوَ لِيَكُونَ قَوْلُهُ أَعْلَى خَيْرًا الْآنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>